جاءت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز «حفظه الله» الي دولة مصر الشقيقة، لتعيد الأمل في أمة واحدة، وتصنع التاريخ العربي من جديد، وتؤكد أن الشعبين في مصر والسعودية، هما شعب واحد يعيش علي ضفتي البحر الاحمر، تحدياتهما واحدة، مستقبلهما واحد ومصيرهما مشترك. لا أبالغ إذا قلت ان الملك سلمان «حفظه الله» يعيد كتابة تاريخ المنطقة من جديد، ويرسم جغرافيتها، في الوقت الذي كانت تبشرنا به امريكا وحلفاؤها في الغرب بسايكس بيكو جديدة تفتت المنطقة وترسخ الهزيمة في نفوس ابنائها، فخادم الحرمين الشريفين علي طريق والده الموحد الذي صنع قبل اقل من قرن الدولة السعودية التي تساهم الآن إسهاما مباشرا وكبيرا في الحضارة الانسانية بعد أن كانت حتي خمسينيات القرن الماضي تعيش علي هامشها. لاشك ان زيارة الملك سلمان الي مصر اسست لعصر جديد، يعتمد على القوي العربية الذاتية الكامنة في ابناء الشعبين السعودي والمصري، اللذين بامكانهما الحفاظ على أمن المنطقة، ومواجهة تحدياتها، وبث الرعب في نفوس اعدائها، فالدولتان تشكلان معا اقوى اقتصاد، وأقوى جيش وأوسع سوق، وأكبر كتلة بشرية لديها من التنوع العلمي والعملي والثقافي ما يؤهلها أن تكون قاطرة للبشرية، ليس للعالم العربي فحسب. الصورة التي عكستها زيارة الملك سلمان الي مصر ومن بعدها تركيا، تشير الي ان خادم الحرمين الذي يتمتع بذكاء حاد، وعقلية سياسية فذة يريد أن يستنهض من جديد هذا المثلث السني الرهيب لاعادة الاستقرار وترسيخ أركانه في ربوع الشرق الأوسط في مواجهة الارهاب، والتشيع والبلقنة والتمرد الذي تمارسه ايران عبر وكلائها في اليمن وسوريا ولبنان والعراق، والتي تسبب بايعاز من قوى تديرها في إحداث الفوضي في المنطقة. لا أود الإطالة في الشأن السياسي وان كان هو الهم الذي يشغلنا جميعا في العالم العربي بما يحمله من تأثيرات تخيم علي حياتنا، مستقبلنا، ومستقبل أجيالنا القادمة، فزيارة الملك سلمان» حفظه الله» الى دولة مصر الشقيقة حفلت بالاتفاقيات الاقتصادية، والاستثمارية التي من شأنها ان تحيي مشروع السوق العربية المشتركة التي نودي بها في خمسينيات القرن الماضي ، ولم تر النور ، لكنها الآن وبعد اكثر من ستين عاما يحيلها خادم الحرمين الشريفين»أطال الله عمره» الي أمر واقع ، بجسر الملك سلمان الذي يمتد بين قارتين، ويربط بين الشعب العربي الواحد، ويمثل شريانا عالميا يرط الشرق العربي بالغرب العربي بعد ان فصلت بينهما القوى الاستعمارية لأزمنة طويلة، لتفصل الراس عن الجسد العربي الذي يمتد من المحيط الي الخليج، والذي سبق له أن صنع حضارة الاسلام في الاندلس التي اضاءت سماء البشرية لثمانية قرون، واسهمت في صناعة المدنية التي يحياها الغرب اليوم. قليل من الزعماء هم صناع التاريخ، هم من يمتلكون عجلة قيادة الحضارة وتحويل وجهتها الى مسارها الصحيح، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز»اطال الله عمره» في مقدمة هؤلاء، فالرجل أحيا آمال أمة، وضعها على جادة الطريق، بعد أن عصف بها الخريف العربي، وارهقتها الفوضي والمؤامرات، وأتعبتها الحروب، سوف يقف التاريخ امام شخصية الملك سلمان بن عبد العزيز بالدرس والتحليل والاعجاب والاعجاز، يعود الفضل لهذا الرجل الاستثنائي في اعادة توحيد الامة العربية والاسلامية، وصياغة تحالفاتها، لاستعادة أمجادها، وصناعة تاريخها.
راشد محمد العبداللطيف - رجل أعمال