القاهرة - سجى عارف:
خمسة أيام قضاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في مصر، حيث تزينت القاهرة وتجملت واستقبلت حكيم العرب ملك الخير والحزم في زيارة إستراتيجية تاريخية غير مسبوقة في مسيرة العمل العربي تؤهل لمرحلة كبيرة ونقلة نوعية بالمنطقة العربية تخدم مصالحها وتحافظ على كيانها تخدم الأمن القومي السعودي والأمن القومي المصري والأمن القومي العربي.
وفي هذا السياق يقول الدكتور عبدالحكيم الطحاوي عميد معهد الدراسات والبحوث الآسيوية بالقاهرة في تصريح لـ«الجزيرة» منذ إعلان القاهرة خلال زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد -حفظه الله-، في 30 يوليو 2015م والذي تضمن الاتفاق على وضع حزمة من الآليات التنفيذية تشمل تطوير وتعزيز التعاون المشترك بين البلدين في كافة المجالات لتحقيق الأهداف المرجوة في ضوء المصلحة المشتركة والتوقيع على محضر إنشاء مجلس تنسيق سعودي - مصري، يتولى الإشراف على تقديم المبادرات وإعداد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية بين البلدين في المجالات المشار إليها في «إعلان القاهرة» فمجلس التنسيق السعودي المصري والذي وضع لبنته الأمير محمد بن سلمان كان له دور كبير في تعميق وتوثيق العلاقات بين البلدين ونقل العلاقات من مرحلة التعاون إلى مرحلة الإستراتيجية والتحالف وانطلاقاً من العلاقات التاريخية الراسخة التي تجمع المملكة ومصر رأس صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدا لعزيز ورئيس مجلس الوزراء بجمهورية مصر العربية المهندس شريف إسماعيل الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي - المصري في مدينة الرياض في 2 ديسمبر 2015م وقد توجت اجتماعات المجلس ما بين القاهرة والرياض بزيارة لخادم الحرمين الشريفين إلى مصر وهي أهم زيارة لمصر خلال السنوات السابقة، فلم تشهد مصر هذا الزخم في زيارة ملك أو رئيس دولة إليها يرافقه وفد كبير من أمراء ووزراء ومسئولين ورجال صحافة وإعلاميين ومستثمرين يعتبر أكبر الوفود التي زارت مصر وتوقيع عدد من الاتفاقيات تزيد قيمتها عن 25 مليار دولار، وعليه خمسة أيام قضاها خادم الحرمين مقيماً في قلب القاهرة على ضفاف النيل الخالد، تجللت واختتمت بإعلان الملك سلمان عن إنشاء جسر يربط بين المملكة ومصر والذي يعد نقلة نوعية وإستراتيجية في التعاون المصري السعودي ومفاجأة للمصريين ويمثل مشروعاً قومياً ضخماً يخدم مصالح البلدين وينميها.
وعن التعاون المصري السعودي في خدمة القضايا العربية يقول المستشار أحمد الشافعي المنسق العام لجمعية الصداقة المصرية السعودية للتآخي والتواصل في تصريح خاص لـ»الجزيرة» أن العلاقات بين مصر والسعودية علاقات إستراتيجية تتسم دائماً بالتميز، نظراً للمكانة والقدرات الكبيرة التي تتمتع بها البلدين على المستويات العربية والإسلامية والدولية فعلى الصعيد العربي تؤكد صفحات التاريخ أن القاهرة والرياض هما قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي العربي وعليهما يقع العبء الأكبر في تحقيق التضامن العربي والوصول إلى الأهداف الخيرة المنشودة التي تتطلع إليها الشعوب العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي أما على الصعيد الإسلامي والدولي، التشابه في التوجهات بين السياستين المصرية والسعودية يؤدى إلى التقارب إزاء حل العديد من المشاكل والقضايا الدولية والقضايا العربية والإسلامية.
