هالة سرور علي سرور ">
لا يغيب عن أي منا تمازج الثقافات، فهو واقع نعاصره جميعا في حياتنا اليومية. فقد لا يمر يوم إلا وقد لاقيت بائعاً من الهند أو متسوّقاً من السودان وهكذا. وينعكس هذا التمازج بين الثقافات على المملكة، فترى أرفف الأسواق مليئة بمختلف المنتجات التي تلبي احتياجات ثقافات مختلفة.
التمازج الثقافي لا ينعكس فقط على حياتنا اليومية، بل أيضاً على الحياة المهنية. فاختلاف الثقافات يجلب العديد من المميزات، فكثير من الشركات السعودية هي عبارة عن تحالف ناجح لثقافات مختلفة، فأشهر مثال على تحالف ثقافي ناجح لثقافتين مختلفتين تماماً هو شركة أرامكو.
ولكن كيف تكون قيادة المزيج الثقافي في الشركات فعّالة وناجحة؟ كيف يتم قيادة المزيج الثقافي نحو أهداف مشتركة رغم اختلافات الأفراد؟.. قيادة أي مزيج ثقافي يبدأ بك أولاً، فعليك تفهم وتقبل اختلافات الموظفين بذهن منفتح. فلا يمكن لك أن ترى جميع الموظفين من نفس العدسة. فهذا قد ينتج عنه اختلال إنتاجية بعض الموظفين، وضعف عملهم ككيان واحد من زملائهم. لذلك يجب عليك أن تنشر بين الموظفين ثقافة التفهم والتقبل لبعضهم البعض لنتغلغل في المزيج الثقافي وتؤدي إلى تراطه.. ولكي تشجعهم على ذلك، عليك أن تبدأ أولاً وتكون قدوة لهم.
إن تقبل الموظفين للنقد مثلاً قد يكون مختلفاً من ثقافة لأخرى.. بعض الثقافات تفضل النقد الصريح المباشر، بينما البعض الآخر يعتبره جارح أو محرج. لذلك عليك أن تكون مراعياً للمزيج الثقافي في جميع الجوانب والقرارات الإدارية. فلتكن حذراً من تكون الأحزاب والجماعات الثقافية غير الرسمية، حيث تكون كل مجموعة مكونة من أفراد ذوي ثقافة واحدة يساعدون وينحازون في بعض الأحيان لبعضهم البعض.. ونرى هذه الظاهرة.
في بعض الشركات السعودية حيث تجد مثلاً الموظفين من دولة أجنبية لديهم شبكة اتصالات واسعة وغير رسمية فيما بينهم.. مثل تلك الجماعات الثقافية غير الرسمية قد تؤدي إلى تفكك علاقات الموظفين في المزيج الثقافي وتفاقم الفجوة الثقافية.
قيادة المزيج الثقافي لا تخلو من التحديات، فالثقافات كثيرة جداً ولا يمكن حصر جميع الاختلافات وتوضيح كيفية التعامل مع كل منها.. لذلك يجب عليك أن تكون يقظاً دائماً لاكتشاف أي فجوات ثقافية مبكراً واحتوائها وحلها قبل أن تتفاقم. ولتجعل المزيج الثقافي سبباً في زيادة إنتاجية وإبداع وتعاون الموظفين بدلاً من أن يكون سبباً في تفرقهم أو نشوء مشاكل فيما بينهم. فلتكن القائد الذي يقود مزيج الاختلافات نحو أهداف مشتركة بدلاً من أن تُقاد نحو تعقيدات لا نهاية لها تؤدي إلى الوصول إلى لا شيء.