أحمد المغلوث
كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة قبل منتصف الليل عندما دلف الأب لغرفة ابنه المراهق ليتأكد من وجوده في فراشه. فغدا يوما دراسيا جديدا يحتاج فيه جسمه لساعات نوم معقولة تساعده على المحافظة على نشاط جسمه طوال ساعات اليوم الدراسي.. هذا إذا نام نوما عميقا ومبكرا..
لاحظ نورا مشعا من تحت البطانية بسرعة وضع كف يده اليمنى على فمه كاتما ضحكة كادت تكوم مجلجلة ربما اهتز فيها بيته ووصل صداها الى جيرانه.. تراجع وأغلق باب غرفة ابنه وما زالت ضحكته المكتومة تهز جسده. وعندما دخل غرفته إذا بزوجته تستقبله مستفسرة ووجها باسم. خير. أشوفك تضحك.. فقال وهو يواصل ضحكاته ولكنها بدأت خفيفة بعدما تراجعت حدتها: تصدقين الولد الخبيث يطالع هاتفه من تحت البطانية لكن قوة ضوء الهاتف واضحة من خلالها.. الذي دفعني للضحك ومن ثم كتمها في الحال رغبتى ألا أزعجه أو أقطع عليه حبال رسائله وتويتاته مع أصدقائه وزملائه في المدرسة أو في مواقع التواصل الاجتماعي.. إضافة إلى أن المشهد أعادني إلى الزمن الجميل عندما كنت في عمره. لقد تذكرت كيف كنت أستخدم
«مصباح البطارية» لقراءة روايات حمزة البهلوان أو عنترة بن شداد أو الظاهر بيبرس، فالوالدة -رحمها الله- كانت تمنع منعا باتا أن نشعل نور الغرفة من بعد الساعة التاسعة ويا ويله وسواد ليله لو شاهدت النور مضيئاً من تحت عقب الباب فسوف تحرمنا من مصروف الفسحة الذي لا يتجاوز أيامها نصف ريال؟! لذلك قررت أنا وأخي عبدالعزيز -رحمه الله- أن نوفر من مصروفنا الأسبوعي ونشتري مصابيح بطارية ونتابع قراءة مجلداتنا ومجلاتنا من تحتها ولا من شاف ودرى.. تذكرت ذلك يا أم عبدالله وكتمت ضحكتي لأنني كنت في سنه أمارس القراءة من تحت البطانية فمن شابه أباه ما ظلم.. وأضاف الأب المهم ابعثي له رسالة نصيه من خلال الواتساب وأخبريه أن مطالعة الهاتف الذكي من تحت البطانية مضر لصحة عيونه. وأنني اكتشفت حيلته.. وزيديه من الشعر بيتا بأني لن أسدد فاتورة جواله غدا إذا لم يغلق جواله وينام.. ولا تنسين تقولين له أبوك يقولك تصبح على خير!
تغريدة: الحياة رواية طويلة جداً يشترك في بطولتها ملايين البشر وكل واحد يقوم فيها بدوره الحقيقي.