القاهرة - واس:
أكدت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - للقاهرة، ومباحثاته مع أخيه فخامة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التي استغرقت خمسة أيَّام، دشنت مرحلة مفصلية تاريخية مهمة، ليس فقط في العلاقات المتجذرة بين المملكة ومصر وتجسير آفاقها المستقبلية الواعدة، إنما وضعت الأُطر المنظمة والدافعة لمسيرة العمل العربي المشترك في عصر يموج فيه العالم بصراعات بين وحداته السياسية.
وقالت الوكالة الرسمية المصرية في تقرير لها أمس، إن الزيارة حملت بين جنباتها الكثير من الرسائل والدلالات على المستويين العربي والدولي، وبخاصة في المجالين الدفاعي والاستراتيجي، فمصر والمملكة هما القوتان الفاعلتان في المنطقة في الوقت الحالي، كما أن الدولتين وقفتا بقوة أمام محاولات التقسيم، من خلال المخطط الغربي، كما أنهما بفضل وعي القيادتين، يسعيان لردع أي قوة في المنطقة أو خارجها تسعى للمساس بالأمن القومي للدولتين، ومن ثم بالأمن القومي العربي بصفة عامة.
ولفتت الانتباه إلى أن أولى هذه الرسائل بدت في كلمة الرئيس السيسي خلال قمة الاتحادية، حينما أكد أن خصوصية العلاقات المصرية - السعودية وما تنطوي عليه من عمق ورسوخ سوف تمكن البلدين من مواجهة التحديات المشتركة والتعامل الجاد مع كل من يسعى للمساس بالأمن القومي العربي أو بالإضرار بالمصالح العربية، أو تهديد الأمن والاستقرار الذي تتطلع إليه شعوب المنطقة. ورأت أن نتائج الزيارة في مجملها جاءت إيجابية في شتى المجالات، عبرت عنها الاتفاقيات التي تم توقيعها بين القاهرة والرياض، موضحة أن أهمية هذه الاتفاقيات تنبع من كونها تتعلق بالخدمات التي تمس حياة المواطن العادي ومنها مثلاً تطوير مستشفي القصر العيني، ومحطة كهرباء غرب القاهرة، وتنمية سيناء تعليمياً وسكنياً.
وشددت على أن مشروع الجسر البري العملاق الذي يربط بين المملكة ومصر، تكمن أهميته، ليس فقط باعتباره مشروعاً اقتصادياً للبلدين وللدول العربية والإقليمية والدولية، إنما تكمن أهميته في معناه الاستراتيجي، إِذْ يمثل جسراً للشراكة العربية المعنوية قبل المادية، وجسراً يؤطر لمستقبل العمل العربي المشترك، وسيكون له تأثير كبير على زيادة التنمية والاستثمار في البلدين ومنطقة الخليج العربي بأكملها.
وقالت الوكالة الرسمية المصرية في تقريرها: «الذي لا شك فيه أن مشروع جسر الملك سلمان، إنما هو تجسيد لعمق العلاقات بين البلدين، والرؤية الإقليمية المشتركة التي ترى أن الجسر هو بوابة اقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي عبر شمال السعودية إلى إفريقيا، كما أن المشروع يأتي في إطار رؤية استراتيجية لتنمية إقليمية، تستهدف التكامل العربي الإقليمي المشترك». وأضافت، أنه إِذْ كانت المملكة تستهدف من مشروع الربط البري مع مصر الاستثمار والتنمية، خاصة وأن المملكة تأكدت أخيرا أن فكرة الاعتماد على الصادرات البترولية، أمر غير مستقر في ظل تذبذب أسعار النفط هبوطًا وصعودًا، الأمر الذي يجعل من مصر بيئة مناسبة وآمنة للاستثمارات السعودية بل والعربية خلال الوقت الراهن، فإنَّ مصر تستهدف ما هو أبعد من النتائج الاقتصادية للمشروع مستقبلاً.
وشددت على أن الثوابت التاريخية تؤكد أن جسور الشراكة القوية والمتعددة تبدأ أولاً من نواة صلبة لقوتين رائدتين بالمنطقة، فالقاهرة والرياض دولتان عربيتان اهتدتا إلى المنظور العملي في الاندماج في تحولات العصر، وإذ تقدمان صورة جديدة لمعاني التضامن والانفتاح الذي يتجاوز التفاهمات السياسية نحو الارتقاء بالواقع العربي الجماعي، إنما تترجمان مشاعر ورغبات الأجيال في صنع الإنجازات القابلة للاستمرار والصمود.
واختتمت بالقول إن ما يضفي على جسر الملك سلمان أهمية متزايدة أنه يكرس البعد الإنتاجي والإِنساني لمفهوم التقارب واختزال مسافات التفاعل، فالمشروعات الكبرى لا تقاس بأبعادها الثنائية فحسب، وإنما بمردوديتها الشاملة متعددة الأطراف، معربة عن الأمل بأن تؤسس الشراكة الاستراتيجية بين جناحي الأمة العربية المملكة ومصر، النواة الحقيقية وجسر التواصل البناء في العمل العربي المشترك، وبما يسهم في مواجهة التحديات الإقليمية غير المسبوقة التي تواجهها الأمة العربية.