150 مليار ريال حجم التبادل التجاري مع الهند.. وكثرة إثارة قضايا الإغراق يقلقنا ">
الجزيرة - الرياض:
أوضح وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق الربيعة أن الجالية الهندية تعد أكبر جالية في المملكة، وأن العلاقة مع الهند علاقة قوية وقديمة جدًّا، ونحرص على توطيدها، مبينًا أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ 150 مليار ريال «ولا نزال مستمرين في تطوير العلاقات التجارية». وقال: إننا دائمًا ومن خلال الاتفاقيات والعلاقة المشتركة واللجنة الوزارية المشتركة نسعى إلى إزالة أية معوقات تواجه الشركات. لافتًا إلى أن «أحد التحديات التي واجهتنا في الهند قضية الإغراق، التي تم إثارتها مرات عدة، وقد فازت المملكة في جميع تلك القضايا، ولكن كثرة إثارتها يقلق، ونحن حريصون على معالجتها بشكل أفضل».
جاء ذلك في تصريح عقب لقاء رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي بمقر مجلس الغرف السعودية أمس عددًا من رجال الأعمال السعوديين، بحضور وزير الاقتصاد والتخطيط المهندس عادل فقيه وعدد من المسؤولين ورجال الأعمال في البلدين. وقال الربيعة إن اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين عُقدت في شهر مايو الماضي في الهند، وتمخض عنها مجموعة من المبادرات التي نرى نتائجها بشكل إيجابي، وكذلك لدينا لقاء للجنة الوزارية المشتركة هذا العام، مؤكدًا أن رئيس الوزراء الهندي رحب بالاستثمارات، ووعد بإزالة أية معوقات تعيق الاستثمارات السعودية في الهند، موضحًا أن شركة سابك تعد من كبرى الشركات المستثمرة في الهند، ولديها مركز أبحاث كبير ومهم.
وأفاد وزير التجارة بأنه تم الحديث عن وجود فرص كثيرة ومعوقات، جعلتهم لم يستمروا في استثمار هذه الفرص، مبينًا أن مركز الأبحاث يوظف حاليًا قرابة 450 شخصًا، ويعملون حاليًا في تسهيل الإجراءات لديهم من أجل أن تستثمر هناك بشكل أكبر، وكذلك مجموعة من رجال الأعمال الذين أبدوا اهتمامهم بتوفير بيئة تحفيزية للاستثمار هناك.
ولفت الربيعة خلال اللقاء إلى أن العلاقات بين المملكة والهند استراتيجية وقوية ومؤسسة على أسس متينة وثابتة، مؤكدًا حرص المملكة على تطوير علاقات التعاون مع الهند، من خلال الاستفادة من الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، والعمل على توسيع هذه الاتفاقيات من أجل تعزيز ونمو التبادل التجاري بين البلدين. ودعا القطاع الخاص في البلدين للاستفادة من الفرص الاستثمارية الكبيرة، والبحث عن حلول خلاقة لتجاوز المشكلات التي تعترض تعزيز ودفع علاقات التعاون التجاري، مشيرًا إلى أن الهند تعد أحد الشركاء التجاريين الكبار للمملكة. كما أعرب عن تطلعه لتعزيز هذه العلاقات من خلال إنشاء مشاريع مشتركة في مجالات جديدة، والعمل على حماية الاستثمارات المشتركة. مشددًا على أن البلدين يتمتعان باقتصاد قوي، والأسرع نموًا في مناطقهما؛ ما يمنحهما فرصة لتوسيع مجالات التعاون الاستثماري بشكل أكبر.من جهته، وصف رئيس وزراء الهند نارندرا مودي اللقاء الذي نظمه مجلس الغرف السعودية أمس بالرياض بأنه مهم للغاية، ويأتي في إطار العلاقات التاريخية والعميقة بين البلدين، لافتًا إلى أن كثيرًا من بلدان العالم تنظر إلى الهند كأحد الاقتصاديات الأسرع نموًّا في العالم، بوصفها عضوًا في العديد من المنظمات والوكالات العالمية المرموقة، بالرغم مما يشهده العالم اليوم من أزمة اقتصادية. وأشار رئيس وزراء الهند إلى أن هناك ثلاث مميزات وأصول رئيسية تجلب الأنظار لبلاده، تتمثل في العمق الجغرافي والبشري وما تمتلكه من مهارات وتقنية. كما أن الهند سوق كبير، فضلاً عن القيم الديمقراطية والنظام القضائي المحكم، مؤكدًا أن هذه المميزات والأصول ذات قيمة كبرى؛ جعلت من بلاده دولة راسخة. كما أشار إلى أن بلاده قامت بعدد من المبادرات الاقتصادية لتحسين السياسات. وثمة سياسات جديدة، من شأنها أن تعالج الكثير من المشكلات، سواء ما يختص بالمستثمرين بشكل عام، أو المواطن. مؤكدًا أن حكومته ستأخذ بعين الاعتبار المشكلات التي تعترض أي مستثمر، ولاسيما ما يخص المستثمر السعودي.
