د.عبد الحكيم بن عبد المحسن أبابطين ">
تسعى الدولة - وفقها الله - في اتخاذ كل التدابير التي من شأنها أن توجه دفة التنمية البشرية والاقتصادية من خلال الارتقاء بالثروة البشرية والمواطن السعودي، وتدفعه لزيادة الإنتاج والإبداع في مجال عمله، عبر الارتقاء بقدراته وتحسين بيئة العمل، ويأتي ذلك إيماناً بدور التنمية البشرية في مواجهة التحديات العالمية الجديدة التي فرضت نفسها بقوة على الساحة الاقتصادية، ويعد برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية أحد السبل المهمة التي تضمن توجيه دفة التنمية إلى الاتجاه الصحيح، حيث يدعم هذا البرنامج التطوير المطلوب خاصة في هذه اللحظة الفارقة، التي تتوجه فيها المملكة العربية السعودية للأخذ بعلوم التكنولوجيا والاعتماد على الكفاءات الوطنية وثروتها غير النفطية والارتقاء بقدراتها التنموية والاقتصادية.
ويهدف برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية إلى رفع جودة أداء الموظف الحكومي وإنتاجيته في العمل، وتطوير بيئة العمل، ووضع سياسات وإجراءات واضحة لتطبيق مفهوم الموارد البشرية وإعداد وبناء القادة من الصف الثاني.
وقد شرفت بحضور اللقاء التعريفي لبرنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية الذي افتتحه أخيراً وزير الخدمة المدنية، وقد أسعدني كثيراً ما لاحظته من عوامل قوة كثيرة في البرنامج الذي نتوقع له - بعون الله - النجاح، خاصة وأن المجتمع متعطش كثيراً لمخرجاته.
ومن خلال خبراتي الأكاديمية والعملية في مجال الجودة والتطوير والتخطيط الإستراتيجي أرى أن هناك فرصة كبيرة للتطوير في البرنامج خاصة وأن معالي وزير الخدمة المدنية كشف خلال اللقاء التعريفي أن البرنامج سيتم خلال الفترة الأولى بشكل (تدريجي) لمدة عام على عدد من الوزارات (العدل، الشؤون الاجتماعية، الزراعة، الاتصالات وتقنية المعلومات، الخارجية، والثقافة والإعلام) اعتباراً من 1-1- 1437هـ.
وأوجه ملاحظاتي يمكن إيجازها في الآتي:
أولاً: إن نجاح برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية يعتمد بشكل كبير على تغير بعض أنظمة وزارة الخدمة المدنية والتي قد تعيق النجاح الكامل للبرنامج مثل نظام التوظيف، والترقيات وغيرها.
ثانياً: يجب ألا ترتبط الموارد البشرية مباشرة برأس الهرم ( الهيكل الإداري)، فإذا أخذنا هذا الاعتبار ذكر أن إدارة المتابعة تتبع رأس الهرم، ومكاتب المشاريع تتبع رأس الهرم، وإدارة المخاطر تتبع رأس الهرم؛ فهذا بلا شك خلل كبير في الهيكل التنظيمي للمؤسسة، لأن هذا الاتجاه يعني تقليل صلاحيات (الصف الثاني) في الهيكل التنظيمي للمؤسسة، وما أود التأكيد عليه هو أهمية أعطاء الصلاحيات للصف الثاني في الهيكل التنظيمي وتوزيع الصلاحيات وعدم وضعها جميعاً في المستوى الأول أو رأس الهرم.
ثالثاً: سوف يترتب على ذلك أن تسحب (تنقل) بعض الصلاحيات في بعض الإدارات وتضاف إلى إدارة الموارد البشرية، ومنها إعداد الهياكل التنظيمية من إدارات التطوير إلى إدارات الموارد البشرية. وهذا من وجهة نظري (يجب أن يراجع جيداً) خاصة وأن التطوير هي الجهة الأقرب لتولي هذه المسؤولية مع إيماننا بعلاقة الموارد البشرية بها، ولسبب بسيط هو أن إدارة الهياكل التنظيمية تُحكم بعلاقتها مع بعضها بعضاً، والخدمات التي تقدمها، كما أن الهيكل العام للمؤسسة يخدم المنتج سواء كان خدمياً أو غير خدمي، والذي يتمثل في تحقيق رسالة هذه المؤسسة وخطتها الإستراتيجية، لذا يفترض أن يبقى إعداد الهيكل من ضمن إدارات التطوير في المؤسسات مع مشاركة إدارة الموارد البشرية وليس العكس.
وأكبر دليل على وجوب ذلك هو أن الجامعات في المملكة العربية السعودية تتبع وزارة التعليم، ولا تتبع وزارة الخدمة المدنية، رغم عملها وفق قوانين وأنظمة وزارة الخدمة المدنية، كما أن مكاتب الفصل في منازعات الأوراق التجارية توجد تحت مظلة وزارة التجارة والصناعة ولا تتبع وزارة العدل مع أنها تتبع لوائح أو الأنظمة العدلية التابعة لوزارة العدل.
وهذه بعض الملاحظات التي أراها، وقد أكون مخطأ، أو أن هناك وجهة نظر أخرى يراها القائمون على البرنامج، وإنني أتمنى أن تقوم إدارة برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية بدراسة ذلك خاصة وأن تطبيق البرنامج ما زال في مراحله الأولى، وهي فرصة للتعديل. وفق الله وطني وساند مليكنا وولي عهده وولي ولي العهد بما فيه الخير للبلاد والعباد.
- عميد عمادة التطوير والجودة بجامعة الملك سعود