الثقافية - خلود العيدان:
بدأت الحكاية منذ عامين تقريبًا، عندما قرر الصديقان، المترجم الدكتور نادر الخمليشي والدكتور فيصل الفرطاخ المختص بالتجارة الإلكترونية، أن يترجما حلمهما إلى واقع؛ لتنطلق فكرة إنشاء منصة إلكترونية فريدة، تكون بمنزلة حلقة وصل بين المترجمين وأرباب المشاريع في الشرق الأوسط والمغرب العربي.
«ترجملي» هو الاسم الذي أطلقه الصديقان على الموقع الإلكتروني www.tarjemly.ma، الذي يجمع بكبسة زر بين المترجم والباحث عن الترجمة، ويقدم لهما مكتبًا افتراضيًّا، من خلاله تقدم طلبات الترجمة، العروض والتفاوض، إضافة إلى مجموعة من خدمات التواصل كصفحة شخصية لكل مترجم، يمكنه من خلالها عرض خبراته ومؤهلاته العلمية، وبيان سيرته المهنية وإمكانية التواصل مع مترجمين من أنحاء العالم.
كانت سنة 2013م هي النواة الأولى لترجملي. وقد ضع الفريق الخطوط العريضة للمشروع، وشرع في البحث والتقصي ودراسة السوق، تبعها مرحلة إطلاق النسخة التجريبية في منتصف شهر إبريل 2015م بتأسيس شركة للإشراف على الموقع وتطويره، وصاحب ذلك جهود لتطوير النسخة الرسمية.
واستقطبت «ترجملي» خلال ستة الأشهر الأولى منذ انطلاقتها مشاريع متنوعة، منها طلبات ترجمة فورية، كان آخرها طلب ترجمة فورية لفائدة مهرجان دولي في المغرب، وآخر طبي في الإمارات العربية المتحدة، ترجمة مواقع، ترجمة تطبيقات، مشروع ضخم لترجمة محاضرات داعية إسلامي، ترجمة كتاب المعايير الإسلامية لفائدة مؤسسة رائدة في البنوك الإسلامية، وآخر حول المصارف الإسلامية، إلى جانب طلبات ترجمة قصص أو فصول من كتاب أو بحث أو مجرد صفحات من مقال أو بيان، وغيرها مما ساهم وشجع أكثر في خلق خدمات جديدة داعمة لرواد المنصة.
وأكد مؤسسا منصة ترجملي لـ(الثقافية) أن تطور العالم الرقمي في الوطن العربي ونشوء ثقافة التجارة الإلكترونية، إضافة إلى تطور عدد خريجي معاهد الترجمة والعاملين بحقل الترجمة، كانت كلها أسبابًا شجعت على تكريس الجهود للخروج بنموذج يمكّن أكبر شريحة من المترجمين من التواصل مع أرباب المشاريع الباحثين عن ترجمات، سواء تعلق الأمر بمؤسسات أو أفراد، مشيرين إلى أن الترجمة في المنطقة لم تدخل العالم الرقمي بقوة، ولم تواكب التطور السريع الذي يعرفه حقل الترجمة واللسانيات والتطبيقات في العالم، وهو ما انعكس سلبًا على الخدمات المقدمة في هذا المجال عدا محاولات خجولة من بعض مؤسسات الترجمة، عبارة عن مواقع تمثل شركات للترجمة أو مكاتب في الوطن العربي.
وعن حركة الترجمة في العالم العربي أشارا إلى أن هناك إرهاصات نهضة، لكنها كما الحيران يتلمس طريقه في غياب خارطة طريق على المستوى العربي، تشرف عليه مؤسسة مركزية. فالملاحظ هو أن لكل قطر سياسة خاصة به، وحاليًا يتم التركيز على ترجمة كتب من الأدب العالمي إلى اللغة العربية، إلى جانب بعض الجوائز التي تحفز المترجمين على ترجمة العلوم، إضافة إلى إشكالية رصد موارد ضخمة لمشاريع ترجمة؛ ما يوجب أن تكون الأولوية دعم التكوين في مجال الترجمة، وتخصيص اعتمادات مالية للباحثين في المجال، وإنشاء حاضنات للمترجمين، ودعم الشراكة مع القطاع الخاص، والاستفادة القصوى من التجارب الرائدة. فالمصاعب التي واجهت «ترجملي» كنموذج كانت تقنية ومادية. تقنيًّا تمثلت في رهان إطلاق المنصة بأربع لغات دفعة واحدة (العربية، الإنجليزية، الفرنسية والإسبانية)، وتطوير منظومة عمل متكاملة، توفر كل خدمات التفاوض بين المترجم والعميل، وتيسير عملية التواصل واختيار أفضل صيغ لذلك، بما فيها صيغ الأداء والاشتراك.. وكل واحدة منها كانت تستغرق مدة ليست بالقصيرة.
اليوم يقترب تعداد المترجمين إلى الألف من الدول العربية كافة، ويشمل مستويات متنوعة من خبراء، مختصين وطلبة. كما يقوم فريق «ترجملي» بالتنسيق مع مكتب التعريب التابع للمنظمة العربية للثقافة والعلوم من أجل إصدار قاموس فريد من نوعه في العالم العربي، ويسعى بجهد لأن يحقق حلمه في أن يكون مرجعًا معتمدًا في مجال الترجمة عربيًّا ودوليًّا.