الكويت أرض الصباح، أرض المحبة والسلام، أرض الخير، أرض العطاء والنماء.
يأتيها اليمنيون اليوم بعد أن مات منهم من مات، وتعوق من تعوق، بعد أن دمرت الحرب مناطق في البلاد، حتى أصبحت أثرا بعد عين.
يجلس الفرقاء في الكويت على طاولة المفاوضات في 18- ابريل الجاري لعلهم يصلون بهذه القضية إلى بر الأمان، وليس ذلك على الله بعزيز!!
فقد أعلن مجلس التعاون لدول الخليج العربية دعمه لمفاوضات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة بين الأطراف اليمنية والمزمع عقدها في دولة الكويت في 18 ابريل المقبل.
وأعرب الأمين العام المساعد للشؤون السياسية والمفاوضات بالأمانة العامة للمجلس الدكتور عبدالعزيز العويشق في بيان عن «الأمل في أن تسفر هذه المفاوضات عن تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن».
وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد قد أعلن أن محادثات السلام ستستأنف في 18 أبريل المقبل في دولة الكويت، معربا عن امتنان المنظمة لدولة الكويت لاستضافة الجولة المقبلة من محادثات السلام.
يأتي اليمنيون للكويت التي قدمت وأنفقت، وبنت لهم الجامعات والمستشفيات والبنية التحتية ومازالت تعطي وتنفق بسخاء، ومن غير منٍّ أو أذى، عطاء الأخ لأخيه، والمحب لمن يحب، واليمنيون يقرون بذلك ويعترفون.
يأتي اليمنيون للكويت التي تفتح ذراعيها وقلبها شأن المسلم الأصيل، والعربي الكريم الشهم، أملا في أن يؤتي هذا المؤتمر أكله، وأن تضع الحرب أوزارها.
تقول لليمنيين أهلا بكم في دار الصباح، وحياكم الله في دار أبو ناصر، حياكم الله عند إخوان مريم، حياكم الله في دار سلوى.
من جاءنا يريد تسجيل حضور فقط فلا مكان له بيننا، ومن جاء بأجندات وإملاءات خارجية، تحركه الطائفية، والفئوية، فليحتفظ بها لنفسه ونحن نعتذر منه مقدما.
الكويت كانت ومازلت واحة أمن وأمان، وأرض سلم وسلام، منذ نشأتها عرفت بذلك وعرف أهلها على مر التاريخ بأنهم منابع خير وأيادي عطاء.
وها هوالتاريخ يعيد نفسه إذ تستقبل الكويت على أرضها الفرقاء في الحرب الدائرة على أرض اليمن وعينها على أن توقف هذا الجرح النازف، وهذا الهدر للقوات والمقدرات.
بل أبعد من ذلك تسعى جاهدة بثقلها الكبير أن تضع الحرب أوزارها.
الكويت وكأنها تقول لكل الفرقاء كفاكم سفكا للدماء كفاكم عنادا، الرجوع للحق فضيلة، وحقن الدماء مطلب شرعي.
على أرض السلم والسلام وبرعاية كريمة من رجل السلام، قائد العمل الإنساني الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح رجل الدبلوماسية الأول في الوطن العربي، الحكيم، العقلاني، أبو الدبلوماسية، وحكيمها، ذو النظرة البعيدة والصائبة.
يناديهم اليوم على أرض الكويت وباسم الإسلام والأخوة يناديهم منطلقا من قول الله تعالى في سورة الحجرات،(وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين).
يناديكم منطلقا من قول الله تعالى في سورة الإسراء: وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا (53).
يناديهم وهم من هم، هم أهل الحكمة، والعقل، والرشد جاء في الحديث الذي رواه البخاري: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أتاكم أهل اليمن، هم أرق أفئدة وألين قلوباً، الإيمان يمان والحكمة يمانية، والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم».
وفي رواية له أيضاً: «الفقه يمان والحكمة يمانية».
يقول شراح هذا الحديث فالحديث المشار إليه في السؤال حديث صحيح رواه الشيخان، فقوله عليه الصلاة والسلام (وأرق أفئدة...) أي ألينها وأسرعها لقبول الحق واستجابة للداعي لأنهم أجابوا إلى الإسلام بدون محاربة للين قلوبهم، وقوله (ألين قلوباً) وفي رواية (أضعف قلوباً) أي أعطفها وأشفقها، وقوله (الإيمان يمان) أي الإيمان يماني، فنسب الإيمان إلى أصل اليمن إشعاراً بكمال إيمانهم، يناشدهم بهذه القلوب اليمنية اللينة الضعيفة، يناشدهم بالأفئدة الرقيقة يناشدهم بالقلوب المفعمة بالإيمان يناشدهم بهذا الإيمان اليماني، يناشدهم بقبول الحق والاستجابة للشيخ صباح الأحمد وهو يدعوهم للحق.
الله أكبر هل عجزت هذه الحكمة أن تضع الأمور في نصابها في المسألة اليمنية. وبين اليمنيين أنفسهم!!.
وهل عجز الحكمة هذه أن تنصف أهلكم وخاصتكم، مالكم كيف تحكمون.
لنجاح هذا المؤتمر المطلوب من كل المجتمعين التالي:-
1 - التجرد لله أولا ومراقبته، واستشعار وقوفهم بين يديه، وسؤاله لهم عن هذه الدماء المعصومة، والممتلكات، والحرث والنسل، التي أهلكتها الحرب الدائرة، وتهلك صباح مساء.
2 - الجلوس على طاولة المحاورات بنية صادقة أن يكون هذا المتحاور ممن ينصف الآخر من نفسه يقول الشافعي رحمه الله - « ما كلَّمت أحداً قط إلا أحببت أن يوفَّق ويسدد ويعان، ويكون عليه رعاية من الله وحفظ، وما كلمت أحداً قط إلا ولم أبال بيَّن الله الحقَّ على لساني أو لسانِه « الفقيه والمتفقه 49-2.
3 - التجرد من الحول والقوة إلا من حول الله وقوته وتسديده وتوفيقه، فإن بعض الناس يعتمد على حوله وقوته، ويثق في حول فلان وقوته، والحقيقة أن كل هذا بدون حول الله وقوته، لا يفيد شيئاً.
4 - التفكر في مآلات الأمور، وعودة المياه إلى مجاريها، وإيقاف هذا الجرح النازف، وإيقاف آلة الحرب، التي طالت الأخضر واليابس، وعودة الحياة إلى طبيعتها لأهلنا في اليمن، ويومئذ يفرح المؤمنون.
5 - المطلوب كثير وكثير جدا واليوم الشيخ صباح الأحمد بيده غصن زيتون وحمامة سلام وقبل ذلك مصحف، وفوق هذا الله يسمع ويرى، فهل منكم رجل رشيد، هل منكم رجل تحركه الحكمة اليمانية، التي طار بها الركبان، هل فيكم بقية عقل، ونظرة صائبة صادقة استشرافية للمستقبل، هاهي الأيدي تمتد لكم، ولعلها آخر المحاولات الصادقة، وليس بعدها إلا الدمار والخراب والطوفان، الذي طالكم، وسيأتي على البقية الباقية لكم، ومنكم.
6 - الأرض التي تجتمعون عليها هي الكويت، وهي ليست كبقية البلدان لكم، وصباح الأحمد شخصية لها ثقلها في العالم العربي والعالمي وقلبه قد احتواكم وكلمته يردد صداها العالم فأسمعوا له فإني لكم ناصح أمين، وهو لكم ناصح أمين، ولسان حاله يقول قال الله تعالى: أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ .
شكرا للكويت الكبيرة، شكرا لهذه المشاعر العظيمة، وهذه اللفتة الكبرى وشكرا لقائد العمل الإنساني بطل الحرب والسلام ونردد مع الشاعر الكبير خالد المريخي وهو يتغنى بالشيخ صباح الأحمد قائد الإنسانية:-
في سمانا لاح نورك ياصباح
في مقاليد الحكم وأنت الأمير
ياسياسي مخضرم ودربك كفاح
فطنتك معروفة وأنت صغير
كم تحديت العواصف والرياح
شامخ الهامة ولاتخشى خطير
أنت مديت الأيادي للصلاح
وحنا خلفك للبلد نسعى بخير
وبو فيصل لك عضيد ولك جناح
شيخنا نواف ابو قلب كبير
ياسلالة عز وطيور الفلاح
ديرتك تستاهلك وأنت الأمير
نعم هاهي أياديك تمتد للصلاح، وها أنت تتحدى العواصف والرياح لتقول لليمنيين الفرقاء كونوا عباد الله إخوانا، وكفانا وكفاكم سفكا للدماء، كفانا قتالا لأجل الاقتتال، أتى على الأخضر واليابس.
أذكركم الله أذكركم الوقوف بين يديه ولا تكونوا كمن قال الله عنهم في سورة البقرة وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206 .
نسأل الله أن يحفظ الكويت وأهلها وأميرها وحكومتها ويصلح قلوب إخواننا اليمنيين الفرقاء ويجمع بين قلوبهم ويحقن دماءهم ويردهم إلى الحق ويأطرهم عليه أطرا.
phsultan2. 13@hotmail.com