د. منى بنت عواد الخطابي ">
كثر الحديث مؤخراً عن حقوق المرأة فلا يكاد يمر يوم دون أن يطالعنا مقال جديد أو وسم في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي أو نقاش في مكان العمل أو أحد الاجتماعات العائلية عن حقوق المرأة بشكل عام وعن قيادة المرأة وعملها بشكل خاص. من عادتي التحفظ عن الحديث في هذا الشأن بسبب قناعتي بأن الحديث فيه بالشكل والكيفية الحالية لن يحل الإشكالات القائمة بل سيفرز إشكالات أكبر كما سأوضح لاحقا في هذا المقال.
واليوم سأكتب في الموضوع من منظور آخر ومن زاوية مختلفة، لن أدعي بأننا الأفضل ولن أدفن رأسي في الرمال وأصم أذني عن المشاكل التي نراها ونسمعها يوميا. ولكن ومن خلال هذه السطور أود أن أبين بأننا مجتمع كبقية المجتمعات لدينا العديد من العيوب والإشكاليات التي كانت نتاجا لتركيبتنا الحضارية والثقافية وهي بالتأكيد مختلفة عن اشكاليات وعيوب المجتمعات الأخرى، ليس لخصوصيتنا التي طالما سمعنا عنها ولكن لأن كل مجتمع هو تركيبة خاصة تختلف عن بقية المجتمعات بسبب عوامل ثقافية ودينية وسياسية واجتماعية أثرت فيه وكونت حاضره.
خلال مشاركتي في منتدى المرأة القيادية في التعليم العالي الذي نظمه مركز القيادة الأكاديمية تحت إشراف وزارة التعليم وخلال أحد النقاشات الجانبية وكما هو معتاد اثيرت قضية قيادة المرأة بعد استفسار حول القضية من إحدى المدربات من الولايات المتحدة الأمريكية ومن ثم أخذ النقاش منحى آخر ناحية حقوق المرأة بشكل عام وفرصها في قطاع التعليم العالي ليفاجأ معظم المشاركين في الحوار بمعلومة سبق لي الاطلاع عليها تخص معاناة عضوات الهيئة التعليمية في الجامعات الأمريكية من عدم المساواة في الأجور مع الأعضاء لدرجة أنه قد يصل الفرق الى 30% من الراتب لمجرد أنها امرأة!! وكانت دهشة المدربات أكبر لمعرفتهن بأن سلم الرواتب لدينا لا يفرق بين المرأة والرجل، وعندها قالت احدى المدربات جملة استوقفتني كثيرا (Saudi women are not veiled, the whole kingdom is veiled) كناية على أن الإعلام اخفى كثيرا من الحقائق عن المملكة العربية السعودية وساهم في تكريس الصورة النمطية للمملكة في الولايات المتحدة الأمريكية وبقية العالم وخصوصا فيما يتعلق بالمرأة، لدرجة أن بعضا منهم يستغرب لكون عدد طالبات تخصصات STEM (العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات) في جامعاتنا أكبر من الطلاب في حين يعاني المجتمع الأمريكي من نظرة دونية كرست عبر سنوات طويلة ترى أن المرأة لا يمكن أن تنجح في هذه التخصصات مما أدى إلى عزوف النساء عن هذه التخصصات، واليوم هناك العديد من المبادرات لجذب المرأة إلى هذه المجالات.
أتمنى أن ننظر لحقوق المرأة السعودية من زاوية أخرى، لسنا الأفضل ونعم لدينا مشاكل عديدة وقضايا مهمة وجوهرية ولكن نقاشها بالكيفية الحالية على الملأ وتأجيج الرأي العام وقسم المجتمع بين مؤيد ومعارض لوجهات النظر المختلفة وتكريس النظرة الدونية للنفس عند بناتنا لن يحل هذه الإشكاليات ولن يساهم الا في زيادة الاحتقان وتعقيد ماهو سهل وبسيط. أعتقد أن الأجدى تكوين لجان متخصصة لدراسة وضع المرأة السعودية واقتراح حلول للإشكالات القائمة وتقديمها لأصحاب القرار والجهات المختصة سعيا للوصول الى حلول حقيقية وجوهرية.
في الختام أكرر مرة أخرى نحن كبقية المجتمعات لدينا من العيوب والمميزات ما لدى غيرنا من المجتمعات وأتمنى أن يتم مناقشة مشاكلنا من قبل ذوي الاختصاص بشكل منهجي مدروس وأن يكف من لا شأن له بحقوق المرأة عن الخوض في شؤونها على الملأ ولنصدر مميزاتنا في ظل الحملة الإعلامية الشرسة التي تواجهها المملكة العربية السعودية هذه الأيام من الإعلام الغربي ونتوقف عن تغذيتها بأنفسنا ليس خوفاً منهم ولا موالاة لهم ولكن إيمانا بأن المملكة العربية السعودية تمثل الإسلام وحرصا منا على إيصال ديننا للعالم كما يجب وكفا لألسن الحاقدين والحاسدين ومثيري الفتن في الداخل والخارج.