* ما قول أهل السنة في أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حي في قبره أم ميت؟
- النبي -عليه الصلاة والسلام- جاء في القرآن ما يدل على موته صراحة: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} [الزمر: 30]، فلا خلاف بين الأمة وعلمائها أنه -عليه الصلاة والسلام- مات، وأن روحه فارقت بدنه الشريف -عليه الصلاة والسلام-، وهذا أمر مجمع عليه ومنصوص عليه في كتاب الله ولا يختلف فيه اثنان، وإذا أثبتنا كما جاء في القرآن والسنة أن الشهداء أحياء -والمراد بالحياة هذه حياة برزخية الله أعلم بكيفيتها- وقد ماتوا وفارقت أرواحهم أبدانهم لكن في قبورهم أحياء حياة برزخية فلا شك أن حياته -عليه الصلاة والسلام- البرزخية أكمل من حياة الشهداء بلا ريب، فإذا كان المراد بالحياة هذه الحياة البرزخية التي الله أعلم بها وجاءت النصوص بإثباتها للشهداء فللرسول -عليه الصلاة والسلام- أكمل منها، ويبقى أن الوفاة الحقيقية التي تكون بمفارقة الروح للبدن أثبتها الله -جل وعلا- في كتابه لنبيه -عليه الصلاة والسلام- ولا خلاف فيها من هذه الحيثية.
* * *
* ما المقصود باللمم في قوله -تعالى-: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ}؟
- قبل ذلك يقول الله -جل وعلا- مما يوضح المراد: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم:31]، فالحديث عن الذين أحسنوا يجزيهم الله -جل وعلا- بالحسنى التي هي الجنة، ثم قال تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ} [النجم:32] ذكر الله -جل وعلا- وصف هؤلاء الذين أحسنوا وكان جزاؤهم بالحسنى وذكر في وصفهم أنهم يجتنبون كبائر الإثم والفواحش، أي: أنهم يفعلون ما أمرهم الله به من الواجبات، إذ لا يتصور أن من يترك الواجبات يدخل في مثل هذا الوعد، إنما لا بد أن يكون ممن يفعل الواجبات ويترك المحرمات، يفعلون ما أمرهم الله به من الواجبات التي يكون تركها من كبائر الذنوب؛ لأن الكبائر إما أن تكون بفعل محرمات أو بترك واجبات التي يكون تركها من كبائر الذنوب، فيتركون المحرمات الكبائر التي يشملها الحد عند أهل العلم مما توعد عليه بنار أو لعن أو غضب أو نفي إيمان أو ما أشبه ذلك مما هو معروف عند أهل العلم في دخوله في حد الكبيرة، كالزنا وشرب الخمر وأكل الربا والقتل ونحو ذلك من الذنوب العظيمة، {إِلاَّ اللَّمَمَ} وهي الذنوب الصغار التي لا يُصر صاحبها عليها؛ لأنه إذا أصر على الصغيرة لحقت بالكبائر عند أهل العلم، أو التي يُلِم بها العبد يسيرًا ثم يتركها، يُلِم بها أحيانًا على وجه الندرة وهي من الصغائر هذه ليس مجرد الإقدام عليها مخرجًا للعبد من أن يكون ممن وصف بأنه أحسن، فإذا فَعل الواجبات وتَرك المحرمات من كبائر الذنوب ولم يبق عليه إلا الصغائر فإنها تكفر باجتناب الكبائر، فاجتناب الكبائر مكفر للصغائر مع عدم الإصرار؛ لأنه إذا أصر على هذه الصغائر التحقت بالكبائر عند أهل العلم.
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء