في شباط (فبراير) من كلّ عام، تنتظرشركات الهند أن يعلن وزير ماليّتها عن الموازنة الاتّحاديّة – وهو الإفصاح المالي الوطني الصادر عن حكومة الهند. وحتّى ذلك الحين، تبقى جميع القرارات الكبرى مجمّدة.
وهذه السنة، مرّ يوم إعلان الموازنة من دون أيّ مستجدّات تُذكَر. ولم تنعكس الإعلانات الحكوميّة بطريقة تُذكَرعلى خُطط الأعمال، وعاد الجميع إلى العمل. والواقع أنّ الهرج والمرج المرافقَين للموازنات السنويّة يسهمان في إبطاء وتيرة النموّ في البلاد. وبالتالي، آن الأوان لمراجعة هذا التقليد. وفي ما يلي ثلاثة أسباب تجعل ذلك ضروريّاً:
التخطيط الآني للاستراتيجيّات. في قطاع الأعمال العصري، ما عاد التخطيط المالي حدثاً سنويّاً. فالحكومة بحاجة إلى إظهار ردود فعل آنيّة. ومثالاً على ذلك، وعندما أغرقت الصين الهند بالحديد، مقوّضةً قطاعاً صناعيّاً برمّته، لم يكن بوسع الحكومة انتظار يوم الموازنة للرد على الإغراق الحاصل.
يعود سبب منح الهند موازنتها أهمية مبالغاً فيها إلى الدور الأساسي الذي كان يؤدّيه «المنيم» في الشركات التقليدية. والمنيم شخص كان يحظى في الماضي بثقة كبيرة لتولّى الحسابات، وإدارة النفقات،وضمان اتّزان موازنة. وكانت آراؤه بشأن الاستراتيجيّة نهائيّة وجازمة.
بيد أنّ الاستراتيجيّة اليوم ما عادت مسألة إبقاء الموازنة متّزنة، بل مسألة القيام بخطوات استراتيجيّة في الوقت المناسب.
سنّ القوانين وانتهاكها. سمح الاقتصاد الرقمي بتسارع وتيرة التغيير. وفي هذا السياق، يكفي التفكير في تأثير موقع «أمازون» على قطاع التجزئة، وموقعي «آيتيونز» و»سبوتيفاي» في قطاع الموسيقى، وموقع «إير بي أن بي» في قطاع الضيافة، وموقع «إكسبيديا» في قطاع السفر، وموقع «أوبر» في قطاع سيّارات الأجرة.
وبالتالي، كيف سيتسنّى لإجراء سنويّ حماية هذا النوع من القطاعات المتوارثة؟ في حقبة الاقتصاد الرقمي، تتطلّب الأعمال تحرّكاً حكوميّاً سريعاً في سياق المساعي الهادفة إلى تنظيم أداء المشاركين الجدد – وإلى ضمان الإنصاف للجميع.
العمل عبر الحدود. إنّها حقبة «التوريد الأفضل». وفي سياقها، يعمل عدد كبير من الدول على استقطاب الشركات باللجوء إلى تحفيزات مثيرة. وبالتالي، لابدّ أن تسلّط الحكومات تركيزها على تعزيز التجارة، والاستثمار في مجالات الابتكار، وبناء بنية تحتية، وإبرام اتفاقيات شراكة مع دول أخرى.
توضع الموازنة الوطنية الهنديّة خلف أبواب مغلقة، وفي سياق ذلك، يبقى الرأي العام مشلولاً. بيد أنّ الهند بحاجة إلى منصّة لمناقشة جعل البلاد أكثر تنافسيّةً والسماح لها بزيادة حصّتها في الاقتصاد العالمي.
إجراءات تحديد الموازنة الاتحاديّة لا تخدم الرؤية الاستراتيجيّة. والواقع أنّ الدعوة لاستبدال تقليد يوم الموازنة لقيتأصداء في المملكة المتّحدةأيضاً. ففي وقت سابق من الشهر الجاري، كتب داميان هند وجوناثان دوبون من مركز البحوث البريطاني «بوليسي إكسشينج» أنّ الموازنة الوطنية تبدو «وكأنّها أطلالمتبقية من وزارة خزانة تعود إلى حقبة سابقة».
وبالتالي، فلنتخلَّ عن إجراءات وضع الموازنة البائدة ونضع حدّاً للعبة الانتظار.
بقلم: فينيت نايار - مؤسّس «سامبارك فاونديشن»، ومقرّها نيو دلهي.