الدكتور يحيى الزهراني: عمق المملكة الحضاري يعود إلى مليون عام ">
الجزيرة - عبدالله الفهيد:
افتتح نائب رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني المشرف على برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري في المملكة الدكتور علي الغبان الجلسة الأولى من اليوم الثالث لملتقى السفر والاستثمار السياحي السعودي التاسع الذي تنظمه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بعنوان (الأبعاد الاقتصادية للتراث) التي أدارها عضو مجلس الشورى الدكتور فهد بن جمعة، وذلك في فندق الريتز كارلتون بالرياض.
وأوضح نائب رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني المشرف على برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري في المملكة الدكتور علي الغبان في كلمة ألقاها بداية الجلسة أن الهيئة تقوم بالعمل مع شركائها على إبراز دور المملكة من خلال التراث والآثار، مبيناً أن الهيئة تعمل على الدوم على زيادة المعرفة بالتراث والمحافظة عليه.
وبين أن الهيئة عملت خلال السنوات الماضية على ترميم المتاحف والمواقع الأثرية، إلى جانب العمل على 70 مشروعاً فرعيًا في سبيل تعزيز التراث الوطني، مؤكدًا أن الهيئة تعمل حالياً على الحصول على الدعم الفني والمالي من البنك الدولي لتعزيز التراث والحفاظ على الآثار الوطنية.
ولفت إلى أن رفع الموارد الاقتصادية لمواقع التراث وافتتاح مسارات مالية جديدة لتعزيز دور التراث الوطني وتحديد الأثر الاقتصادي لكل عنصر للتراث الحضاري بالمملكة من أهداف الدراسة المقدمة للبنك الدولي، مبينًا أن الهيئة عملت في برنامج القرى التراثية من 15 سنة، موضحًا أن (قرية ذي عين في الباحة، وقرية رجال ألمع) قدمت أوراقها لليونسكو لتسجيلها واعتمادها في التراث العالمي.
وفي بداية الجلسة أكد مدير الجلسة عضو مجلس الشورى الدكتور فهد بن جمعة أنه كل ما زاد عدد الدخل من السياحة زاد الناتج القومي، إلى جانب أن زيادة الدخل من السياحة يعني إتاحة المزيد من الوظائف، مشيرًا إلى أنه قد لا يمكن قياس أثر التراث سياحيا ولكن يمكن تقييمه، حيث إنه يمكن تحديد نقاط الضعف والقوة لكل أثر إذا ما أمكن دراسته جيدًا.
عقب ذلك قدم الدكتور سعد عبدالله الزهراني ورقة عمل بعنوان: (قرية بيروج Perouge الفرنسية: اقتصاد مستدام من خلال إحياء التراث) استعرض فيها خبرة الفرنسيين في ترميم قرية بيروج وجعلها سياحية، مبينًا أن 20% من دخل فرنسا يعتمد على السياحة مما يجعلها تجني 83 مليار يورو في 2014م وبعدد 95 مليون زائر وسائح أجنبي لها.
ولفت إلى أن 2 مليون عامل فرنسي في السياحة بعد أن فعلت فرنسا 300 محطة تزلج، مشيرًا إلى أن قرية بيروج شيدت في القرن الخامس عشر للميلاد وبعد ترميمها بلغ عدد سكانها 1200 شخص في عام 2013م، مؤكدًا أن دخل الأسرة في بيروج زاد حتى بلغ 32 ألف يورو سنوياً.
وأشار أنه بعد استقرار الحال في قرية بيروج قام السكان بإنشاء خط إنتاج مستقل بهم لصناعة النسيج إلى جانب العديد من الحرف الأخرى، وبعد هذه التطورات سمح العمدة لأهالي القرية بإيواء السياح وتقديم المأكولات والمشروبات بمقابل كاستثمار إلى جانب السماح لهم بإنشاء بوتيكات ومتاجر صغيرة لبيع الهداي على السياح، كما أسسو السياح ماركة باسم القرية لصناعة الجبن واشتهرت على مستوى فرنسا بأكمله.
وتساءل الدكتور الزهراني بعد العرض الذي قدمه هل بالإمكان تطوير القرى التراثية بالمملكة لجعلها تضاهي قرية بيروج، وهل يمكننا أن نعيش الماضي بصورة حضارية، مشيرًا إلى أن توفر الدعم قد يمكننا من نقل تجربة فرنسا إلى القرى السعودية، لافتًا إلى أن توافر الموارد الطبيعية لدى المملكة كالنفط جعلنا نتأخر في الاهتمام بصناعة السياحة.
