جاكرتا - عوض مانع القحطاني:
تختتم في العاصمة الإندونيسية جاكرتا غداً الخميس أكبر مسابقة لحفظ القرآن الكريم بين متنافسين من 24 دولة يمثِّلون دول آسيان والباسيفيك في الدورة السابعة من مسابقة الأمير سلطان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية التي تتبناها سنوياً مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية.
وتحظى هذه المسابقة المتفردة باهتمام وتفاعل مميز من الدول المشاركة، حيث تتزايد بشكل ملحوظ أعداد المتنافسين منذ انطلاقة المسابقة قبل سبع سنوات، فيما يقام الحفل الختامي غداً برعاية فخامة الرئيس الإندونيسي وحضور صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز رئيس مجلس أمناء مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية بالقصر الرئاسي في العاصمة جاكرتا، وسط اهتمام اعلامي مميز وحضور لافت لعلماء مسلمين من معظم الدول المشاركة، الأمر الذي يجسد أهمية برنامج المسابقة، ووصول رسالتها الى أبناء الدول المشاركة باعتبارهم جزءاً أصيلاً من الأمة الإسلامية.
حول أهداف المسابقة وما حققته من نجاح يقول صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلطان بن عبدالعزيز أمين عام مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية: لـ»الجزيرة»: إن هذه المسابقة تعد إحدى صور مبادرات الخير التي تبناها سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز (يرحمه الله) في إطار حرصه على خدمة كتاب الله الكريم، والعمل على تطبيق السنة النبوية الشريفة كمنهاج حياة، وهي تهدف الى تشجيع أبناء المسلمين في دول آسيان والباسفيك على حفظ كتاب الله الكريم وتجويده وترتيله وتدبر معانيه، وكذلك حفظ السنة النبوية، كما نسعى من خلال هذا البرنامج إلى ربط الجيل الجديد في هذه الدول بالقرآن والسنة، والاهتداء بأحكامهما والتخلق بآدابهما.
ويضيف سموه: «ولا شك أن المسابقة تسهم في تعزيز روابط الاخوة بين المسلمين في تلك الدول، وترسخ قيم الإسلام الصحيح في قلوب وعقول الناشئة، وتعرفهم بوسطية الإسلام الذي يدعو الى السلام والتعايش والتكافل».
ويشير سمو الأمير فيصل الى أن سمو الرئيس الأعلى للمؤسسة - يرحمه الله - كان حريصاً على استمرارية هذه المسابقة وتوسيع دائرة المشاركين بها، خاصة بعدما حققته من تفاعل مميز منذ انطلاقتها.
وذكر سموه أن أهداف المسابقة تتسم بشمول رؤية أمَّتِنا الإسلامية في أشدِّ الحاجة إليها لتستعيد دورها الريادي، وتصبح بحقٍّ، «خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ». تلك الأهداف التي ظلّت تشغل من اقترنت المسابقة باسمه الكريم،- طيب الله ثراه - وتشكِّل جزءاً من رؤيته الاستراتيجية، في كلِّ ما يُعِين على شؤون الدعوة، ويعمل على إعلائها فبذل جهده لتحقيقها.
وتبنت مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية هذه المسابقة بالتعاون مع وزارة الشئون الدينية الإندونيسية وتحت اشراف لجنة تحكيم خاصة من قبل الأمانة العامة لمسابقة القرآن الكريم الدولية بوزارة الشئون الإسلامية والدعوة والاوقاف، ووفرت لها المؤسسة كافة مقومات الاستمرار والنجاح باعتبارها جسر تواصل بين المسلمين في العديد من الدول في هذه المنطقة المهمة من العالم.
وتضم المسابقة خمسة فروع، أربعة منها لحفظ القرآن الكريم كاملاً أو أجزاء منه، والخامس لحفظ السنة النبوية، وتم تخصيص جوائز قيمة للفائزين الثلاثة الأوائل في كل فرع من الفروع الخمسة، تتراوح قيمتها بين 15 ألف ريال وخمسة آلاف ريال، كما يُمنح الفائزون فرصة لأداء مناسك الحج.
