الكويت - طلال الظفيري:
- تستضيف دولة الكويت في 18 أبريل الجاري مفاوضات السلام بين طرفي النزاع في اليمن برعاية الأمم المتحدة، في محاولة لإنهاء الأزمة التي تعصف باليمن منذ خمس سنوات ونيف، وشهدت خلالها تطورات وتحولات بارزة في مختلف الأصعدة لاسيما السياسية والعسكرية والإنسانية.
وفي استعراض لأبرز المراحل التي مرت بها الأزمة اليمنية منذ اندلاع شرارتها في عام 2011 وحتى الفترة الحالية التي تسبق انعقاد مفاوضات السلام، تظاهر الآلاف من اليمنيين بالعاصمة صنعاء في 27 يناير 2011 بدعوة من المعارضة ضد الرئيس علي عبدالله صالح الذي كان يحكم البلاد لأكثر من 30 عاماً، احتجاجاً على رغبته في توريث ابنه أحمد مقاليد السلطة.
ورد صالح على هذا الاحتجاج قائلاً إنه لن يرشح نفسه لفترة رئاسية جديدة، ولن يورث الحكم لابنه الذي كان يشغل أصلاً منصب قائد الحرس الجمهوري.
بعد ذلك شهدت العاصمة اليمنية في 11 فبراير احتجاجات ومظاهرات طلابية انطلقت من جامعة صنعاء وأخرى لنشطاء حقوقيين نادت برحيل صالح، ومن هذا التاريخ جاءت تسمية الأحداث بـ (ثورة 11 فبراير)، إضافة إلى تسمية (ثورة شباب اليمن).
ومع تصاعد وتيرة المظاهرات تعرض الكثيرون من الناشطين والمتظاهرين إلى الاعتقال، وعمَّد الأمن المركزي إلى استعمال العنف، وحمل يوم 18 مارس والذي عرف بـ (جمعة الكرامة) نقطة تحول في تعاطي النظام اليمني مع المتظاهرين حين قتلت القوات اليمنية أكثر من 52 شخصاً، فيما حاول الناشطون المحافظة على سلمية ثورتهم وخاصة الطلبة والشباب الذين لم يشكلوا أي ميليشيا مسلحة للتصدي لقوات الأمن المركزي.
وتسارعت مجريات الأحداث مع انضمام قادة عسكريين إلى الثورة، إذ خاضت الفرقة الأولى مدرع اشتباكات متقطعة مع الحرس الجمهوري وتصاعدت موجة المظاهرات.
وفي الثالث من يونيو أصيب الرئيس اليمني خلال محاولة لاغتياله وتعرض إلى حروق في وجهه، وعقب الحادثة غادر البلاد لقرابة الأربعة الأشهر فيما واصلت القوات النظامية سياسة الرصاص الحي وارتكبت في الفترة الواقعة بين 18 و23 من سبتمبر ما عرف بـ(مجزرة كنتاكي) التي راح ضحيتها أكثر من 100 شخص.
ودخلت الجهود الدبلوماسية الخليجية على خط الأزمة وأعلن عن مبادرة عرفت بالمبادرة الخليجية تكللت في 23 نوفمبر بتوقيع صالح في الرياض اتفاقاً على نقل السلطة في اليمن، واتفقت الأطراف على تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال 14 يوماً وإجراء انتخابات رئاسية خلال 90 يوماً، وأعطي الرئيس صالح حصانة من الملاحقة القانونية، وبموجب الاتفاق تسلم نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي الرئاسة والذي كان أيضاً المرشح الوحيد للانتخابات الرئاسية التي جرت في 21 فبراير 2012.
وعقب توليه الرئاسة أجرى هادي عملية هيكلة واسعة للجيش اليمني والأمن بإقالة العشرات من القادة العسكريين الموالين لصالح وكبار القادة الموالين لثورة الشباب اليمنية وإعادة تنظيم وتوزيع الوحدات العسكرية والأمنية، وكلف حكومته الجديدة بمعالجة مسائل العدالة الانتقالية وإجراء حوار وطني شامل وتمهيد الطريق لصياغة دستور جديد وإجراء انتخابات عامة.
وخلال الفترة الانتقالية في عام 2012 كان من المقرر انعقاد الحوار الوطني وتحديداً في شهر نوفمبر لمناقشة مستقبل اليمن، لكن تم تأجيله مرات عدة حتى مارس من العام 2013 بسبب الأحزاب غير الموقعة على المبادرة الخليجية.
وكان العام 2013 مثل سابقه في المراوحة السياسية غير البناءة، فلم يشهد اليمن أي تقدم ملموس في مختلف أصعدتها بل على العكس استغل الحوثيون تلك الظروف السيئة وبدؤوا يحاولون فرض نفوذهم سياسياً وعسكرياً.
وعلى الرغم من أن بداية عام 2014 شهدت في 25 يناير انعقاد الجلسة الختامية للحوار وإعلان الوثيقة النهائية لمؤتمر الحوار في مبنى القصر الجمهوري بصنعاء، فإن ذلك الإعلان رافقه تصعيد من قبل الحوثيين المدعومين من الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي كان حاضراً في المشهد اليمني بقوة من خلال حزبه (المؤتمر الشعبي العام) وبعلاقاته القوية مع الحوثيين الذين تلقوا الدعم من الميليشيات المرتبطة به في احتلال العديد من المدن.
