راضي بن جميعان الشمري ">
الأمة -وحالها لا يخفى على عاقل أو مهتم بأمته- أحوج ما تكون إلى سلوك سبيل الإسلام في تطويع وسائل التكنولوجيا الحديثة لخدمة هذه الدعوة التي كانت سبب خيرية هذه الأمة الرائدة، ثم إن عصرنا الحالي ظهرت فيه وسائل متعددة في التواصل والاتصال.
والداعي إلى الله لا ينبغي له بحال من الأحوال أن ينفصل عن هذا التقدم الحادث في وسائل الدعوة، فعليه أن يستفيد من هذه التقنيات الحديثة، ومن هنا فقد جاءت هذه المقالة لتضع يد الدعاة على كيفية الاستفادة من هذه التقنيات الحديثة المتوفرة في خدمة دعوتهم وتحقيق أهداف رسالتهم و(الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ؛ فَحَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا) فالداعية مطالَب أن يطوِّر ذاته وأن يطور من دعوته ووسائلها.
فقد تعددت الوسائل الدعوية، في العصر الحالي، فلم يعد المسجد فقط أو الشريط الإسلامي أو الكتاب والكتيبات هي الوسيلة الدعوية للدعاة إلى الله -مع عدم التقليل من شأن هذه الوسائل وأهميتها الدعوية- بل تطورت الوسائل وتعددت في زمن العالم المفتوح، والقرية الصغيرة.
والهدف هنا ليس حصراً لعدد من الوسائل الجديدة بقدر ما هو تنبيه إليها وإلى طريقة استخدامها دعوياً ليكون الداعية متواصلاً مع المجتمع الذي يعيش فيه.
أولاً: الفيس بوك «Facebook»: وهو موقع اجتماعي شهير يدخل عليه حوالي 250 مليون إنسان على مستوى العالم، وهو ما يؤكد أهميته ورواجه الواقعي، ومن خلاله يمكن التواصل مع أي إنسان في أي مكان وزمان، ومن هنا فقد انتبه إليه دعاة كُثُر في زماننا، وتم عمل صفحات شخصية لهم عليه لمخاطبة جماهيرهم ونشر الدين والدعوة داخل العالم العربي وخارجه، وبالنسبة لتطويعه دعوياً فإنه يمكن القيام بالآتي:
1- عمل مجموعات «GROUPS» تدعو إلى الحث على الفضيلة ونشرها بين الناس.
2- مراسلة جميع أصحاب الصفحات الموجودة لديك بما تريد توصيله من قيم وأخلاق وغيرها من أعمال فاضلة.
3- التواصل مع غير المسلمين لدعوتهم إلى الدين الإسلامي العظيم؛ وذلك بإتقان لغة المخاطب، وتوضيح صورة الإسلام الصحيحة التي شوهها الغرب عبر إعلامهم.
ثانياً: التويتر «TWITTER»: هو أحد المواقع التي تقدم خدمات مجانية للتواصل الاجتماعي والتدوين المصغر، ويسمح للمستخدمين بإرسال أهم اللحظات في حياتهم في شكل تدوينات نصية لا تزيد عن 140 حرف إلى موقع تويتر؛ وذلك من خلال خدمة الرسائل النصية القصيرة، برامج التراسل الفوري، أو البريد الإلكتروني.
ثالثاً: يوتيوب نقي (YOUTUPE): (موقع فيديوهات إسلامي محترم، يمد يومياً بكل جديد. وهو موقع قام به بعض الشباب السعوديين يقوم بعرض لقطات الفيديو الخالية من المحتوى المخالف لمبادئ الدين الإسلامي، من موقع «يوتيوب» الشهير، المختلط فيه الحابل بالنابل، www.naqatube.com وفي تصوري أنه أحد الوسائل المهمة جداً لتوصيل الإسلام إلى المسلمين -خاصة- عبره من خلال المقاطع الإسلامية (المرئية، والصوتية.
رابعاً: الإيميلات (E:mails) ومجموعات البريد الإلكتروني (Hotmail - Yahoo - maktoob - Gmail) التي يمكن من خلالها:
1 - نشر فكرة إسلامية معينة، أو إرسال رسالة مؤثرة تصحح مفهوماً أو تدعو إلى خُلُقٍ فاضلٍ.
2 - التذكرة بفضل المناسبات الإسلامية في وقتها والدعوة إلى العمل الصالح فيها: ومثال ذلك: دعوة من لديك على بريدك الخاص إلى صيام الإثنين والخميس، أو إلى صدقة جارية أو قراءة القرآن.
