بدأت الدروس العلمية في جامع الشريعة للشيخ الدكتور صالح بن سعد اللحيدان وقد توافد إليه أهل ينبع وما جاورها من العلماء والمثقفين، حيث بدأ الدرس في يوم الخميس 22 /6/ 1437 مساءً من بعد المغرب إلى بعد العشاء لمدة 3 ساعات وكذلك من يوم الجمعة من بعد المغرب إلى بعد العشاء، وقد كانت خاتمة الدروس واللقاء العلمي الموسع يوم السبت عصراً 24 / 6 / 1437.
وكانت الدروس تحول حول أسس النقد العلمي وأصول الجرح والتعديل والفرق بين الغيبة والنميمة والجرح والتعديل الذي نص عليه كبار العلماء كالمزي والذهبي وابن حجر وابن عدي وابن سعد والعقيلي والعيني وابن قتيبة وابن رشيق وابن خلدون والإمام احمد وعلي بن المديني ويحيى بن معين وشعبه بن الحجاج والإمام اللكنوي.
وقد بدأت الدرس بما يلي من خلال هذه الأسئلة لسماحته - حفظه الله -:
س / ما تقولون في الإمام احمد؟
ج / ثقة حجة إمام أهل السنة وما جرى في المسند من بعض الأحاديث الضعيفة ونحوها إنما جاء لعله من الوراقين أو بعض إضافات ابنه عبد الله على سبيل الاجتهاد.
س / ما تقولون في علي بن المديني؟
ج / إمام ثقة فالرجال وطبقه أحوال الرواة وهو الذي اشرف على صحيح البخاري وهو شيخ البخاري ولا ينظر هنا قول احمد فيه فكلاهما إمام ثقة.
س / ما تقولون في شعبة بن الحجاج؟
ج / ثقة ثبت حجة من أئمة الجرح والتعديل وعلم الرجال وكان له فضل في حال أصحاب البدع.
س / ما تقولون في إسماعيل بن عليه؟
ج / هذا الرجل إنما بضم العين عُليه وهو إمام ثقة وإنما اخطأ مجتهدا في القرآن وكلام احمد فيه إنما من باب البيان ليس إلا وإلا فهو أعني إسماعيل بن عُليه ثقة ثبت وروى له البخاري ومسلم وغيرهم واسمه الصحيح إسماعيل بن ابراهيم وإنما لقب ابن عُليه لشهرتها .
س / ما تقولون بأبي معاوية؟
ج / هذا اسمه محمد بن خازم ويكنى بأبي معاوية وكان كفيف البصر، وكان يميل إلى القدر المذهب المعروف ولكنه لم يدع إليه لا في لسان الحال ولا في لسان المقال والرجل ثقة مأمون حسب ما ظهر لي من دراسة لحاله رحمه الله .
س / ما تقولون في بقية بن الوليد؟
ج / بقية بن الوليد من طبقة العراقيين كف بصره في آخر عمره فكان عنده كما قال احمد تلامذة يلقنونه فيتلقن وهو في روايته ضعف ولكنه إمام جليل في العبادة .
س / ما تقولون في ابي إسحاق السبيعي؟
ج / هذا إمام جليل من كبار التابعين رأى قرابة خمسمائة من الصحابة منهم بن عمر وبن عمرو بن العاص وسواهم وهو ثقة ثبت حجه لكنه تغير في آخر عمره ولكن حديثه في درجة عالية روى له البخاري ومسلم وغيرهم.
س / ما تقولون في النسائي؟
ج / اسمه احمد بن شعيب إمام كبير من أئمة المتون والأسانيد وله كتاب السنن ولكنه إذا تفرد بالجرح أي نقد الرجال فلابد ان يصاحبه غيره من علماء الجرح والتعديل.
س / ما تقولون في إسحاق بن راهويه؟
ج / اسمه إسماعيل بن ابراهيم وهو إمام حجة جمع بين علم الحديث وعلم الفقه وهو أحد الذين كان يزوره كبار العلماء من المشرقين.
س / ما تقولون في عبد الرزاق الصنعاني؟
ج / هذا الرجل إمام حجه له المصنف وهو من كتب الحديث المعدودة لكن في المصنف بعض الأوهام، لعلها جاءت إليه من شيخه معمر بن راشد وكلاهما ثقة ثبت.