وشرع الحوثيون في تكثيف التظاهرات الاحتجاجية بالتزامن مع توسيع رقعة نفوذهم العسكري على مناطق مختلفة من البلاد دون أي مقاومة من الجيش اليمني أو القوات الأخرى إلى أن احتلوا صنعاء في 21 سبتمبر، وقد وجهت أصابع الاتهام إلى صالح بضلوعه في الاستيلاء المفاجئ لجماعة الحوثي على العاصمة.
وفي ليلة اقتحام صنعاء تم توقيع اتفاقية سياسية عرفت باتفاق السلم والشراكة الوطنية بين حكومة هادي والحوثيين وتمت صياغة الاتفاق بهدف وضع الخطوط العريضة لاتفاق لتقاسم السلطة في الحكومة الجديدة واستغل الحوثيون الاتفاقية لتوسيع سيطرتهم.
وتعرض منزل الرئيس هادي في 19 يناير 2015 إلى هجوم من الحوثيين الذين حاصروا في الوقت ذاته القصر الجمهوري الذي يقيم فيه رئيس الوزراء خالد بحاح واقتحموا معسكرات للجيش ومجمع دار الرئاسة ومعسكرات الصواريخ.
وفرض الحوثيون على هادي ورئيس الوزراء ومعظم وزراء الحكومة إقامة جبرية وعينوا محافظين عن طريق حزب الرئيس السابق صالح (حزب المؤتمر الشعبي العام) في المجالس المحلية كما اقتحموا مقار وسائل الإعلام الحكومية والشركات النفطية وعينوا مواليين لهم.
وقدم الرئيس هادي ورئيس الوزراء بحاح استقالتهما ولم يعقد مجلس النواب (البرلمان) جلسة لقبول الاستقالة أو رفضها حسب ما ينص عليه الدستور ورد الحوثيون بحل البرلمان.
وخضع هادي إلى إقامة جبرية في بيته بصنعاء فرضها عليه الحوثيون لكنه استطاع مغادرة العاصمة والتوجه إلى مدينة عدن في الجنوب ومن ثم وتراجع هادي عن استقالته عقب وصوله مدينة عدن وبعث خطاباً بذلك إلى مجلس النواب وسارع إلى اتخاذ حراسات خاصة من اللجان الشعبية والحرس الخاص بحراسة القصور الرئاسية في عدن.
وعلى وقع الرفض المحلي والإقليمي والدولي لاحتلال الحوثيين مناطق شاسعة من اليمن بما فيها العاصمة صنعاء بدأت قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وبناء على طلب من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في 25 مارس 2015 بتنفيذ العملية العسكرية (عاصفة الحزم) الهادفة إلى إعادة الشرعية في اليمن بعد انقلاب الحوثيين وسيطرتهم على البلاد.
ونجحت عاصفة الحزم وخلال ساعاتها الأولى في منع جماعة الحوثي والقوات الموالية لصالح من التحكم بالمجال الجوي اليمني الذي بات منطقة محظورة.
وفي فترة عاصفة الحزم أصدر مجلس الأمن في 14 أبريل 2015 القرار رقم 2216 الذي يحظر توريد الأسلحة للحوثيين وقوات صالح ويدعو الحوثيين إلى الخروج من المدن والمناطق التي استولوا عليها بما فيها صنعاء.
واستمرت عملية عاصفة الحزم حتى 21 أبريل 2015 حين أعلنت قيادة العملية عن توقفها وإطلاق عملية إعادة الأمل وذلك بعد إزالة جميع ما يشكل تهديداً لأمن السعودية والدول المجاورة وبعد تدمير الأسلحة الثقيلة والصواريخ البالستية والقوة الجوية التي كانت بحوزة الحوثيين والقوات الموالية لصالح.
وجاءت عملية إعادة الأمل بهدف استئناف العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار اليمني واستمرار حماية المدنيين من الحوثيين وتكثيف المساعدة الإغاثية والطبية للمناطق المتضررة.
وعقب انطلاق عملية إعادة الأمل شهدت اليمن خلال العام الماضي ثلاث محاولات لفرض هدنة إنسانية إلا أنها قوبلت بخروقات من قبل الحوثيين وقوات صالح فكانت الأولى في 13 مايو والثانية في العاشر من يوليو ثم الثالثة في 25 يوليو.
وفي مارس 2016 أعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد أن أطراف الصراع وافقت على وقف الأعمال القتالية بداية من العاشر أبريل «بدأت فعليا» على أن تبدأ مفاوضات السلام في دولة الكويت في الـ 18 من الشهر نفسه.
وفي هذا السياق أعرب المجتمع الدولي عن تفاؤله بأن يؤدي وقف إطلاق النار في اليمن وانطلاق مفاوضات السلام التي تستضيفها الكويت إلى إنهاء الأزمة اليمنية.