نَعم نِعم الرجل/ سليمان بن محمد الرشيد الذي غيبه الموت في اليوم التاسع من الشهر السادس سنة سبع وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة في مدينة الدمام عن عمر ناهز المئة وبضع سنين. غيب الموت رجلاً من رجالات بلادنا الذين أبقوا ذكراً طيباً في سجلات حياتهم التي تتحدث عن أعمال برهم لأجيالهم وغيرها من الأجيال الذين يتشوقون لمعرفة سير حياتهم التي تتحدث عن نفسها في مختلف المواقع التي أبقوا فيها بصمات أعمالهم داخل بلادهم وخارجها. فالذي يتقصى سيرة حياة الرشيد في أعمال البر يجدها حياة حافلة في مختلف الأوجه الخيرية التي بدأها مع بداية انتقاله من مسقط رأسه مدينة بريدة على ظهور الإبل وعمره عقد وبضع سنين لأجل طلب الرزق الذي بدأه بمحافظة الأحساء مثله مثل أقرانه الذين تنقلوا في أرجاء بلادنا وغيرها من البلدان التي فتحت لهم أبواب الرزق الذي بدأها برحلات مع رجالات العقيلات؛ لأجل تجارة الماشية التي ازدهرت ببلدان نجد والأحساء لبيعها في العراق، والشام، ومصر؛ فأفلح في تجارة الإبل التي فتحت له أبواب أكثر أرباح في زمانها والتي من أكثرها انفتاح تجارة الصرافة، والحديد، والسكر، والأرز؛ ولا زالت تجارة الأرز معروفة بعلامته.
كما أن أعمال البر التي سلكها في بداية حياته تجارة رابحة لا تقل ربحاً عن بقية أعماله؛ لأنه أعطاها جل اهتمامه لعلمه أنه يتاجر مع الله الذي يضاعف الحسنة أضعافاً مضاعفة.
هذا ومن الصعب حصر أعمال البر التي سلكها فقيدنا في حياته وبقيت بعد وفاته تتحدث عن نفسها في مختلف مواقعها؛ إلا أني أكتب عبر جريدتنا (الجزيرة) عن اليسير الذي لا يحرص في حياته على ذكرها، والتي من أكثرها بقاءً وأجراً بمنطقة القصيم شراء أرض وبناء، وتأسيس جامع الإمام/ محمد بن عبدالوهاب بمدينة بريدة، والذي يعد من أحدث الجوامع.. أقامه على مساحة إجمالية بلغت: ستة آلاف متر مربع لاستيعاب أكثر من أربعة آلاف مصل ومصلية إضافة إلى مرافقة من دور تعليم، وبيوت سكن، وقاعة محاضرات، ومغاسل أموات، ودورات مياه، وغيرها من المرافق.. أقامه في عام خمسة وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة بمبلغ إجمالي: خمسة وثلاثون مليون ريال؛ أقامه بموقع من أكثر المواقع تميزاً ووصولاً لعلو مئذنتيه التي أعطته وأعطت المنطقة المحيطة به جمال عن بقية المباني في الموقع، والتصميم، والبناء، ويعد نموذجاً رائعاً لمساجد بلادنا التي استوحيت من بنى المساجد الإسلامية.
رحم الله فقيدنا الرشيد الذي أبقى هذا المعلم الإسلامي داخل مدينة بريدة والذي نرجو من المسؤولين عن تسمية شوارعها أن يطلق اسمه على أحدها ليبقى ذكره لأجيال وأجيال.
نِعم الرجل الذي لم تنحصر أعماله على بناء المساجد والجوامع التي وصل عددها لأكثر من ثمانين مسجداً!.. إذ إن أيادي كرم بره طولى لإرسال شاحنات الخيام، والغذاء، واللباس لمن يحتاجها في البلدان العربية والإسلامي والتي من أكثرها في غزة، وكشمير، وتسونامي.
رحم الله رجل البر والإحسان الفقيد/ سليمان بن محمد الرشيد هذا وأحسن الله عزاء أفراد عائلته الذين نرجو لهم الصبر والسلوان على مصيبة وفاة والدهم.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
أحمد المنصور - بريدة - نادي القصيم الأدبي بالقصيم