كتب - أحمد المغلوث:
قد يكون المواطن وحتى المقيم في هذا الوطن الآمن على معرفة مبكرة ومنذ الصغر بـ»السيف»، هذا السلاح القديم والذي تتوارثه الأجيال في مختلف دول العالم، فهو موجود في «راية التوحيد» واحد مكوناتها الأساسية، وهو موجود في شعارها الوطني الذي يعتز به الجميع. والسيف يتكون في العادة من مستقيم من الحديد الصلب والمصقول مع اثنين من الجواف والمقبض.. وكما تشير الموسوعات التاريخية، فالسيف بدأ يعرفه الإنسان من العصر البرونزي. كسلاح وأداة للدفاع عن النفس، وحتى القتل، أو تنفيذ الحدود بها والتي أمر بها الله عز وجل..؟!
واشتهر السيف وعبر العصور كسلاح في الحروب والمبارزة، وحتى خلال المناسبات في حفلات التخرج حيث يقوم القائد بتسليم خلفه السيف بصورة رمزية وتعبيراً عن تسليم الأمانة كما يحدث مع العلم.. وفي بلادنا يحتل السيف أهمية كبرى خلال المناسبات الوطنية والاستعراضية والمهرجانات التراثية كما في الجنادرية والأعياد.. فالجميع يتسابقون لحمله والرقص به خلال «العرضة» أو الاستعراض به والتفاخر. وحتى التقاط الصور وهم يلوحون به ذات اليمن والشمال.. وتوجد في متاحف العالم وحتى المملكة وفي مختلف المناطق وخصوصاً المتحف الوطني، ودارة الملك عبد العزيز العديد من السيوف الخاصة بقادة الوطن بدءاً بالمؤسس - طيب الله ثراه - ومروراً بأبنائه الملك سعود وفيصل وخالد وفهد ووصولاً للملك سلمان - أمد الله في عمره.. ولقد حظيت «السيوف» باهتمام كبير من قبل المتاحف العالمية والخاصة، وبالتالي ازدهرت تجارة شراء وبيع الأنواع الثمينة والتاريخية من هذه السيوف، كما حدث قبل 3 سنوات عندما عرض في أحد المزادات الشهيرة سيفاً نادراً أهداه المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود عام 1932 إلى الأمير الأفغاني أحمد شاه خان.. والسيف يحمل الكثير من المعاني. هذا ويتفنن الحرفيون البارعون في صناعة ومقابض السيوف، حيث تصنع من العاج ورمانة المقبض تصنع من الذهب الخالص عيار 24 قيراط، وتحفر وتشكل عليها بعض ألفاظ الجلالة، والغمد عادة مشغولة بخيوط الذهب والصلب. هذا بالطبع للسيوف الثمينة، أما السيوف التي تصنع عادة للعامة فهي أنواع بعضها تصنع مقابضها بالعاج وتطعم بالفضة وخيوطها.. واشتهرت دمشق ومنذ القدم في صناعة أفضل أنواع السيوف كذلك القاهرة وبغداد والجزائر ومراكش. وفي المملكة اشتهرت الأحساء والمدينة بصناعة السيوف.. ونظراً لقيمة السيف المعنوية والتعبيرية والأدبية فهو يقدم عادة كهدايا لكبار زوار المملكة من قادة الدول..
وتزخر كتب الأدب والشعر في وطننا العربي بما قاله مشاهير الشعراء في السيف، وأذكر هنا شعر أبي تمام:
السيف أصدق أنباء من الكتب
في حده الحد بين الجد واللعب
أو ما قاله طرفة ابن العبد:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على المرء من وقع الحسام المهند
أو ما قاله أبو الطيب المتنبي:
الخيل والليل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس والقلم