وهناك من رماه بالتشيع لأنه ذكر فضائل أهل البيت والصحيح انه ليس بمتشيع وذكر فضائل أهل البيت ليس فيه نكير.
س / لكن ما تقولون في سبب أوهامه هل هو من شيخة أم هناك سبب آخر؟
ج / نعم هناك سبب آخر واقدر هذا السؤال الجيد.
والسبب الثاني انه قد كف بصره في آخر عمره فبهذا السبب والله اعلم حصل له هذه الأوهام في المصنف والا فالمصنف لا يستغنى عنه.
س / هل صحيح ان إمام بن حجر اخذ غالب شرحه العلمي والنقدي من النواوي شارح صحيح مسلم؟
ج / الإمام بن حجر والإمام العيني والإمام بن رجب كلهم في شرحهم يتشابهون في الطرح العلمي والطرح النقدي كذلك في التراجم وفقه الأحكام، وحينما وازنت بين هؤلاء وبين الإمام لاحظت ان هناك تشابهاً كبيراً فلعل النقل قد ورد أو هو وارد وهذا لا ضير فيه لأنه قديماً لا يشيرون إلى ما يأخذون عنه، وبعضهم قد صرح بهذا وهؤلاء أئمة كبار يعلمون ما يكتبون.
س / ما تقولون في الإمام إسحاق صاحب السيرة المشهورة؟
ج / اسمه محمد بن إسحاق وهو صاحب السيرة النبوية وله جهود كثيرة في التاريخ والرواية أحيانا بسند وأحياناً بدون سند وهو من كبار العلماء وقد وضع له العلماء درجة (صدوق) لان علماء المتون وعلماء الجرح والتعديل وجدوا في بعض رواياته الضعيف والمعلق والمرسل.
وكتابه (السيرة) لا أظن أحد يستغني عنه وان كان قد قيل فيه ما قيل ومن ذا الذي يسلم من الخطأ دون المقصود.
لكن كلام الإمام مالك فيه غير مقبول وكلام بن إسحاق في مالك كذلك لأنهما من القرناء.
س / ما تقولون في الإمام المسعودي؟
ج / هذا هو صاحب مروج الذهب وهو كتاب تاريخ اعتمد فيه على الرواية المجردة وهو أشبه ما يكون بالمذكرات فقد كان يرحل من بلد إلى بلد فيسأل كل من يلقاه من الناس ثم يدون في صحفه ثم إذا عاد إلى بلده وموطنه دونها.
ولهذا يعد مروج الذهب غير معتمد عن أهل التحقيق واثبات الآثار لأنه أورد فيه ما هب ودب وفيه تشيع.
س / ما تقولون في الإمام الأعمش...
ج / اسمه سليمان بن مهران وقد غلب عليه هذا الوصف الأعمش لأنه كان قليل هدب العينين وفي بصره ضعف لكنه مع هذا إمام جليل وهو حسب نظري من الطبقة السادسة من صغار التابعين.
وهو في روايته يدلس لكنه مقبول التدليس لأنه لا يدلس إلا عن ثقة هو وسفيان بن عيينة وسفيان الثوري والأعمش إذا روى عنه شعبه ابن الحجاج فإنه يقبل دون بحث.
س / ما تقولون في الترمذي
ج / اسمه عيسى بن محمد الترمذي
واعتبره حسب دراستي وحفظي له بحمد الله ان كتابه (السنن) يأتي في المرتبة الثالثة بعد الصحيحين وقد يخالفني غيري لكن حد علمي انه كذلك وان كان فيه بعض الأحاديث الضعيفة والأقل من ذلك ، وهذا الإمام نشأ كفيفاً لكن الله جل وعلى منحه الحفظ والفهم.
وقد اخذ علل الأحاديث ونقد الرجال عن كثير من كبار العلماء منه البخاري كما هو مبين في العلل الكبرى والعلل الصغرى له.