3- المشاركة في أعمال خير، أو أعمال اجتماعية تخدم المجتمعات الإسلامية: من خلال التعاون الإيجابي على القيام بها ودعوة رجال الأعمال للمشاركة فيها.
4- يمكن مراسلة شخصيات معروفة لمساعدتك في توصيل فكرة أو مفهوم تحب ترويجه، ولن تعدم فائدة منهم بإذن الله، -تعالى-.
5- وأحب أن أضيف هنا: أن للإيميلات سلبيات: كنشر صور ودعاية وإعلانات غير محترمة، وهو ما يحفزنا لتطويع هذه الوسيلة بصورة صحيحة.
خامساً: المواقع بشكل مباشر( sites): بشرط نشر عنوان الموقع والدعاية القوية له، وقد رأيت عدداً من مواقع المشايخ، وقد ازداد عدد الزائرين لديهم، وهو ما يُظهِر لنا جلياً الأثر الفعال لوسيلة الإنترنت ومواقع الدعوة الجذابة على شبكة الإنترنت.
سادساً: المدونات (bloggers): التي يمكن من خلالها القيام بالآتي:
1 - توصيل رسالة المدون إلى متصفحي مدونته وتوجيه أفكارهم نحو الصالح.
2 - يمكن من خلالها نشر مواعظ ومقالات وأخبار وتحليلات.
سابعاً: البرامج الخدمية (programes) (المؤذن، وتحديد القبلة، والإمساكية، والأذكار): التي يمكن من خلالها عمل الآتي:
1 - أسلمة أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالآخرين، وأسلمة صاحبها.
2 - الدعوة إلى الحفاظ على الصلاة في وقتها، والتذكير بمواقيتها لصاحب الكمبيوتر، وهو ما يجعله يقطع عمله لأداء الصلاة، كحملة (إلا صلاتي).
ثامناً: نظام التقنيات اللاسلكية الجوال (mobile وتطبيقاته): ومن بين تطبيقاته غير برامج القرآن والأذكار والبرامج الإسلامية، فإن هناك تقنية البلوتوث والوايرلس، اللتين يمكن استخدامهما في نقل المقاطع الصوتية والمرئية الدعوية للآخرين.
تاسعاً: رسائل SMS: وتحتاج إلى مؤسسة إسلامية تتخصص في هذا المجال، وتخاطب كافة الشرائح بالرسائل التي تناسبها (اجتماعياً وفكرياً وعليماً وطبياً ورياضياً) وغير ذلك؛ فمثلاً: «رسائل تذكرة بالصيام، ورسائل أخلاقية أو تربوية، ويمكن أن تكون هذه الرسائل عبر القنوات الفضائية أو البريد الإلكتروني أو الهاتف الجوال».
عاشراً: الكتب الإلكترونية (E:BOOKS): التي يستطيع من خلالها مرسلُها ومستخدمها توصيل معلومات إسلامية وتصحيح أفكار. ويمكن أيضاً مساعدة طلبة العلم بهذه الكتب الإلكترونية.
الحادي عشر: الأقراص المدمجة (C D) (DVD): وهي وسيلة تكنولوجية يمكن جعلها وسيلة لنشر الصوتيات الإسلامية والفيديو، ويمكن بما يتناسب مع العصر الحالي نشر هذه الصوتيات على MP4، و MP3 التي كَثُر استخدامها لدى الشباب وسائقي السيارات،، فنُسمِعه صوتاً جميلاً لداعية أو للقرآن الكريم.
مما سبق يتضح لنا كيف يمكننا استخدام وسائل التواصل والتكنولوجيا في الدعوة إلى الله إلا أنه لا يمكننا إنكار سلبيات ومفاسد هذه التقنية إذا لم يستتغلها المسلم استغلالاً صالحاً ونافعاً إذ هي سلاح ذو حدين لذا كان لزاماً عليناً أن نذكر سلبيات هذه الوسائل كي نحذر الشباب من أضرار استخدامها بشكل خاطئ:
1- فمن أضرارها إفساد العقيدة، إذ هي المواقع مفتوحةٌ على مصراعيها، فيها مواقع تحارب الإسلام وتنشر الكفر والضلال والإلحاد، وتروج البدع والشركيات، وتُحدث الشبه التي تتعارض مع مسلِّمات الدين وثوابته من قدحٍ في العقيدة، وقدحٍ في السنة، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وسيرة أمهات المؤمنين، وصحابته الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، فهذا ضررٌ عظيم وخطرٌ كبير عند من يقل علمه ويضعف إيمانه، ربما ينخدع بما يشاهد في هذه المواقع لاسيما إن كان قليل العلم ضعيف البصيرة.
