د. سلطان بن راشد المطيري
رجعت لوطنك منتصرا، عالي الهام تحمد الله وتثني عليه. عدت والعود أحمد، فأهلا وسهلا ومرحبا بسيد الدار وإمامها، من له القلوب تشتاق وبفعله ترتفع الهامات وتشرئب الأعناق، سلمان العرب صدقا وسلمان الإسلام عدلا، تزينت لك الدار، وفرح الأهل والأصحاب بمقدمك الميمون.
سيدي الملك سلمان أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هذه الحياة دُول ولكل زمان دولة ورجال، ولا يقع في ملك الله إلا ما يشاء ربنا ويقدر، ونحن اليوم نعيش في أحسن أحوالنا خاصة إذا قارنا واقعنا مع حال جيراننا من الدول المجاورة وإخواننا العرب في الظروف والأحوال التي يعيشونها نسأل الله أن يرفع عنهم كربهم ويكشف الغمة عنهم وعن أوطانهم.
فدولتنا- ولله الحمد- من أكثر البلدان استقرارا وتطورا ونماء، وبلادنا متماسكة في الداخل والخارج على قلب رجل واحد وهذا توفيق من الله.
وحكامنا من أعدل الحكام وأقربهم إلى شعوبهم.
بل من الإنصاف ألا نقارنهم بغيرهم من الحكام لسبب واضح بين ذاك أنهم الحكام الذين يحكمون بما أنزل الله كما قال في سورة المائدة {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (50) سورة المائدة.
على ذلك فإننا نحمد الله صباح مساء على هذا الوطن العظيم وعلى هؤلاء الحكام الأفذاذ وعلى هذا الحكم الذي يرضى الله عنه ويحبه.
واليوم يقود الدفة والمسيرة قائد محنك، هو سيدي الملك سلمان بن عبدالعزيز- سلّمه الله- الذي حقق خلال الأيام التي مضت التالي وبشهادة الجميع:
1- ربط بين قارة آسيا وقارة أفريقيا من خلال جسر الملك سلمان الذي سيربط بين مصر من أفريقيا والمملكة العربية السعودية من قارة آسيا يقال أحد العلماء إذا ارتبطت قارة آسيا بقارة أفريقيا فهذا أول نصر الإسلام وأهله.
2- حقق لإخواننا المصريين أمنا غذائيا ونفسيا، واستقرارا تنمويا واقتصاديا وعلميا وفكريا وأمنيا من خلال أكبر حزمة في التاريخ تقدم لمصر من بلد آخر يتمثل ذلك في إقامة جامعة في قلب الإرهاب وجسر يربط بين البلدين ومشاريع إنمائية وإسكانية وزراعية، ومشتقات بترولية لخمسة أعوام قادمة في سابقة في التاريخ الحديث ولعمر الله هكذا يندحر الإرهاب بالتطور والتنمية والتطوير والتدريب والتوعية.
3- أعاد جزيرتي تيران وصنافر بعد أن كانتا برعاية إخواننا المصريين لعقود مضت بموجب معاهدات سابقة ليقول للعالم نحن نقدر أن نحمي أراضينا، بل حدد الحدود البحرية مع الشقيقة مصر لينهي حقبة معلقة من التاريخ وينزع فتيل الخلافات والاختلافات المستقبلية.
4- أعلن من خلال البرلمان المصري أننا قوة لايستهان بها إذا توحدنا في أول خطاب لقائد عربي في البرلمان المصري ليؤكد بذلك أننا والمصريين شعب واحد في خندق واحد نقتسم لقمة العيش ونلتحف السماء ونحمي أمتنا ومقدراتها.
5- أعطى إخواننا المصريين عطاء بلا حساب أكثر من ستين مليونا، ومئات المشاريع العملاقة، جامعة عالمية، جسر بين البلدين، مزارع، بيوت سكنية، مشتقات نفطية لخمس سنوات، ليحقق المقولة المشهورة هذا عطاء من لا يخشى الفقر، أعطاهم لإحساسه بأن نهضتهم تبدأ من خلال تجاوز الحاجة والإرهاب يولده الفقر والبطالة والعوز فكان سلمان العرب المجدد، لمصر نعم المعين ونعم الناصر، وصفقنا له طويلا ودعينا له بالتوفيق والسداد والتمكين.
6- استطاع سيدي في مصر أن يغير الحسابات ويغير المعادلات ويقلب ملايين الطاولات ليقول كما قال الله في سورة فصلت {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (34) سورة فصلت عادت مصر واندحر الأعداء والعالم يترقب.
7- بعث سيدي برسائل لأعداء الأمة أننا نهضنا من كبوتنا وسنعود لسابق عهدنا بناء للأرض وتعميرا لها وحفظا لمقدرات الأمم والشعوب فتاريخنا يشهد بذلك وواقعنا يصدقه لقد صفع سيدي الأعداء مجتمعين ومن لف لفهم عن قوس واحد فجعلهم شذر مذر، وهو يحمل هم أمته على ظهره، ويعيد مصرا لدورها الريادي، أعطى مصركأنه يعطي المملكة وهذا الواقع فمصر نحن ونحن مصرقال الله {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} (60) سورة الأنفال.