س / ما تقولون في ابن ابي شيبه؟
ج / بن ابي شيبه إمام قد سبق وقته وكتابه (المصنف) مشهور وهو من أجل الكتب الحديث ويسمى (مصنف بن ابي شيبه) لا يكاد أحد يستغني عنه ففيه نكات علمية ونكات لفظية وفيه بعض الأسانيد فيها نظر، لكنه في الجملة من الكتب الصحيحة.
س / ما تقولون في بن كثير؟
ج / إمام جليل وهو من قرناء بن تيميه والمزي والذهبي وابن حجر (صاحب نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر)، وابن كثير جمع بين علم التفسير والرواية والدراية ولست أظن أحدا بغن عن كتابه (البداية والنهاية ) وكذلك ( التفسير)، إلا أنه قد وقع له ما قد يقع لغيره من كبار العلماء من الخطأ لكنه كان غير قاصد له مثل الروايات الإسرائيلية التي يقع فيها الضعيف والموضوع وما لا اصل له .
س / ما تقولون في ابي الزبير؟
ج / هذا من الرواة السبعة الذين اخذوا العلم عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - ولا سيما في الآثار في سياسة المعاملات وكذلك رواية التاريخ، فقد روى عن جابر وغيره
فإن صرح فقال سمعت أو اخبرني أو حدثني فهو ثقة وان قال عن أو قال من فلابد من بحث هذه الرواية، لأنه قد يقع الخطأ منه دون قصد وقد روى له مسلم في قرابة سبع وثلاثين رواية المقصود انه لا بُدَّ من التصريح في أساسيات روايته إذا صرح بالسماع أو قال عن أو من.
س / ما تقولون في الجرح والتعديل وأيهما يقدم؟
ج / الصحيح حسب فهمي ونظري ان الأصل هو التعديل فلا يجوز نقد أحد أو جرح أحد من المسلمين إلا بدليلٍ بين وواضح، وهذا الدليل لا بُدَّ ان يكون مادي يحسن السكوت عليه، وهناك من قال الجرح يقدم ولكن الصحيح ان التعديل هو الذي يقدم لان الأصل براءة الذمة، ولا ينظر في كلام الأقارب بعضهم في بعض ، خصوصاً ان بعض الأقارب قد يستغل صغار الدعاة وصغار الوعاظ لكي ينتقدوا قريبه حتى يكون هو بريئاً وهذا موجود اليوم وطالعوا اليوتيوب.
ولهذا انصح الأقارب ألا يحسد بعضهم بعضا أو يكيد بعضهم لبعض أو يستغلوا غيرهم ليضربوا أقاربهم في التهم والقدح، لان الناس اليوم يعرفون من هو العالم من غير العالم والشهرة ليست كل شيء لان في الزوايا خبايا.
س / ما تقولون في كتاب (بن حجر) (نخبة الفكر)؟
ج / هذا الكتاب هو الذي نشرحه الآن في هذا الجامع (في ينبع) المدينة الساحلية التي اهتمت بها حكومة خادم الحرمين الشريفين كما اهتمت في غيرها من حيث كافة المعطيات والبذل والجهود الجبارة.
وهذا الكتاب اصله انه سأل ان يؤلف لهم كتاباً في أصول مصطلح العلم والنقد الحديث، فألف لهم هذا الكتاب الجليل
وهو يبين أصول وقواعد علم الرواية وعلم الدراية، ويبين لهم ضوابط وقواعد وتعاريف الآثار من ذلك (الصحيح والضعيف والصحيح لغيره والحسن لذاته والمرسل والمعلق والمنقطع والمعضل والمدلس والمرفوع والموقوف والمتروك والمقبول والموضوع ).
فهذه كلها وغيرها شرحها لكي يكون العالم مدركاً لأساسيات هذا العلم الجليل علم الحديث من خلال الرواية والدراية . وهذا الكتاب إنما هو كتاب بياني وتقعيدي لأسس علم الآثار والنصوص إِذْ لا يمكن لعالم ان يدخل علم الآثار إلا من خلال قراءه مثل هذا الكتاب لكي يكون على بينة.
س / ما تقولون في العقاد؟
ج / مثقف كبير جمع بين ثقافة واسعة والتحليل للشخصيات القديرة والنقد الأدبي ، وهو كاتب معروف، وكتبه (العبقريات ) جيدة لا غبار عليها لو انه صحح الأسانيد وصحح المتون ولهذا وقع له هناك كثير من الأخطاء في الآثار والروايات.
