في الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم الأربعاء 14-6-1437 كنا في مستشفى الحرس مع أبناء أخي بدر وزوجته وابن أختي سليمان بن صالح الربدي وكان الطبيب المعالج يشرح بإيضاح حالة أخي وخيم على الجو شعور ثقيل من الهم والحزن والظلام ودخل ذلك الضيف (......) الغرفة واستلم الروح بدون علم منا أو إنذار سابق.
نعم إنه ملك مرسل من ملك الملوك جل شأنه وتقدس في علياه له مع أعطى وله ما أخذ وانطوت صفحة من حياتي وحياة أولاده وزوجته وإخوانه وأخواته وأحبائه وانقصم ظهري وملأ الحزن قلبي وتسارعت الدموع غزيرة ولم أعد أملك إيقافها ولا نقول إلا «إنا لله وإنا إليه راجعون، سبحانك الأمر لك لا راد لقضائك ولا معقب لحكمك»، أصابه المرض قبل سنتين وكانت سجالا مرة ينتصر وأخرى تتغلب الخلايا، هي إرادة الله وما أضعف المخلوق أمام تدابير الخالق وإن الأمر بيده سبحانه وتعالى أولاً وآخراً ومن قبل ومن بعد ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، والحمد لله الذي جعل يوم الجنائز مقياساً للحب والكره (فمستريح ومستراح منه)، وأبو عاصم شيعه خلق كثير وصلّت عليه أمة من الناس وتبعه جمع غفير من المؤمنين المسلمين وقلوبهم تلهج بالدعاء والرحمة للميت، إن أخي بدر أحب الناس فأحبوه وأكرمهم وتعلقوا به، واليوم أكتب وكلي حزن وألم، ألم عميق انحفر في قلبي وكل أعضائي، ولكنني مؤمن بقضاء الله، وطافت بي الذاكرة لأقول إنه نشأ في كنف والدته لؤلؤة بنت محمد الربدي -رحمها الله- حيث توفي والده وهو طفل رضيع، وتربى تربية صالحة محباً للخير ساعياً إليه وعمل مدرساً في المعهد العلمي ببريدة وأحب الطلبة وأحبوه، وإخوانه المعلمون بادلوه بالحب والوفاء.
إن ساعة الفراق مصيبة ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- قال: حين مات ابنه إبراهيم «إن العين لتدمع والقلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون»، والفراق يتمثل في فراق الدنيا وهو جرح بالقلب وألم وغصة لابتعاد أشخاص نحبهم رسمنا معهم أحلامنا وسيبقى أخي في العين والقلب، رغم أن شمسك غابت عن سمائي ولكن صدى صوتك العذب يرن في أذني، ولم أعد أتذكر إلا صورة وجهك الطيب البشوش، كنا نتقاسم الأفراح والأحزان، وكنا نحاول تحقيق سعادة وحب دائمين، أبا عاصم لا أملك أمام قضاء الله العظيم وقدرته وقدره إلا القول «اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك وحملة عرشك وجميع خلقك أن أخي بدر بن عبدالله بن علي الربدي قد أحسن إلي وأكرمني، فاللهم اغفر له وأكرمه وأسعده وأحسن إليه وآنس وحشته وضيفه رحمتك فأنت أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين»، وصلى الله على نبينا محمد وسلم.
- محمد بن عبدالله الربدي