2- ومن أخطارها إفساد الأخلاق حيث إن كثيراً من هذه المواقع تنشر في صحفها صوراً فاضحة ومقاطع تخدش الحياء ومشاهد تحارب القِيم والفضائل وتدعو إلى المنكرات والرذائل.
3- ومن أخطارها وسلبياتها ما يحصل من هذه الأجهزة بين لقاءٍ من الفتيان والفتيات وتبادل الصور والأرقام الجوالية وربما حصلت لقاءات مشبوهة وعلاقات مشبوهة تُحدث جرائم أخلاقية يندم عليه الشاب المسلم وتندم عليها الفتات المسلمة، وهذا لا شك ضررٌ عظيم وخطر كبير.
4- ومن سلبياتها إضعاف التحصيل العلمي لدى شبابنا الذين اشتغلوا بها دائماً فتناسوا منافعهم وفوائد دراساتهم، وأصبحت تلك المواقع شغلهم الشاغل حتى قلَّ تحصيلهم العلمي، بل لو كانوا في ليالي الامتحان اشتغلوا بها تسليةً حتى يضعف إنتاجهم وتحصيلهم العلمي.
5- ومن سلبياتها أن البعض عزل الكتب، واستغنى بهذه المواقع عن الكتب الموجودة وظن أنها ثقتهم في كل أحوالها ولا شك أن هذا تصور خاطئ، فهي وإن وجدت فيها المعلومات لكن لا يجوز لك أن تعتقد صحة كل ما يقال مع هجران الكتب، وخير جليس للمسلم كتابٌ يستفيد منه وينتفع منه.
6- ومن سلبياتها أن فيها مواقع تدعو إلى كل رذيلة من تغريب في المسكرات والمخدرات وصناعتها وكيف استعمالها وتهوين خطرها على الشباب المسلم، وهذا من أعظم سلبياتها.
7- ومن سلبياتها وأضرارها يطرحون فيها قضايا سياسية، وقضايا اجتماعية يضخِّمون الأحداث لكي يوقعوا الناس في التحدث بلا فائدة فيتكلم فيها من لا يحسن القول ومن لا يدرك أخطارها وأضرارها.
8- ومن سلبياتها الطعن في الشخصيات العلمية أو الدينية أو الاجتماعية والسياسية بغير حق، وجلب الأكاذيب والأباطيل، وتلفيق التهم التي يعلم الله براءة من قيلت فيه، لكنها الحماقة والجهالة وضُعف الإيمان، وفي الحديث: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتتبعوا عوراتهم، فمن تتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته أخزاه ولو في جوف بيته».. فكما تبحث عن معايب الناس وأخطائهم وزللهم يسلط الله عليك من يحرك أخطاءك ويبحث عنك من عيوبك، فاتقي الله في نفسك، واحمِ أعراض المسلمين قبل أن تعاقب
أيها المسلم.. إن هناك خطواتٍ مهمة لو سلكها المسلمون لخفَّ عنهم كثير من أضرار تلك المواقع ومفاسدها، فلابد من توعية المجتمع باختلاف طبقاته، وتحذيره من هذا الغزو الإعلامي الضارِّ الموجّه المنظّم، الذي يستهدف العقيدة والأمن والقِيم والأخلاق، فلابد من تحذير ذلك بمحاضراتٍ وندوات، وكذلك بالكتب والأشرطة النافعة التي تخفف هذه الشرور وتضعف شأنها، ولابد للفرد المسلم الذي يحمل همّ دينه ويتصور مكايد أعدائه أن يحذّر بيته وأهل بيته وإخوته والمحيطين به كلٌ على قدر استطاعته توعيةً إسلامية تحذرنا من هذه المواقع التي يصعب حجبها أو تشفيرها، فالتوعية ونشرها بين أفراد المجتمع في جامعاتنا ومدارسنا وتجمعاتنا توعيةً صالحة تبيَّن أخطار هذه المواقع وتصور أضرارها ليهتديَ المسلمون وليكونوا على بصيرةٍ من أمرهم.