عقب ذلك قدم الأستاذ المشارك بقسم الآثار بكلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود الدكتور حسني عمار عرضًا مرئيًا بعنوان (المردود الثقافي والاقتصادي لمعارض الآثار) حيث أكد أن الآثار تعد الترايخ الحي لكل أمة وأن غياب الوعي الأثري مشكلة رئيسية للعمل الأثري.
وأبان أن الكشف عن الآثار لا يعد انتهاء العمل بها بل يعني بداية العمل والحفاظ عليها، مفيدًا أن معارض الآثار تنقسم إلى (داخلية، خارجية) وتنقسم من حيث التاريخ إلى (آثار ملك، آثار مكان، آثار حقبة، آثار حضارة)، لافتاً إلى أنه يمكن الاستفادة من (الجامعات، والمتاحف، والمؤثرات، والمزارات السياحية) كأماكن لعرض الآثار.
وأشار إلى أنه بلغ عدد زوار الآثار المستعادة من داخل وخارج المملكة ما بين 600 - 800 ألف زائر يومياً، لافتًا إلى أن معارض الآثار لها مردود اقتصادي كـ (التوظيف، زيادة الاستثمار، إبراز الفرص الاستثمارية، مصروفات الزوار، إيرادات الجهات المالكة والراعية)، ومردود ثقافي كـ (المساعدة في نشر الوعي بين الطلاب، وإدخال البرامج في المواد التعليمية).
ولفت إلى أن من الأسباب التي ستسهم في زيادة الإقبال على معارض الآثار هي (التسويق الجيد لها، وتربية النشء على حب التراث والحفاظ عليه من خلال المنزل والمدرسة والإعلام).
تلا ذلك قدمت خبيرة الآثار الاقتصادية والثقافية الدكتورة كورنيليا داماك ورقة عمل بعنوان: (قياس الآثار الاقتصادية للتراث الثقافي) تحدثت فيها عن الاقتصاد الوطني وأثر التراث فيه، مشيرة إلى أن التراث الثقافي يزيد الدخل ويحسن البيئة.
وأبانت أنهم في أوروبا على علم بعمق التراث الثقافي، مفيدة أن فهم التراث شيء دمينيكي بحد ذاته، وأن الطلب على دراسة القيمة الفعلية للتراث يزيد من المثقفين والسياح والسياسيين.
وقالت: «إن الاهتمام بالتراث يضيف قيمة اقتصادية واجتماعية عالية للبلد، وأنهم في أوروبا قاموا بتحديث العديد من الأبحاث للتركيز على العمق الاقتصادي والثقافي والاجتماعي معًا، وأن لديهم العديد من الدراسات التي تثبت أن الحفاظ على التراث يعطينا اقتصاد مستدام، وذلك بحسب المفوضية الأوروبية».
وأضافت قائلة: «إن من المجالات التي يخدمها الحفاظ على التراث (البيئية، والاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية)، لافتة إلى أنه لديهم في أوروبا بعض البيانات عن الآثار مفقودة وذلك لا يساعد في عرض أفضل للنتائج.
وأكدت أنه من الصعب أن تقنع المواطنين للانخراط في العمل السياحي، إلى جانب أن هناك منهجية في جمع البيانات والمعلومات عن المتاحف ولكن عدم توافرها أو انعدام بعضها يفقد شيئا من الإثارة.
عقب ذلك قدم عضو هيئة التدريس في كلية العلوم الإستراتيجية بجامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية الدكتور يحيى الزهراني ورقة عمل بعنوان (نحو إستراتيجية وطنية لتعزيز التراث كرافد اقتصادي وحضاري) أكد فيها أن التراث الثقافي هو ميراث المقتنيات المادية وغير المادية، وأن عمق المملكة الحضاري يعود لأكثر من مليون عام.
وأبان أن تأثير التراث في تعزيز الدولة وقوتها من خلال (عامل حضاري، جذب اقتصادي، التخطيط الإستراتيجي، تعزيز الصناعة التراثية، وعامل دبلوماسي)، مشيرًا إلى أن المملكة تطفو على كنوز تراثية بكافة انماطها، لافتًا إلى أن نظرية مايكل بورتر (أن تجمعات وتكتلات متشابهة لعدد من العوامل التاريخية والجغرافية في مكان واحد تعطيه قوة) تنطبق على المملكة.
وأشار إلى أن المواقع التراثية تعد عاملا محفزا للأعمال، وأن المنتج لن ينجح إلا بدعم مؤسساتي، لافتًا إلى أن صناعة المحتوى بعد لا نهاية لجماله للموقع التراثي حيث إن التراث يمثل قوة حضارية واقتصادية إذا تم تفعيلها.