الجزيرة - محمد العثمان:
أقرت المحكمة العليا مبدأً قضائياً جديدا باختصاص النظر في الحق الخاص بعد انقضاء الحق العام (فيما يكون من اختصاص المحكمة للدائرة التي نظرت الحق العام).
يأتي ذلك على خلفية تقرير متابعة العمل القضائي بالمحكمة الجزائية في مكة المكرمة بشأن دراسة الإشكالات التي قد تكون سبباً في التدافع بين الدوائر والجهات النظامية، ومن ذلك النظر في الحق الخاص بعد انقضاء الحق العام فيما هو من اختصاص المحكمة. في حين الهيئة العامة بالمحكمة العليا هذه الإشكالية استنادا لنظام القضاء ونظام المرافعات الشرعية ولوائحه التنفيذية وعلى نظام الإجراءات الجزائية، حيث قررت الهيئة العامة للمحكمة العليا بعد ذلك أن تخرج بمبدأ قضائي حول ذلك يكون فيه (اختصاص النظر في الحق الخاص بعد انقضاء الحق العام فيما هو من اختصاص المحكمة نفسها في الدائرة التي نظرت الحق العام ويحسب للدائرة إحالة جديدة).
وأوضح القاضي السابق والمحامي الدكتور فهد الحسون أن الدعوى الجزائية بالحق الخاص إذا رفعت أثناء نظر دعوى الحق العام فتختص بنظرها ذات الدائرة التي تنظر الحق العام، وهذا ما قررته المادة السابعة والأربعون بعد المائة من نظام الإجراءات الجزائية والتي جاء فيها: «لمن لحقه ضرر من الجريمة - ولوارثه من بعده - أن يطالب بحقه الخاص أمام المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الجزائية العامة في أي حال كانت عليها الدعوى».
أما إذا انقضت الدعوى الجزائية العامة قبل رفع دعوى الحق الخاص فقد قررت اللائحة التنفيذية لنظام الإجراءات الجزئية في المادة الثالثة بعد المائة أن الحق في المطالبة بالحق الخاص تكون أمام المحكمة المختصة، ولذا فقد وُجد في هذه الحالة تدافع اختصاص بين الدوائر القضائية في كثير من المحاكم الجزائية فبعضها ترى أن المحكمة التي نظرت دعوى الحق العام هي المختصة بنظر دعوى الحق الخاص ولو انقضت دعوى الحق العام، وبعضها لا ترى ذلك، وقد أدى هذا التدافع إلى تأخر الفصل في كثير من القضايا، ولذا فقد صدر عن الهيئة العامة للمحكمة العليا المبدأ القضائي رقم (29/م) وتاريخ 03/07/1437هـ والذي قرر بأن يكون اختصاص النظر في الحق الخاص بعد انقضاء الحق العام فيما هو من اختصاص المحكمة نفسها للدائرة التي نظرت الحق العام، وهذا المبدأ سيكون لتطبيقه عمليا ثمرات إيجابية تنعكس في توحيد الإجراءات وعمل المحاكم، كما سيؤدي هذا المبدأ إلى تسريع الفصل في القضايا الجزائية المشار إليها في المبدأ حيث لن يكون هناك تدافع اختصاص في نظرها، كما سيؤدي إلى تسريع الفصل في هذه القضايا إذا نظرتها ذات الدائرة التي نظرت الحق العام حيث سيكون لدى الدائرة تصور كامل عن القضية ووقائعها ومستنداتها وهذا سيختصر كثيرا من الوقت والجهد مقارنة بما لو نظرتها دائرة أخرى ليس لديها هذا التصور، كما سيضمن عدم وجود تعارض بين الحكم في دعوى الحق العام ودعوى الحق الخاص، وذلك لكونه صادرا من دائرة واحدة، بينما لو نظرت دعوى الحق الخاص دائرة غير التي نظرت دعوى الحق العام فقد يختلف حكمها عن حكم دعوى الحق العام، كأن تتوجه الدائرة التي نظرت الحق العام إلى ثبوت إدانة المدعى عليه، ولا تتوجه الدائرة التي تنظر الحق الخاص ذات التوجه.
ولم يفت المحكمة العليا ملاحظة ما إذا كانت دعوى الحق الخاص لا تدخل في اختصاص المحكمة التي نظرت الحق العام فلا ينطبق عليه هذا المبدأ القضائي، كما لو اختلف الاختصاص المكاني تبعا لمكان إقامة المدعى عليه، أو اختلف الاختصاص النوعي لكون موضوع الدعوى خارج عن اختصاص المحاكم الجزائية.