غابوا.. كما غبت.. فبعد عودة الغائب.. هاهو يعود..! إلى هكذا تنساب «وجدانيات» الفقيد العلامة عبدالله العثيمين في قصيدة كتبها - رحمه الله - بعد عودته، من دراسته في اسكتلندا، إلى بلدته عنيزة سنة 1972م التي جعل منها عنوان لأحد دواوينه.
طربت ما ذا على المشتاق أن طربا
لما دنت لحظات نحوهنَّ صبا؟
أرست على مدرج الأمجاد طائرتي
وموعدي مع أحلامي قد اقتربا
حيث التي أسرت قلبي تعانقني
وتمسح الهم عن عينيَّ والتعبا
كم قد مكثت بعيدا عن مفاتنها
أغالب السهد في سكتلند مغتربا
وكم بعثت أناشيدي لأخبرها
أني على العهد طال الوقت أم قربا
لواعج الشوق كم كانت تؤرقني
وكامن الوجد كم أذكى دمي لهبا
من كان مثلي بالفيحاء تعلقه
فلا غرابة إن عانى ولا عجبا
أحلى العرائس ما من عاشق
لمحت عيناه فتنتها إلا لها خطبا
تنام ما بين جال كله شمم
وبين كثبان رمل كلهن إبا
وإن تأملت أزياء تتيه بها
رأيت من بينها الَبرْحيَّ والعنبا
حبيبتي أنت يا فيحاء ملهمتي
ما خطه قلمي شعرا وما كتبا
رجعت من غربتي كي أستريح
على رُبا قلبي المُضنى أعزُ رُبا
هنا سمعت أهازيجا مرتلة
وعشت أيام أشواق وعهد صبا
تعيد لي صورة الملهوف كاملة
الناس، والشارع المسقوف، والعتبا
وصورتي كل يوم حاملا بيدي
إلى العزيزية الكراس والكتبا
ومعهدا كان لي فيه سنا أمل
وإخوة جمعوا الأخلاق والأدبا
غابوا كما غبت، عن أركان مسرحه
ومزقتهم ظروف دبّرت إربا
فواحد ضاع في أعماق وحدته
وآخر عن قوافي شعره رغبا
وثالث حزَّ في نفسي تغيبه
وإن يكن لذرا الأمجاد قد طلبا
ما زلت مثل كثير من أحبته
ليوم عودته المأمول مرتقبا