ويمنح المتسابق ومرافق له تذكرة سفر ذهاباً واياباً من عاصمة الدولة التي يمثلها، كما يتم توفير وسائل الانتقال الداخلية والسكن والاعاشة لمدة خمسة أيام، فيما يتولى أعضاء من لجنة تحكيم المسابقة الدولية للقرآن الكريم بمكة المكرمة مهمة تحكيم هذه المسابقة.
ويشارك في فعاليات هذه الدورة نحو 140 متسابقاً يمثلون دول إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة والفلبين وتايلاند وبروناي وفيتنام ولاوس وتيمور الشرقية ومينمار وأستراليا ونيوزيلندا وأوزبكستان وكيرغيستان وطاجكستان وكازاخستان وكوريا الجنوبية وكمبوديا وروسيا والبوسنة وكرواتيا».
من جهته قال السفير مصطفى بن إبراهيم المبارك سفير خادم الحرمين الشريفين لدى اندونيسيا، ونائب رئيس اللجنة العليا للمسابقة - توجه بالدعاء الى الله سبحانه وتعالى أن يجزي صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز خيراً عن هذه المسابقة، وأن يجعل ثوابها في ميزان حسناته، وأن يديم على المملكة العربية السعودية الامن والاستقرار، وأن يحفظ ولاة أمرنا الذين رعوا كتاب الله وتمسكوا بسنة نبيه. وأكد المبارك على أن نجاح هذه المسابقة يُعد نجاحاً لكافة منسوبي السفارة السعودية في جاكرتا، ولكل من ينتمي لأرض الحرمين الشريفين، داعياً المتنافسين الى أن يُسَخّروا ما حفظوه من كتاب الله وأحاديث نبيه في خدمة أمتهم والمسلمين جميعاً. ومن جانبه ألقى الأستاذ صالح بن إبراهيم الخليفي مدير عام مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية الضوء على أهمية هذه المسابقة في اطار استراتيجية المؤسسة فيما يتعلق بالتواصل الحضاري وتصحيح الصورة الذهنية السلبية عن العرب والمسلمين، قائلاً: «إنّ سمو الرئيس الأعلى للمؤسسة - يرحمه الله - صاغ رؤية شاملة لهذا الصرح من خلال كلماته التي قال فيها «إن هذه المؤسسة هي أحد روافد الخير في مملكة الإنسانية وصورة مشرفة لما يتميز به بلدنا من تكافل وتراحم، وأيضا لما وصلت إليه مؤسسات العمل الخيري والإنساني في المملكة من تطور وتكامل».. ومن ثم كان للمؤسسة السبق في السعي لتجسير الفجوة بين الثقافات المختلفة ومحاولة التواصل الحضاري وإقامة حوار علمي عقلاني مع الآخرين بما يسهم في تبادل الرأي والاستفادة مما حققه الغرب من نجاحات في علوم مختلفة، وكذلك تصحيح الصورة الذهنية السلبية عن العرب والمسلمين.
وفي هذا الإطار تواصل المؤسسة برنامجها الذي يتضمن - الى جانب مسابقة الأمير سلطان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية لدول آسيان والباسفيك - إبرام عدد من اتفاقيات التعاون مع جامعات أمريكية وأوربية وآسيوية ومنظمات ثقافية وإنسانية عالمية، ومن ذلك «برنامج سلطان بن عبدالعزيز آل سعود للدراسات العربية والإسلامية» والذي يتواصل منذ العام 1998م، ويتألف من خمسة أفرع رئيسة: برنامج البحوث العامة، برنامج الأستاذ الزائر وطلاب الدراسات العليا، صندوق تمويل الدراسات العربية (ويشمل الثقافة والتاريخ والعلوم الاجتماعية، والمجالات المهنية)، وصندوق المؤتمرات وحيازة الكتب المهمة والمخطوطات النادرة باللغة العربية، و»مركز الملك عبدالعزيز لدراسات العلوم العربية والإسلامية بجامعة بولونيا بإيطاليا» حيث يتواصل هذا البرنامج بنجاح في خدمة الدراسات والعلوم العربية والإسلامية المتخصصة في مجالات اللغة والتاريخ والاجتماع وعلم الإنسان ودعم البحوث والدراسات العليا المتخصصة، إلى جانب «مركز تعليم اللغة العربية بجامعة موسكو للعلاقات الدولية».