محمد آل الشيخ
ما عدا (جماعة الإخوان المتأسلمين)، ومعها ربيبتها (جماعة السروريين) ,رحم العنف المتأسلم ومهده، يقف السعوديون بمختلف شرائحهم وتوجهاتهم خلف التوجه القوي والحازم لملك الحزم في مساندته الاستراتيجية لمصر الكيان والشعب، ما نسف نسفا كاملا شائعات جماعة الأخوان والمتحزبون لهم، عن أن سياسة المملكة نحو مصر تغيرت عما كانت عليه في عهد الملك عبدالله -رحمه الله- عندما تولى مقاليد السلطة خَلفَه الملك سلمان حفظه الله؛ وكنا نقول، ومازلنا نقول ونؤكد أن المملكة منذ الملك عبدالعزيز، مرورا بكل أبنائه من بعده، وحتى الملك سلمان بن عبدالعزيز، تسير وفق منهج ورؤية استراتيجية ثابتة، فحواها أن الملك الخلف يسير على نهج الملك السلف، ويضيف إليه ولا ينقض ما فتل، وهكذا هم دواليك؛ من هنا يأتي التكامل البنائي في مسيرة البيت السعودي الحاكم، الذي هو أحد أسباب تجذر الشرعية السعودية ورسوخها وتصديها للرياح العاتية التي عصفت، وما تزال تعصف بالمنطقة من هنا وهناك.
إضافة إلى أن الملك سلمان ملك مجرب، وصاحب رؤية ثابتة استراتيجية، لا تهزها عواطف، ولا تُغيرها الظروف والنوازل غير المتوقعة. يعي تماما أن أمن مصر واستقرارها من أمننا واستقرارنا، والعكس صحيح ؛ وهذا ما لا يفهمه من أشاعوا أن هناك تباينا كبيرا في وجهات النظر السياسية نحو قضايا المنطقة بين الملك عبدالله والملك سلمان، وكانوا يتوهمون، أن هذا البَون المزعوم سيزيد ويتسع مداه مع الزمن؛ فجاءت زيارة الملك سلمان للقاهرة، والكم الكبير من اتفقيات التعاون الاستراتيجية بين البلدين في كل المجالات، لتثبت عكس ما كان يتوهمه، وربما يتمناه من لا يعرف المملكة على حقيقتها، ولا ثوابت ملوكها التي لا تتغير من حيث المبدأ والتوجه. صحيح أن هناك ربما اختلافا في تفاصيل بعض ملفات قضايا المنطقة، وهذا شيء طبيعي، لا يخفى على المحلل الموضوعي والمنصف، أما أن يمتد هذا التباين إلى الثوابت فيها بدءا غير وارد ولا مـتوقع؛ لذلك يمكن القول، وبعلمية، إن تلك الأنظمة، والجماعات السياسية، وأولئك الأفراد، الذين كانوا يحلمون أن تتخلى المملكة عن مصر الدولة والشعب، أو أن تتخلى مصر عن المملكة، الدولة والشعب، يزرعون أحلاما وهمية في أرض سَبِخة، لم ولن تعرف زُروعها النماء و العطاء في تاريخها.
ومن يقرأ تاريخ العلاقات السعودية المصرية، سيجد ذلك واضحا كالشمس في رابعة النهار؛ ربما أنها في أحايين قليلة شهدت بعض الفتور، الذي ارتقى إلى عداء، لكن هذه الظاهرة كانت الاستثناء غير الطبيعي ولم تكن القاعدة الطبيعية.
وأنا على يقين لا يخالجه شك، أن العقبة الكأداء التي تقف بصلابة في وجه التوسع العدواني الفارسي هو تماسك وقوة هذا التحالف السعودي والخليجي المصري، وهذا ما أدركه الفرس جيداً، وأدركه إمامهم الهالك المعَمم الخميني منذ أن نادى بتصدير ثورته إلى البلاد المجاورة لإيران، حين تربع على عرش الشاه ؛ وبقيت مصر مغلقة على هذا النظام الفارسي التوسعي، حتى حكم مرسي زعيم الأخوان، ففتح أبواب مصر على مصراعيها لرئيس إيران آنذاك «أحمدي نجاد»، وعندما سقطت حكومة أولئك الغوغاء المتأسلمون، وجاء رئيس التصحيح الرئيس «عبدالفتاح السيسي»، أعلن أن مصر مع المملكة ودول الخليج، ولن يُعيقها في المبادرة إلى مناصرتهم إذا لمَّ بها خَطب من الخطوب -لا سمح الله- سوى (مسافة السِّكة)؛ فسقط بسقوط «مرسي» ومعه انتهازيو الأخوان ومرشدهم، (الطبيب البيطري) المعروف، وعاد التآزر التاريخي كما كان قبل الإخوان.
الملك سلمان - حفظه الله - سيشد رحاله من القاهرة إلى تركيا، حيث القمة الإسلامية، وليس لدي أدنى شك أن التحالف والتكاتف السعودي المصري في القمة الإسلامية، سيكون حاضرا وبقوة في اجتماعات هذا المؤتمر، وفي ردهاته، مما سيجعل هذا الحلف الشامل بين البلدين، والمكلل بالتعاون السياسي والاقتصادي، له هناك صوتُ وأثر قوي، خاصة على طموحات العدو الفارسي التوسعية.
إلى اللقاء