د. سلطان سعد القحطاني
تحدثنا في الحلقة الماضية عن الكاتب عبد العزيز المهنا الباحث في الشؤون السياسية ومنظمات الجماعات الإرهابية وحقائقها المزعومة،على أنها جماعات فاتحة كما كان المسلمون الأوائل، فإذا نظرنا إلى الحالة الراهنة،فسنجد غالبية سكان العراق والشام من المسلمين، بينما اليهود المحتلون لفلسطين على مرمى حجر، يقتلون العرب المسلمين كل يوم لم يمسهم أبرد من الثلج، فهم حلفاء دولة الإسلام في العراق والشام (داعش) التي ضمت ليبيا مع الشام لأول مرة، أليست هذه مهزلة، بلى، والله مهزلة القرن الجديد. وإذا كان الإسلام في اللحاء والذوائب، وليس على منهج السلف الصالح من الخلفاء الراشدين الذين تخرجوا في مدرسة النبوة، وحضروا القرآن وهو ينزل على نبي العالم كله، فأين هم من وصية الخليفة الراشد الأول أبي بكر الذي نفذ مشروع النبي صلى الله عليه وسلم، بإرسال الجيش إلى بلاد الشام، بعد وفاة النبي، وأوصاهم بعدد من الوصايا الثابتة في كتب التاريخ والسير بقوله:»لا تخونوا ولا تغدروا، ولا تغلوا ولا تمثلوا،ولا تقتلوا طفلاً صغيراً ولا شيخا كبيراً، ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاةً ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة. وسوف تمرون بأقوام قد فرَّغوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما فرَّغوا أنفسهم له».
فإذا نظرنا إلى هذه الأخلاق، ولا مقارنة بينها وبين من يركبون موجة الإسلام لتنفيذ غاياتهم، من قتل وسلب وفواحش موثقة من سجلاتهم،كما سيرد في الحديث القادم، سنجد أن هذه عصابات لعبت بأعصاب الضعفاء من المسلمين الذين يرون فيهم صورة الفاتحين الأوائل، وهي صورة خادعة منافقة لأهداف تخدم مصالحهم الخاصة.
أردت من هذه المقدمة أن أعطي صورة موجزة عن هذا التنظيم الذي حسبه كثير من الناس وليد اليوم، أو أنه من خريجي السجون الذين أطلق سراحهم المالكي وعصابته الفارسية من سجون العراق، مثل سجن أبو غريب وغيره في عهد جمهورية العراق، والواقع ليس ببعيد، فمنهم كثير من أولئك الشذاذ، لكن التنظيم قبل ذلك بكثير.
يعود هذا التنظيم منذ أن بدأ أسامة بن لادن تنظيمه حين غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان، سنة1988، وعندما خرج الاتحاد السوفيتي من أفغانستان عاد بن لادن للسعودية، ومنها خرج إلى السودان تاجراً بأمواله التي ورثها عن أبيه، وهي ثروة طائلة، لكنه فشل كتاجر، ومنها خرج مجاهداً في أفغانستان، وأسس القاعدة، وانضم إليها أيمن الظواهري، ولما قتل بن لادن في2مارس2011 قامت على أنقاضها تنظيمات أشهرها(داعش) لتغير موقعها إلى الفوضى وضعف الحكومتين في كل من العراق بعد احتلال أمريكا ومقتل صدام حسين، واندلاع الثورة السورية. ولا يخفى على أحد من المتابعين للأحداث أن الذي وراء القاعدة في أفغاتستان هو الذي وراءها في العراق وسوريا، ولا يخفى ذلك التواطؤ بينها وبين الحكومتين في بغداد ودمشق. ولم يذكر في يوم من الأيام أنها دخلت بغداد المحمية الإيرانية إلى حد ما.
في هذا الكتاب (داعش،،،الحقيقة المؤلمة) بذل المؤلف جهوداً لم يسبق إليها، وكشف النقاب عن كثير مما يجهله العامة، بل كثير من المثقفين- إذا جاز لنا التعبير- من غير المشتغلين بالهم الدائر في المنطقة العربية، ألاعيب هذه العصابات المسلحة التي استولت على كتائب الجيش العراقي بأمر من رئيس العراق، نوري المالكي في 20/5/2015حسب ما ذكرته وكالات الأنباء، فالتواطؤ موجود، والخيانة طبع الخائن.
اشتمل الكتاب على أربع عشرة محاضرة، ومقدمة وتمهيد، ألمح فيها إلى عدد من القضايا التي تكشف ما بداخل الكتاب من حقائق، ألقى الباحث محاضراته عبر(الفيس بوك) وتابعها عدد كبير من جميع أقطار البلاد العربية والناطقين بها من الخارج،وتمت مناقشة مواضيعها والإجابة عنها.
والكتاب عبارة عن ثلاثة ملفات، كان الأول عبارة عن تمهيد تاريخي، استعرض فيه المؤلف أساس المشكلة، مبتدئاً بانقلاب الجنرال محمد داوود قريب الملك الأفغاني محمد ظاهر شاه وارتحاله عن البلاد، ثم اشتعلت البلاد من بعده بحروب أهلية تعاني منها إلى اليوم، كما تذكر الأحداث الإخبارية الرسمية.
إلى اللقاء في الحلقة القادمة.