س / ما تقولون في الألباني؟
ج / اسمه ناصر الدين الألباني وإنما أضاف محمداً إلى اسمه تبركاً ، وهو إمام جليل القدر وله جهود في الحديث تصحيحا وتضعيفا، لكنه قد وقع له في تخريج الجامع أحاديث صححها وفيها نظر وأحاديث ضعفها وفي ها نظر ويبقى الرجل إماما.
س / ما تقولون في بن باز؟
ج / مثل هذا الإمام لا يسأل عنه فهو عبد العزيز بن عبد الله بن باز من أهل الدلم جمع بين العلم والحفظ والتقوى وله جهود كبيرة في الدروس العلمية وآثاره معروفة.
س / ما تقولون في بن سعدي؟
ج / هذا إمام متقدم قبل الألباني وقبل بن باز توفي سنه 73 ، وهو إمام من أهالي عنيزة له ضخامة في العقل والرأي وقد تخرج عليه كثير من العلماء وله كتاب التفسير من أفضل ما ألف في هذا الباب في هذا العصر انصح بقراءته .
س / ما تقولون في عبد الله بن حميد؟
ج / عبد الله بن محمد بن حميد إمام جليل وقد جلست إليه والى بن باز كثيراً من باب المناقشة في علم الفقه ومصطلح الحديث ولي مع هذا الإمام جلسات كثيرة بعضها مدون وهذا الرجل جمع بين العقل والعلم والرأي السديد .
س / ما تقولون في طه حسين؟
ج / هذا من قرناء العقاد والمازني واحمد بن حسين هيكل ،
طه حسين كان أزهريا ثم سافر إلى فرنسا وتزوج هناك وله جهود كثيرة في مجال الطرح النقدي والثقافي ومن أفضل كتبه الوعد الحق . وعليه ملاحظات قويه خاصةً في كتابه (في الشعر الجاهلي) الذي سماه أخيراً (في الأدب الجاهلي) وحذف منه أشياء قد أوصلته إلى النقد الشديد وآراؤه غالبها تم نقدها في حينه .
س / ما تقولون في احمد أمين؟
ج / احمد أمين هو من قرناء طه حسين أيضاً وجملة ما كتبه إنما في التاريخ وكتابه (حياة محمد) مطبوع ومتداول ولكنه وقع فيه أحاديث واثار بعضها يصل إلى انها موضوعة لم تصح، وله جهود قوية في الطرح التحليلي لفجر الإسلام وضحى الإسلام وظهر الإسلام إلا أنه كذلك قد وقع عنده أشياء من الخطأ .
س / ما تقولون في عبد العزيز بن عبد الله ال الشيخ؟
ج / هذا اعتبره وشهادتي فيه شهادة ناقد اختص بالنقد وعلم الرجال اعتبره إماما في الفقه والمستجدات ويمتاز هذا الرجل بالجد وطول الصمت درست عليه سنة 86 و87 و88 13 إبان الطفولة المبكرة فوجدت منه أباً ومعلماً.
من هذا الباب فإنني أوصي كافه العلماء والمثقفين بضرورة الاستعداد النفسي وحسن النية قبل كل شيء لطلب العلم وتأصيل العقل العلمي النقدي، لكي يكون المرء ذا ثقافة وخلفيه عميقة في أساسيات العلم لان ما سوف يطرحه سوف يلقى قبولاً أو رداً (لان من ألف فقد استهدف)، ولهذا فإنَّ العالم أي عالم والمثقف أي مثقف والكاتب أي كاتب إنما يقدم عقله لا قلبه، فهو إذا كتب ونشر سوف يتبيّن من خلال ذلك ما له أو عليه، ولذلك فالناس يعلمون وان كانوا لا يتكلمون ولهذا أوصي كافة العلماء وطلاب العلم من خلال هذا المنبر العلمي بألا يملوا من طلب العلم والبعد عن العجلة والخطاب المباشر، خصوصاً التقليد لان التقليد يلغي الشخصية شيئاً فشيئاً.