في عصرِ انفجار التقنية وتوسعها بشكل كبير أصبح من السهل التواصل بين الشعوب مهما بَعُدت المسافات فلا عُسر اتصالات ولا غياب رسائل بحجة أن ساعِي البريد أضاع الرسالة، فسرعة الاتصال واللامحدوديّة في المسافة خلقَ انسجاما بين الثقافات وتقبّل بعضهم لبعضِ باختلافاتهم دون تعجّب أو استنكارٍ لبعضهم؛ فكلّ الدولِ بدت ظاهرةً بما فيها من اختلافات كالمصابيحِ لا تتوارىَ عن الرائِي فخلق هذا الأمر انسجاما ومزجًا بين الدول فنرى في الدولةِ الواحدة مصنوعات عشرات الدول الأخرى من ملابس وأغذيَة ومنتجات والكترونيات. والتنوع الثقافي في جميع المجالات يثريه بمزيدٍ من الأفكارِ المتنوعة ويعجّل في تطويرها وهي من السمات الهامّة في المنظمات المعاصرة.
رغم مزايَا التنوع الثقافي إلا أنّه قد يُحدث في بيئات العملِ صعوبَةً في التواصل بين الموظفين ومعضلة في توصيلِ الأفكار بشكلها الأساسي، وبيئات العمل تحتاج إلى تواصل فعّالٍ لاستمرارية الأمورِ بصورتها الصحيحة، ولخلقِ المتعة في العمل والتواصل الفعال يتأثر بعوامل عديدة كاللغة والتصورات والعاطفة والثقافة وضعف التفسيرات والتكنولوجيا.
ومن أمثلة حواجز اللغة بين المرسل والمستقبِل أن هناكَ شركة بريطانية كانت على وشكِ الإفلاس وتلقت رسالة من إحدى الشركات باللغة الألمانية وتعذر عليهم فهم محتواها، ثم فيما بعد تبيّن أن الشركة كانت تطلب طلبيّة ضخمة كانت تخرجُهم من أزمة الإفلاس، لكن تعذرَ عليهم تفسير الرسالة وفهمها في الوقتِ المناسب.
وتتعدد الأمثلة في أن اختلاف اللغات وعدم إتقانها قد تسبب كوارثَ غير متوقعة فعلى سبيل المثال: في أثناء محاولة إحدى شركات السيارات تسويق سيارة جديدة صنعتها الشركة في إسبانيا لكن من صمم اللافتة الإعلانية أن الاسم الذي اختير للسيارة كانت بمعنى «لا تعمل» باللغة الإسبانية. تلكَ كارثة غير متوقعة للشركة بسبب مشكلة اللغة, وقد يعتقدُ بعضهم أن العواطف في بيئة العملِ لا معنى لها أو قد لا تخلقُ فارقًا رغم أنها من الأمورِ المهمة التي لابدّ أن تكون بين أفراد المجموعة وفعاليّة التواصل العاطفي تصنعُ بيئة عملٍ نقيّة خاليَة من النزاعات التي ستضر بالعملِ عاجلًا أو آجلا، لذلك لابد من تواصلٍ نزيهٍ بين أعضاء الفريق وحلّ النزاعاتِ وإطفائها من شرارتها الأولى حتى يكون الاتصال بينهم مفتوحاً ونزيها، ونزاهة المشاعر تُخلقُ عن طريقِ وضعِ اعتبارات لما يتكلم بهِ الشخص واحتساب التأثيرات التي ستفعلها كلماتهم فيما بعد في نفوسِ الآخرين، ومشكلة الثقافة تتبع التفسيرات حيث إن الاشارات غير اللفظية تختلف من ثقافة إلى أخرى، على سبيل المثال قد يسبب اتصال العين ارتباكًا أثناء التواصل مثلا نجد في الولايات المتحدة في ثقافة التواصل مع الآخرين المحافظة على اتصال العين، ويعد ذلك تصويراً للصدق بينما في بعض الثقافات الآسيوية لا يمكن التنبؤ بها وهي ترمز عادة إلى عدم الاحترام.
والحل لهذه المشكلات هو تعزيز احتضان التنوع الثقافي في أماكن العمل، لأن أماكن العمل التي يسمح للموظفين فيها بالتحدث بلغتهم تؤدي إلى تحيزات وصور نمطية عالية، والأثر المترتب على ذلك هو تهميش بعض الجماعات وتمييزهم مما يجعل من الصعوبة التعامل معهم، ويظهر مفهوم النزعة العرقية أيضا مع كل شخص يعرّف بثقافته ويتصور أن ثقافات الآخرين هي أقل شأناً لذلك لابدّ أن تتغير فكرة التحيز والبدء بتعزيز إيجابيات الاحتضان الثقافي وتنوعه.