د. عبد الرحيم جاموس ">
مرَّت منذ أيام ذكرى معركة الكرامة المجيدة 21-03-1968م مرور الكرام، كما نستقبل ذكرى يوم الأرض المجيد 30-03-1976م، إنها أيام وذكريات لا تُنسى، فقد مثَّل هذان اليومان محطتين هامتين في سياق الصراع العربي الإسرائيلي الدائر منذ سبعة عقود، والذي يبقى الصراع الأساس في المنطقة العربية رغم ما تشهده العديد من أقطار العرب من أزمات متفجرة وساخنة، يتطاير شررها عبر ظاهرة الإرهاب البغيض إلى أنحاء مختلفة من البلاد العربية والأوروبية وغيرها، والذي باتت أحداثه شبه يومية، لتتصدر مواجهته اهتمامات الدول والمؤسسات الدولية والوطنية على اختلافها. ولا شك في أن ظاهرة الإرهاب التي باتت بنداً رئيساً على جدول أعمال اللقاءات الدولية المختلفة من الشرق إلى الغرب، ظاهرة مقلقة للمجتمع الدولي، وقد اكتوى بها العرب وفي مقدمتهم الفلسطينيون، قبل غيرهم.
ولذا سيكون للتحالف الإسلامي لصد الإرهاب ومواجهته والذي دعت إليه وتقوده المملكة العربية السعودية دور فعال في هذه المواجهة الشاملة، وقد عقد رؤساء أركان تسع وثلاثين دولة إسلامية وعربية ومنهم فلسطين، من الدول المشاركة في هذا الحلف اجتماعهم الأول في الرياض 27-26-03 والذي تمخض عنه وضع إستراتيجية للتحالف (أمنية وعسكرية وفكرية وإعلامية) لمواجهة هذا الإرهاب ونواتجه، والتي عبر عنها إعلان الرياض، من أجل التصدي الفعال والشامل للإرهاب والتطرف وتنسيق الجهود بين الدول لدراسة الفكر الإرهابي واجتثاثه وترسيخ قيم التسامح والحوار ونبذ الكراهية والتحريض على العنف، مع استمرار تأكيد الدور العسكري لمحاربته وهزيمته.
إن التصدي لظاهرة الإرهاب وإلحاق الهزيمة به، تقتضي تجفيف موائله ومصادره معنوية كانت أم مادية وإعادة النظر في الخطاب الثقافي على المستوى الوطني والإقليمي والدولي من أجل إرساء قواعد خطاب ثقافي إنساني جمعي يقوم على أساس نبذ الحقد والكراهية والتطرف، ويكرس ثقافة الأمن والسلم والمساواة والاحترام بين الأمم كافة، حتى تكون المواجهة شاملة وكونية لظاهرة الإرهاب. وفي هذا الإطار يأتي وضع الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية التي تمثل أكبر شاهد على استمرار التطرف والإرهاب الصهيوني، الذي لم يحظ بعد بالمعالجة اللازمة لإنهائه ووضع حدٍ له عبر إقرار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في وطنه والتي أقرتها الشرعية الدولية، وتمكين الشعب الفلسطيني من هذه الحقوق، حتى يتسنى اجتثاث جميع الذرائع والمبررات التي تستخدمها بعض المنظمات والحركات الإرهابية كغطاء لأفعالها الإرهابية وزعزعة استقرار الدول. إن زعزعة استقرار الدول والمجتمعات، يمثل صورة بشعة من صور الإرهاب، واحتلال أراضي الغير وضمها بالقوة، والاستيطان فيها، والحيلولة دون تمكين شعب بأكمله من العودة إلى وطنه وحرمانه من حقه في تقرير المصير يبقى الصورة الأبشع لصور الإرهاب، التي لا بد من التصدي لها ووضع حدٍ ينهي مثل هذا الاحتلال ويعيد الحق لأصحابه ويقضي على كل مبررات وذرائع الحركات الإرهابية التي تتوالد وتتنامى في المنطقة، وتأخذ من استمرار العدوان والإرهاب الصهيوني مبررات لوجودها ولأفعالها.
- عضو المجلس الوطني الفلسطيني