محمد إبراهيم الدواس ">
أصبحت المهرجانات السياحية لدينا مرتبطة بالإجازات، وأصبحت الأوقات الأخرى ميتة ولا يتم استغلالها نهائيًا، ولكي تصنع بلدًا سياحيًا عليك أن تصنع الحدث السياحي دون انتظار الإجازات والمناسبات؛ ومن أجل ذلك علينا استغلال الأوقات الميتة، وصنع حدثنا الخاص، والناجحون غالباً يستفيدون من البيئة المحيطة ويطوعونها لهم، وأمامنا فرص كثيرة لصنع النجاح باستخدام الموارد التي تنتجها الطبيعة أو الصناعة، والاستفادة من موروثنا والسعي لجعله رافدًا سياحيًا.
في بعض الدول لا يكتفون من الاستفادة من المباني التاريخية سواءً بجعلها متحفا أو معلما سياحيا، كذلك يستفيدون من المباني الحكومية التي تبنى حديثًا بالحرص على تصميم المبنى تصميما حديثا، جذابا، وشكلا لم يسبقهم الآخرون عليه، ويضعون مسطحات خضراء يستفيد منها السائح، ويكون هذا المبنى مزارا.
وما تفعله بلدة الخبراء بمهرجانها الذي يوافق هذه الأيام مهرجان «معيّة الخبراء»، هو استغلال للإرث التاريخي لهذه البلدة. والمهرجان تم إقامته في وقت ميت، والناجح هو من يصنع الحدث في وقت لا يتوقعه أحد.
مهرجان أخذ اسمه من التراث القديم لهذه البلدة التاريخية، والتي تعد كما ذكر رئيس هيئة السياحة من أكبر البلدان التراثية في المنطقة العربية، وكانت تشتهر هذه البلدة بالقمح البلدي الذي تُصنع منه ألذ الأكلات الشعبية في الماضي والحاضر وتشتهر سمعة (معيّة الخبراء) في كل الأسواق حتى إنه وصل إلى سوق الرياض وسوق نجران وذُكر أنه وصل كذلك حتى سوق الشام، وأخذ جودته وسمعته بسبب مزارعه التي تتواجد على ضفاف وادي الرمة.
وسمي قمح الخبراء بـ(معيّة) لصعوبة إخراج حبة القمح من السنبلة.
مهرجان جميل، جمع أركانا متعددة، واهتم بجميع أفراد الأسرة، ولم يخرج لنا بهذه الصورة إلا بجهود كبيرة ومتراكمة على مدى سنوات.
وحرصت البلدية بالتعاون مع هيئة السياحة على تهيئة هذه القرية التاريخية لتكون معلمًا ومزارًا سياحيًا على مدار العام وليتم استغلالها في كل الأوقات لإقامة المهرجانات المتنوعة.
وحرص صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم على فتح أبواب القرية في كل أيام العام، ووجه سموه باستغلال كل الأوقات لإقامة المهرجانات والحرص على الأسرة المنتجة، ويتابع سموه أنشطة القرية متابعة دقيقة وهذا من أكبر أسباب تميزها.
ولرئيس هيئة السياحة الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز جهود كبيرة في ترميمها، وله زيارات متعددة للقرية للوقوف على العمل وسيره ولم يدخر جهدًا ومالاً في سبيل تطوير السياحة في منطقة القصيم خصوصًا وفي مناطق المملكة عمومًا.
ولكي تكون رائدًا في هذا المجال على الشركات ورجال الأعمال أن يكونوا داعمًا حقيقيًا لبلادهم، وأن يحرصوا على المشاركة في هذه المهرجانات التي تعكس صورة حضارية، وتُظهر تاريخا حافلا بالنجاحات التي خرجت من رحم المعاناة لتكون حافزا للأجيال على نهج هذا الطريق وصنع حاضرهم ومستقبلهم بأيديهم.
شكرًا لرئيس بلدية الخبراء على هذه الأعمال المتميزة والسعي الدائم لرفعة مدينته، والشكر للمدير التنفيذي لمهرجان «معيّة الخبراء» الأستاذ المنشد عبدالله العبودي على جهوده الكبيرة والملموسة في المهرجان الذي فتح بابه واستقبل النقد قبل الثناء وسعى بكل جهوده لإظهار المهرجان بهذه الصورة الجميلة، والشكر لكل العاملين على كل ابتسامة زرعوها وجهد بذلوه.
أتمنى أن نظل على هذا الطريق، نصنع مهرجاناتنا من بيئتنا، ونسعى على إحياء الأوقات الميتة ولا نكتفي بالإجازات.
- القصيم - رياض الخبراء