8- يعلم سيدي بثاقب بصره أن هذه الأموال ستعود بالنفع على الأمتين العربية والإسلامية وعلينا نحن السعوديين والمصريين، بل على العالم أجمع فسوف تنهض مصرويندحر الإرهاب ويضمحل وتعود مصرنا براقة في واقعها الذي كانت ومازالت عليه سندا لأمتها وذودا عن مقدراتها.
ليقول سيدي الملك سلمان كل الأموال ترخص لأجل ذلك فكم من دول ضاعت أموالها وهي تحارب شعوبها، فما نفعتها أموالها بل عادت وبالا عليها وعلى أوطانها ومواطنيها تدميرا وخرابا وقتلا وتهجيرا.
9- رسائل انطلقت من هذه الاتفاقيات وهذا الحزم من المشاريع أننا- ولله الحمد- في السعودية عندنا المال وميزانياتنا لم تؤثر فيها الأحداث الدائرة، وأن أموالنا نعرف كيف نستثمرها ومتى نستثمرها، ونعرف كيف نلقم أعداءنا حجرا، ونعيدهم القهقرى، أموالنا في أيدينا وليست في قلوبنا، رضى ربنا أولا ونصرة أمتنا ثانيا هكذا نحن السعوديين.
وبعد أن ودع سيدي مصر الكنانة وهي تبكي عليه، بأكثر مما استقبل به وهو يحمل للأمة المصرية البشائر والأفراح بل جعل قلوب المصريين قبل ألسنتهم تلهج لله بالدعاء وهي ترى هذا القائد العربي المسلم يلامس جراحاتهم ويعيدهم بأفضل مما كانوا ويؤكد على الدور العظيم والقيادي لمصر العروبة ومصر الإسلام يسترخص في ذلك التعب والمال والجهد بوفد قلما وصل لمصر مثله، وجهد لم يبذل لبلد كبذله، لا يشبهه إلا الغيث اذا هما، مصر الشقيقة مصر الحبيبة مصر البعد العربي والاسلامي، لينهي سيدي زيارته لمصر بكلمته التاريخية من خلال تغريدته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» قال فيها: لمصر في نفسي مكانة خاصة، ونحن في المملكة نعتز بها، وبعلاقتنا الاستراتيجية المهمة للعالمين العربي والإسلامي، حفظ الله مصر، وحفظ شعبها.
* * *
بعد ذلك توجه سيدي الملك سلمان من مصر العروبة والإسلام متجها إلى تركيا أبرز دول العالم الإسلامي وأقواها اقتصادا وحضورا ودبلوماسية ومناصرة لقضايا العالم الإسلامي المعاصرة ومناطق الصراع المتأججة، ليؤكد للجميع أننا ومن خلال تحالفاتنا مع أشقائنا في العالم الإسلامي نسعى لكبح جماع قوى التطرف ووقف النزيف في العالم الإسلامي في سوريا واليمن و ليبيا وفي كل مكان لنا فيه دم أو عرض أو ثقافة أو مال أو كيان، يعلن أننا سنقف سدا منيعا لهم وسنناصر قضاياهم ونكبت أعداءهم تطبيقا لتعليمات ديننا الحنيف كما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري من حديث أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:( انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصر.
سيدي سلمك حفظك الله، بعد هذا الجهد وهذا البذل، وقد عدت لنا سالما غانما، نحن شعبك هنا نحن من يحبك ويدعو لك بالتوفيق والسداد، ألا تستحق منا أن ندعو لك بطول العمر على طاعة الله، فقد جددت للأمة، وأعدت لها هيبتها، وحققت لها أخوتها، وطلبتها للاجتماع والتكاتف والوئام.
سيدي كنا معك أجزم بذلك، كنا نراقب ونسمع ونوثق للتاريخ، لم تكن لوحدك بل كل أبنائك السعوديين كانوا معك تأييدا ومناصرة ودعاء لك بالتوفيق.
نعلم أن الحمل ثقيل، وأن الرقع كبر على الراقع، لكنك أثبت ليس لنا أو للعرب والمسلمين بل للعالم أنك لا تعرف المستحيل!!
ولم يتسلل إلى قلبك اليأس!!
بل كنت جبلا وطودا شامخا لتعود لنا فرحا مسرورا بهذا الإنجاز، وهذا النصر المدوي.
ونحن نقابلك بالفرح فرحا وبالانجاز دعاء فسلمت لنا سلمان العطاء سلم قلبك ويراعك وروحك وجسدك، سلمت لنا وحفظك الله بحفظه، وبعينه التي لاتنام وبركنه الذي لايضام.
أعدت لنا مصر وكفى، وحققت اجتماع المسلمين وأنعم بها من خصلة!!
لم تخلد للراحة وأنت أحوج ما تكون لها، ولم يلهك بريق الأموال وأنت تنفقها على أمتك.
أهدافك عليا ونظراتك ثاقبة، وأمتك بين عينيك يا سلمان العرب والمسلمين.
سيدي أنت مجدد العصر!!
قد سبقني بها غيري لكنني أثبتها بالأحداث والوقائع، والشهود والشخوص والأدلة الواضحات البينات!!
لأعلن على رؤوس الأشهاد سيدي فسلمك الله وجازاك بالحسنات إحسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا وجعل هذه الأعمال في المتقبل من أعمالك الصالحة.
سدد الله يراعك وحفظ قلبك وعقلك وأبقاك لأمتك قائدا مجددا معطاء رحيما شفيقا عطوفا يرقب الله والدار الآخرة.