نقوشات على بوابة الريح ">
إلى روح الصديق الحبيب الشاعر محمد الثبيتي الذي سافر عنّا خلف الغيوم..!
تنامُ أيَا سيَّدَ البيدِ حُرَّا!
هناك على جبهة المجد نِسْرا!
تُحلّقُ خلْفَ غُيوم الجبالِ
وتحمِلُك الريحُ للّيْل فجرا
تخوضُ بحاراً من المستحيلِ
فتغدو سفينا تأجَّلَ دهرا
تُطِلُّ علينا من الداجياتِ
شموساً وتشرقُ في الأرض زَهْرا
وتنثرُ عبْقَ الخُزامى وتسكبُ
من قهوة الشاذِليَّة سُكْرا
تُديرُ علينا مِهاجَ الصباحِ
وترمي علينا الترانيحَ بِكْرا
فَصُبَّ لنا وطناً في الكؤوسِ
وأغدقْ عليه من الدمع عُذْرا
لكَ اللهُ يا شاعرَ البيدِ كم مِنْ
رسيسٍ تَوَقَّظَ في القلب جمْرا
تسافرُ عنّا رفيقَ الرياحِ
وتتركُنا للسوافي مَقَرَّا
وتتركنا في سموم الصحاري
عَطاشى فُرادى نجوعُ ونعْرَى
وتتركُنا لعوادي الزمان
وبنْتٍ من الدهر تُنجبُ أُخرى
وأينعَ غرْبُ الفؤاد بأقصى
احتمالات حُزْنٍ تلوَّن عُمْرا
جراحيَ يا كُلَّ جرحٍ يصيحُ
وحزنيَ يا حُزْنَ مَنْ مات قهرا
ودمعيَ كمْ في الدموع وجيبٌ
ولكنه صامتٌ قد أُسِرّا
تلوحُ أمامي جناسُ الرمال
فيشربُها القلبُ فكرا وشعرا
وإنّي إذا ما تهجَّيتُ وهماً
تهجَّيْتُ حُلْماً فيُمْطرُ نهْرا
تضاريسُ قلبٍ يُضمّخْنَ قلبي
فتُجهشُ أقصى الشرايين عطرا
وبي غربةٌ حَدَّ لحمي وعظْمي
ترتِّل بوابةَ الريح سطْرا
ومنفايَ.. أين أفرُّ? ومنه
إليه أعود مُكِبَّا مُقِرّا!
خلايايَ كلُّ منافي الوجودِ
وجرحي جراحُ الثواكل طُرَّا
وتغريبةٌ للقوافل تسري
بروحي وترحل برّاً وبحرا
كذا الحرُّ حين تُشيحُ الأماني
بوجهٍ يلوذُ بذا الموتِ ذُخْرا
وحين يلفِّعُ وجهَ الصباحِ
ظلامٌ يكونُ له الليلُ جِسْرا
فلا يلتفتْ حين يمضي وحيداً
إلى جنةٍ هي أحلى وأحْرى
ولا تبْكيَنَّ عليه عيونٌ
ألحَّ عليها اللظى واستمرّا
فكلُّ حدائقه بَعْدَهُ
ستخضرُّ يوماً وإنْ كُنَّ صُفْرا
وكلُّ نخيل الغد المُتَرجَّى
ستُهززُ جِذْعا فتُسقطُ تمْرا
وكلُّ فُقاعات عصر المغول
ستُمْحى كخطّ رصاصٍ وتهْرا
لأنَّ الليالي حُبالى الرياحِ
وشمسُ النهار ستشرقُ قَسْرا!
- مطلق الحبردي