ويقول الدكتور فهد حسن آل عقران رئيس تحرير جريدة المدينة في تصريح لـ»الجزيرة»: إن زيارة خادم الحرمين الشريفين لجمهورية مصر العربية هي زيارة غير تقليدية بكل المقاييس تحمل في طياتها ملفات كثيرة مهمة، بل شديدة الأهمية سواء في التوقيت أو الممثلين في الزيارة وهما خادم الحرمين الملك سلمان والرئيس عبدالفتاح السيسي هي قمة تمثل تحولاً حقيقياً للمنطقة العربية وللدولتين الزيارة تأتي في توقيت هو في غاية الأهمية وذات الحساسية المطلقة، الدول العربية تتشكل، التحالفات تتغير بالتالي من المهم في هذا التوقيت تحديداً وجود تحالفات بين المملكة ومصر لأن مصر عمق إستراتيجي للمملكة، والمملكة عمق إستراتيجي لمصر.. هما جناحا الأمة.
والزيارة كان لها زخم إعلامي كبير تم خلالها توقيع أكثر من 17 اتفاقية لها أهمية كبيرة بين البلدين، أبرزها قضية الجسر البري بين المملكة ومصر واتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين اتفاقيات في مجال الصناعة والزراعة والطاقة المتبادلة بينهما وكلها أخبار سارة إضافة إلى أن تطابق الدولتين على الصعيد السياسي وتوافق الأفكار والرؤى السياسية والاقتصادية تعطيها قوة فاعلة الآن.. فالسعودية تقود وبقوة في مجالات متعددة ومصر تعطي زخم قوي آخر هنا المحور السعودي المصري قوي وفاعل بالنسبة للمحور التركي هو محور مهم جداً، بل في غاية الأهمية بالنسبة للدول الإسلامية وجسر الملك سلمان بن عبدالعزيز يفتح آفاق جديدة تجارية واقتصادية وجمركية في اعتقادي أنها اتفاقية تاريخية بكل المقاييس وهي أحد المنجزات التي تمت في هذه الزيارة لأنها تعطي ترابط بين البلدين عميقة وقوية ويكون بوابة من وإلى السعودية ومصر في الاقتصاد في السياسة في الصناعة حتى في التعامل الجمركي وعن الوضع الأمني في مصر يقول إن الوضع في مصر آمن جداً لم نر أو نسمع شيئاً مما يقال الحالة الأمنية متشددة، لعل العلاقات في الجانب الأمني القومي مهمة جداً خاصة في هذا المرحلة حتى يتم مكافحة الإرهاب الذي يتمدد في كل الاتجاهات على كافة الحدود العربية وقد تناولت واحدة من الاتفاقيات هذا الجانب المهم ودور مصر والمملكة مهم جداً في محاربة الإرهاب وتبادل المعلومات ودحض ما يسمى بداعش أن هاتان الدولتان تستطيعان عمل الشيء الكبير لأن آفة الإرهاب ليس لها حدود ولا هوية وما يحصل في مصر يؤثر على السعودية وما يحدث في السعودية يؤثر على مصر والعكس صحيح لذلك لابد لهما من التحالف والتكاتف لمحاربة هذه الآفة وكلا البلدين لديهما من الجدية والعمل الصادق الكبير لمكافحة الإرهاب بكل وسائله وقوة مصر والسعودية مع بعضهما البعض هما قوة للدول العربية والإسلامية والشقية المجاورة لهما فقوتهما تنعكس عليهما داخلياً ثم أنهما محور الدول العربية والإسلامية؛ فمقومات المملكة العربية السعودية كونها قبلة المسلمين ومصر بعمقها وحضارتها ومكوناتها وجيشها يجعل اتحاد هذين الدولتين قوة ودعم للدول الأخرى ولعل التجارب خلال الثلاث السنوات السابقة أثبت هذا الأمر وأن أي انهيار أو زعزعة لأمن إحدى الدولتين سيؤثر على الأخرى سواء المملكة ومن خلفها الخليج ومصر يمكنها عمل الكثير على الجانب الاقتصادي والسياسي أو اأمن القومي كل هذه المجالات أهم ركائزها اتحاد السعودية ومصر.
ويختم قائلاً: نحن ننتقل بالعلاقات من مرحلة إلى مرحلة أخرى وهي مرحلة التكامل لذلك علينا أن نعمل بطريقة منهجية عملية حقيقة على أرض الواقع ليس هناك قمم تنظير أو خطابات لكن هناك عمل حقيقي لتنفيذ كل هذه المشاريع وتوطيد العلاقة بطريقة مختلفة عملية أكثر فاعلية سواء العربي أو الإسلامي أو الدولي.