ورأى مودي أن مسألة الضرائب أصبحت شيئًا من الماضي، بقوله: «إن الهند ملتزمة بأن يكون نظامها الضريبي قابلاً للتوقع، وقد اتخذت الحكومة مبادرات في هذا الصدد من خلال الموازنة العامة للحكومة المركزية». مستشهدًا بترتيب بلاده المتميز في مؤشر ممارسة الأعمال الذي يصدره البنك الدولي، الذي أكد أنه يتحسن باستمرار، وأن بلاده ملتزمة بتسهيل ممارسة الأعمال أكثر». وأشار إلى دور التكنولوجيا اليوم في مختلف القطاعات، ولاسيما في المجال الصحي؛ إذ إنها تشكّل جانبًا كبيرًا من الاستثمار الأجنبي المباشر، وأن الهند تتمتع بميزة في هذا القطاع، تجعلها الأقل سعرًا على مستوى العالم. لافتًا الانتباه إلى أن الهند ترغب في إعطاء القطاع دفعة في الشرق الأوسط حيث توجد حاجة وطلب كبير، خاصة أن بلاده تتبنى نموذج الرعاية الشاملة.
وبيّن مودي أن هناك فرصة واسعة للتعاون بين البلدين في هذا القطاع؛ إذ تستطيع الهند تقديم التدريب لرفع مستوى مهارات العاملين في هذا النشاط، إضافة إلى قطاعات أخرى، مثل الأسمدة والنقل والطاقة المتجددة والإسكان والتعدين والأمن المعلوماتي والتصنيع الغذائي والتأمين.. داعيًا قطاع الأعمال السعودي لزيارة الهند، والعمل سويًّا مع نظيره الهندي للاستفادة من الفرص المتاحة بشكل كبير في تلك المجالات. وأفاد بأن بلاده تخطط لتوليد 170 جيجا واط من محطات توليد الطاقة، وأنها تحتاج لبناء 50 مليون وحدة إسكانية، بجانب فتح الاستثمارات في مجالات السكك الحديد والتصنيع الغذائي وقطاع التأمين، وغيرها.
وبدوره، قال رئيس مجلس الغرف السعودية الدكتور عبد الرحمن الزامل: إن زيارة رئيس وزراء الهند للمملكة هي الزيارة الرابعة لرئيس وزراء من الهند منذ زيارة رئيس الوزراء جواهر لال نهرو عام 1956. ونوه بأهمية توقيت الزيارة، خاصة أن المملكة بصدد تنفيذ مشروع طموح، يتمثل في برنامج التحول الوطني الهادف إلى تنمية الاقتصاد الوطني لما هو أبعد من قطاع النقط بإضافة قطاعات مبنية على المعرفة، تدعم تنمية إنتاجية وتنافسية متوازنة ومستدامة في جميع أنحاء المملكة.
وقال الزامل «إن المملكة والهند بلدان صديقان، تربطهما علاقات تاريخية واجتماعية واقتصادية وثقافية متينة، وإن المملكة تولي أهمية كبيرة لهذه العلاقات، ولديها الرغبة الأكيدة في التلاقي ومواصلة الحوار لتحقيق المزيد من التقارب والتعاون وتعزيز العلاقات الوثيقة القائمة على الاحترام وتبادل المصالح بين البلدين والشعبين الصديقين».
ولفت إلى التطور المتسارع في العلاقات بين البلدين الصديقين؛ وهو ما يجعل الوقت مناسبًا للانتقال بهذه العلاقات لمرحلة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية، ويعزز ذلك حرص القيادات العليا، وحرص القطاع الخاص على توثيقها ودعمها من خلال الزيارات المتبادلة، وإبرام العديد من الاتفاقيات الهادفة إلى رفع مستوى التعاون الاقتصادي والفني بين البلدين، التي كان أهمها اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار المتبادل، واتفاقية منع الازدواج الضريبي.
وقال الزامل: «إن الاقتصاد السعودي يحتل المرتبة الرابعة ضمن أسرع الاقتصادات نموًّا في دول مجموعة العشرين، ويليه الصين والهند وإندونيسيا. وقد تضاعف حجم التبادل التجاري بين البلدين منذ عام 2005؛ ليصل إلى نحو 36.6 مليار دولار في عام 2014؛ ما جعل الهند سابع أكبر دولة في منشأ الواردات وخامس أكبر وجهة للصادرات. كما أصبحت المملكة خامس أكبر دولة مصدرة للهند». وثمن الحضور القوي للشركات الهندية في السوق السعودي؛ إذ تعمل بشكل رئيسي في مجالات الطاقة وتكنولوجيا المعلومات والصناعات التحويلية. ومن ضمن هذه الشركات شركة تاتا موتورز. كما أصدرت الهيئة العامة للاستثمار أكثر من 400 رخصة حديثًا لشركات هندية؛ حتى تبدأ في مشاريع مشتركة؛ ما رفع القيمة الإجمالية للاستثمارات الهندية لنحو 1.6 مليار دولار. كما أشار إلى وجود بعض القضايا العالقة في العلاقات الاقتصادية، من بينها مراجعة فرض رسوم الإغراق على الواردات من المملكة التي تواجهها شركتا سابك وكيمانول.
هذا، وتحدث عدد من رجال الأعمال السعوديين خلال اللقاء عن العلاقات التجارية والاستثمارية مع الجانب الهندي، وما يعترضهم من مشكلات تعوق تعزيز التبادل التجاري بين البلدين. وكان رئيس وزراء الهند نارندرا مودي قد قام بزيارة لمقر شركة تاتا الهندية بالرياض.