أهداني مؤخراً سعادة الدكتور عبد الرحمن الشبيلي - حفظه الله - محاضرة مطبوعة له، بعنوان «تأسيس المملكة العربية السعودية بأقلام 60 مؤرخاً قدامى ومعاصرين، سعوديين وعرباً وأجانب قراءة أولية». أُقيمت في يوم الأربعاء 22-5-1437هـ - 2-3-2016م، في كلية نايف للأمن الوطني بالرياض، وأصدرتها مطبعة سفير (1437هـ - 2016م).
بعد قراءتي للمحاضرة اعتبرتها مرجعاً هاماً لكل متخصص، ومتخصصة في التاريخ السعودي تناول فيها المؤلف مقدمة موضحاً فيها مراحل تأسيس المملكة العربية السعودية كالآتي: بدأت الأولى باستعادة الرياض عام (1319هـ - 1902م)، وفيها اتخذ الإمام المؤسس عبد العزيز ألقاباً متدرجة بتدرج التقدم في توحيد البلاد (منها الأمير والوالي والسلطان والملك) وغلب النشاط العسكري الميداني على تلك المرحلة التي امتدت نحو اثنين وثلاثين عاماً من عهده. ثم بدأت المرحلة الثانية بإعلان اكتمال توحيد البلاد تحت اسمها الحالي (المملكة العربية السعودية) في اثنين وعشرين عاماً، ساد فيها الأمن والاستقرار والبناء والتنظيم، من عام (1351هـ- 1932م) وحتى وفاته عام (1373هـ- 1953م).
وعن فترة التأسيس هذه، كتبت مئات المؤلفات، أصدرها مؤرخون سعوديون، أو عرب اكتسب بعضهم الجنسية السعودية، ومن الكتب ما ألّفه أجانب، أو جاء في شكل مطولات شعرية (ملاحم) من أدباء رصدوا تسلسل الحوادث نظماً، ومن هؤلاء المؤرخين والمؤلفين والأدباء من عاصر تلك المرحلة وكانوا شهوداً على أحداثها، أو لم يدركوها واعتمدوا في التأليف على نقولات من آخرين، وقد أظهرت الفهارس (البيبليوغرافيا) التي صدرت عن المملكة أو استعرضت تاريخها، أن باحثين من مختلف الدول الشرقية والغربية قد اهتموا بتاريخها القديم والحديث وألفوا عنها، أو نشروا المقالات الصحفية والبحوث في الدوريات العلمية المحكمة، ومنها ما يتعلق بالحج أو باتفاقيات الحدود أو بالنفط أو بحركة الإخوان، وغيرها.
سيكون الحديث هنا، ومن منظور شخصي، عن قائمة متنوعة من هؤلاء المؤرخين، الذين صدرت لهم مؤلفات قيمة تمثل مراجع مهمة للباحثين، مع الإشارة إلى أبرز مؤلفاتهم التي وثقت بموضوعية تجاوزت المجاملة وبنسبة معقولة من التحليل التاريخي غير السردي للأحداث، يدخل في ذلك بعض ما كتب عن سيرة المؤسس، أو عن مراحل التأسيس وما أحاط بها من ظروف سياسية أو عسكرية أو اقتصادية، ولقد اجتهد المحاضر في اختيارها بحكم اطلاعه أو معرفته ببعضها، أو لتواتر ورودها في المراجع وهذا الاجتهاد الشخصي في اختيار الكتب.. وستحاول المحاضرة إلقاء الضوء على مسيرة كل واحد من المؤرخين، للتعرف على صلته بالأحداث التي عاصرها، وعلى قربه أو علاقته بالملك المؤسس إن وجدت، مع ترتيب الأسماء بحسب أقدمية تاريخ ولادة المؤلفين.
تضمنت المحاضرة أربعة مباحث:
أولاً - المؤرخون السعوديون: تغلب الطريقة التقليدية وسرد السنين والوقائع والحوادث على مدرسة كتابة التاريخ عند كثير من المؤرخين السعوديين الأوائل، وخصوصاً النجديين الذي كان يتبعه ابن بشر وابن لعبون وابن غنام والفاخري، ثم تطور أسلوب الكتابة بدخول جيل جديد معاصر، استخدم التحليل في روايته للحوادث وربط النتائج بها، وأورد قائمة أسماء مؤرخين سعوديين ومؤلفاتهم أمثال: إبراهيم بن صالح بن عيسى، عبد الله بن محمد البسام، وتشمل القائمة أخوة عرب حملوا الهوية السعودية كحافظ وهبة، خير الدين الزركلي.
ثانياً - المؤرخون العرب: تطرق فيها إلى المؤرخين العرب ويورد اسمه، ومولده، وكتبهم وشيئاً من التحليل التاريخي لكل مؤرخ، أمثال شكيب أرسلان، أمين سعيد، فيليب حتي.
ثالثاً - المؤرخون الأجانب: عرضها كما عرض المؤرخون العرب من حيث الاسم، تاريخ المولد، وكتابه، مثل ويليام شكسبير Captain William Shakespeare،
عبد الله فيلبي HarrySt.JohnPhillby.
رابعاً - الأدباء المؤرخون بالشعر (الملاحم): هناك من المؤرخين الأدباء من سجل نظماً تاريخ المملكة، تأسيسها وتوحيدها في شكل مطولات شعرية (ملاحم) ومن أبرزهم :الشاعر السعودي خالد الفرج.
كما أشار المحاضر إلى كتاب صدر مؤخراً بعنوان «كتابة التاريخ في المملكة العربية السعودية العولمة والدولة في الشرق الأوسط» لمؤلفة Jorg m. Determann يورك ماتياس ديترمان (2014م) ترجمة د. عبد الله العسكر، الذي قام الأخير بإقامة محاضرة عن هذا الكتاب، وتجربته بالترجمة تحديداً أُقيمت هذه المحاضرة ضمن فعاليات المنتدى التاريخي الثقافي لقسم التاريخ في جامعة الملك سعود.
أخيراً شكر الدكتور الشبيلي كل من تفضل بمراجعة وقراءة هذه المحاضرة وكان أبرز من شكرهم: د.عبد العزيز الهلابي، ود.عبد الرحمن المديرس أساتذة قسم التاريخ في جامعة الملك سعود، وهذا ليس بغريب على الدكتور عبد الرحمن الشبيلي الذي عرفنا عنه نبل أخلاقة وكريم تواضعه، وأسأل الله له الصحة والعافية.
وفي ختام هذه المقالة ما أود قوله إن المحاضرة قيمة ومهمة لطلاب وطالبات الدراسات العليا كونها تتحدث عن 60 مؤرخاً ساهموا في تسجيل أحداث تاريخ المملكة العربية السعودية، وكل الشكر والتقدير لسعادة الدكتور عبد الرحمن الشبيلي على إهدائي هذه المحاضرة، وإقامة هذه المحاضرة القيمة فجزاه الله عنا خير الجزاء.
- نوال بنت إبراهيم القحطاني