تناول أستاذنا الفاضل حمد القاضي في مقال له يوم الخميس 22 جمادى الآخرة من العام 1437هـ معالجة تسمية بلدات ذكرها كنماذج لإعادة النظر في التسميات التي ترتبت على التقسيمات الإدارية لمناطق المملكة المختلفة إلى مناطق ومحافظات ومراكز، وفق معايير موضوعة آنذاك لتحديد المستوى الإداري لكل بلدة، داعياً إلى إعادة النظر في تصنيف بعض المراكز التي ذكرها كنماذج، وإلى تصحيح التسمية من مركز إلى بلدة. والواقع أن أستاذنا الكريم أصاب كبد الحقيقة، وأضيف إلى وجهة نظر الأستاذ حمد القاضي بأن يؤخذ في الاعتبار عند إعادة النظر في ثلاثة عوامل هي: الظروف التاريخية، والجغرافية، والتنموية. وكنموذج يمكن معالجة هذه العوامل عليه. بلدة الخبراء بالقصيم، والتي هي بمنزلة الجارة لبلدة حمد القاضي عنيزة الفيحاء. بلدة الخبراء من حيث النشأة ترجح نشأتها بين عام 1105 -1140 هـ، حيث إن تاريخ تلك الحقبة من الزمن يكاد يكون معدوماً لأسبابه المختلفة، وقد ارتبطت إدرياً منذ سكنها منشئوها بالولاية لملوك المملكة العربية السعودية في مختلف المراحل. وحينما تم التنظيم الإداري للمملكة العربية السعودية ارتبطت الخبراء بإمارة منطقة القصيم ارتباطاً مباشراً، وظلت على هذه الحالة حتى ساعتها. وتحفظ الوثائق المعتمدة توجيه المؤسس - طيب الله ثراه - حدود منافعها من مرعى ومحطب ومحش (ما كان يسمى بالحمى) عام 1352هـ. وقد اقتطع من تلك المنافع دون مراعاة للتوجيه الكريم من لدن المؤسس - رحمه الله، واحتمالات التوسع للخبراء في ظل التنمية الطموحة التي نفذتها المملكة العربية السعودية على مختلف المساحة الجغرافية للمملكة ما يزيد عن الثلثين من مساحتها الجغرافية بإضافتها لجاراتها التي كانت عبارة عن مراكز تابعة للخبراء فانفصلت إدرياً عنها، مما ضيق الخناق على تمددها جغرافياً وعمرانياً، فلم يعد بالإمكان نشوء مراكز تابعة للخبراء. والمراكز التابعة معيار من معايير التسميات الإدارية المعمول بها، والذي يواجه أهالي الخبراء به عند مراجعاتهم برفع مستواها الإداري بما يليق بها كمحافظة من المحافظات، رغم أن مساحتها العمرانية المتاحة قد استغلت وتضاعفت أكثر من مرة، وكذلك تعداد سكانها قد يتجاوز التضاعف عن تعدادها سنة الإحصاء السكاني الأخيرة. ومن حيث الموقع تقع محور ارتكاز لما حولها من محافظات حيث تتخللها الطرق الرئيسة من وإلى كل الاتجاهات، وقد تنفرد دون غيرها بمرور الطريقالسريع الرياض المدينة وما يتفرع منه من خلالها إلى غيرها، وتنفرد بتميز بوجود بلدة الخبراء التراثية القائمة والتي أصبحت مهبطاً للزوار والسائحين من داخل المملكة وخارجها. وليت الأديب أستاذنا حمد القاضي يشرفنا بزيارة جارته العتيقة، ليقف بنفسه على ما يثلج صدره من عناية أصحاب السمو أمراء القصيم السابقين والحاليين، وسمو رئيس هيئة السياحة الأمير سلطان بن سلمان بالخبراوين - الحديثة والتراثية. أعلم يقيناً أن حمد القاضي لم يغفل الخبراء ضمن ما ذكر من نماذج بقصد الإغفال، ولكنه أراد تشخيص صورة واقعة أمام القارئ والمسئول كنموذج لغايته من المقال. فالخبراء تستحق أن تكون محافظة لتوفر معايير المحافظة فيها عدا المراكز التابعة لأسباب المذكورة.
- إبراهيم الطاسان