نواف بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ ">
الشباب هم أمل الأمة وحاضرها ومستقبلها، وهم الكنز الحقيقي للشعوب، وهم من الركائز الأساسية في بنية المجتمع وحضارته، ومن المقومات التي تعتمد عليها الدول في بناء نهضتها وتحقيق أهدافها، وتعول عليهم الشعوب في رسم مستقبلها وخارطة طريقها وتحقيق ازدهارها وتبنى عليهم الآمال والتطلعات، ولا شك أنهم من أهم أسباب رفعة اسم الوطن عالياً.
وإن استغلال هذه الفترة من عمر الإنسان وهو يتمتع بقوته، وحماسه بالصورة الحسنة، والامتثال لتعاليم الإسلام الحقيقي يسهم في بناء مستقبل مشرق، ورؤيا واضحة -بإذن الله-.
وبالعودة إلى أساس تكون هذه الحياة، يتبيّن لنا أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق الناس في الأرض عبثاً، وإنما هيأ فيها الظروف الملائمة للحياة، واستخلف فيها الإنسان ليعبده ويطيعه، ويقوم بإعمارها، إذ يقول الله تعالى في محكم تنزيله: {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}، ويقول تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}، ويقول سبحانه: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}، وبالتدبر في هذه الآيات يتبين للقارئ أنها جاءت لتؤكد أن العمل وإعمار الأرض تحت أعين الله سبحانه، وتلك أهم مبادئ استمرارية الحياة.
لهذا يجب علينا أن نهيئ لشبابنا الظروف المناسبة، وذلك عبر استثمار عقولهم الاستثمار الأمثل، واحتوائهم، والحرص على تدريبهم، وتنمية مهاراتهم، وتطوير قدراتهم، وتأهيلهم التأهيل الجيد الذي يلائم متطلبات سوق العمل، والاعتماد على أنفسهم، واستغلال أوقاتهم، وتقديم النصح لهم وتوجيههم، وتحديث الأساليب التطويرية بحسب المتطلبات المرحلية.
وبالبحث في أساليب الاستثمار الجيد والهادف، نجد أنه من الضروري العمل على تفعيل دور مراكز الأحياء، وتوسيع صلاحياتها، تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية وبالتعاون مع كل من: وزارة التعليم، والرئاسة العامة لرعاية الشباب، والأمانات، والقطاع الخاص، حيث أثبتت الدراسات المتعلقة بهذا الجانب، والتجارب الدولية، وعلى سبيل المثال في مدينتي لندن، وكوالالمبور، على أهمية وضرورة هذه المراكز، وانعكاس ذلك على الآثار الإيجابية الناجحة، شريطة أن يتم استغلالها بالشكل المناسب الذي يخدم فئة الشباب من الجنسين على أن يكون ذلك عبر المختصين في تلك الجوانب التطويرية سواء على مستوى الأفراد أو المنشآت.
وبالتمعن في ذلك المقترح، نرى دون أدنى شك أنه ليس بالمستحيل في ظل توافر الإمكانات اللازمة التي وفّرتها الدولة -رعاها الله- في خدمة المواطن ورعايته، بحيث يتم تطبيق المقترح عبر تخصيص مساحات لهذه المراكز في الحدائق العامة أو الساحات البلدية الموجودة في الأحياء.
وبالعودة إلى التجارب الدولية الناجحة في هذا الجانب، أود أن أعرض بعض الأنشطة التي تقدمها مراكز الأحياء، وهي: التدريب على استخدام الحاسب، دورات قصيرة في شتى المجالات، تعلين اللغة الإنجليزية، التصوير، الفنون التشكيلية، الطبخ، الخياطة، أنشطة ودورات رياضية.
وبمشيئة الله، سيسهم إنشاء مراكز للأحياء، وتفعيل دورها الحقيقي في تحقيق مجموعة من الأهداف للمدينة وسكانها، من أبرزها:
- احتواء الشباب من الجنسين.
- استثمار العقول فيما يعود بالنفع على الفرد والأسرة والمجتمع.
- تعزيز الروابط الاجتماعية بين سكان الحي.
- التأهيل للاندماج في سوق العمل.
- الاعتماد على النفس.
- تحقيق الهدف الأمني والاجتماعي.
- تعزيز دور وأهمية الفرد في المجتمع.
- تشجيع مشاركة سكان الحي في جهود تنمية المدن، والمحافظة على مكتسباتها ومنجزاتها.
وفي الختام، لا يخفى على الجميع أن وطننا مستهدف في دينه وأمنه وأبنائه، والذين يكيدون لهذا الوطن كُثر، والمتربصون الذين يحاولون استقطاب عقول شبابنا لا يألون جهداً في جذبهم واحتوائهم، وتوجيههم إلى إشعال الفتن وتدمير ممتلكاته والإفساد في الأرض.
هؤلاء الشباب هم أبناؤنا وإخواننا ونحن أحق بهم، والاهتمام بهم مطلب، ورعايتهم واجبة.
أسأل الله العلي العظيم أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل شر، وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان وأن يحفظ لنا خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وسمو ولي ولي عهده.