د. منى بنت عواد الخطابي ">
من أهم المبادئ التي يحرص معلمو اللغة الانجليزية في العالم العربي على توضيحها لطلابهم هي الفرق بين ترتيب الصفة والموصوف في الجملة بين اللغتين، ففي حين تتقدم الصفة على الموصوف في اللغة الإنجليزية، يأتي الموصوف أولاً في العربية. ومن وجهة نظر شخصية وأنا غير متخصصة في علوم اللغة العربية وإن كان بودي أن أكون، فإن صيغة الجملة العربية أبلغ وأتم للمعنى حيث تعطي الموصوف أهمية وتركيزا أكبر في الجملة وهو المطلوب.
وفي مجال التعلم نجد ذلك واضحاً في جميع المصطلحات المستخدمة للتعبير عن أنواع استراتيجيات وطرق التعلم المختلفة كالتعلم النشط والتعلم المتمركز حول الطالب والتعلم باللعب والتعلم الإلكتروني، ففي جميع المصطلحات يكون التعلم هو محور الاهتمام ونقطة التركيز الأساسية. وقد تنبه خبراء التعلم الإلكتروني والمهتمين به حول العالم لذلك فنجد مثلاً أن الخبير الإنجليزي (Steve Wheeler) المعروف والمتخصص في تقنيات التعليم قد عنون مدونته بعنوان «Learning with e›s» في اشارة واضحة لما ذكرته سابقاً. كما ذَكر في عام 2006 من خلال مدونة «Elearning, Ageless learner» بأنه قد يكون من الأفضل إعادة صياغة المصطلح لتأتي كلمة تعلم في بدايته، تأكيدا على أهمية التركيز على التعلم أولاً ومن ثم التقنية.
وخلال زيارة لعدد من مؤسسات التعليم العالي الأمريكية ضمن برنامج رائدات التعلم الإلكتروني، الذي نظمه المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد تحت إشراف وزارة التعليم وقد تشرفت بكوني إحدى المشاركات فيه ضمن مجموعة من عضوات هيئة التدريس من مختلف الجامعات السعودية، خلال الزيارة رأينا ذلك واضحاً جلياً في كون جميع المبادرات والمشاريع تبدأ من حاجة تعليمية يتم توظيف التقنية والاستعانة بحلولها لتعزيز هذه الحاجة وسدها وليس العكس. فوجدنا مبادرات رائعة تقوم على استخدام تطبيقات بسيطة وحلول تقنية سهلة بفاعلية لافتة لتعزيز التعلم التعاوني أو التعلم المتمركز حول الطالب على سبيل المثال.
وعلى العكس تماما نجد أن مؤسساتنا التعليمية في أغلبها تهتم وتسعى لامتلاك أفضل وأحدث الحلول التقنية بدون هدف تعليمي واستراتيجية واضحة وتسمي ذلك مبادرات نحو التعلم الإلكتروني اعتباطا مما تسبب في هدر مالي واضح. فامتلكنا أحدث السبورات الذكية التي إما يعلوها الغبار في المخازن أو تزين جدران المؤسسة ولا تستخدم إلا فيما ندر، وحرصنا على الاستثمار في أنظمة إدارة تعلم معقدة لا نستفيد سوى من جزء بسيط لا يكاد يذكر من إمكانياتها، وتم الصرف بسخاء على بناء مقررات الكترونية لا تملك من اسمها سوى أنها تقرأ من خلال شاشات الكترونية، وتم إنفاق الملايين على بوابات ومواقع لا تملك ادنى مقومات سهولة الاستخدام وقابلية الوصول عدا عن خلق تجربة تفاعلية غنية مع الطلاب.
كم أتمنى أن نتوقف قليلاً ونعيد التفكير ملياً في الفرق بين ترتيب الصفة والموصوف في تعبير التعلم الإلكترونية ونحدد ما إذا كنا نريد فعلاً تعلم أفضل من خلال التقنية أو يهمنا أن نكون في المراتب الأولى كما تشير فعلا الإحصائيات في امتلاك التقنية واستخدامها بدون هدف واضح في مبادرات لن تؤدي إلا إلى المزيد من الهدر.
@DrMonaAlkhattab