إبراهيم بن جلال فضلون ">
لروسيا مقاربتها الخاصة التي توازي بين المصلحة الإستراتيجية والخلفية المتعلّقة بالأديان والجماعات الإثنية، إذ افترضت الأقليات في منطقة الشرق الأوسط أن النظام الدولي قادر على رعايتها وصيانة وجودها، بحسب الادعاءات التي قدّمها الغرب خلال الحقبة العثمانية، ثم خلال مرحلة الانتداب، لكن النتائج جاءت مغايرة.
فبعد انتهاء الحرب الباردة، تعرّضت هذه الجماعات للتراجع والتهميش السياسي كما حصل مع مسيحيي لبنان، وتهجير وإبادة المسيحيين والأزيديين في العراق والأقليات في سورية. هذا الفراغ في الرعاية يتيح لروسيا ملئه، وخصوصاً أنها تحرص على توظيف الكنيسة الشرقية في لعبة التوازن مع الغرب وإعادة تكريس دورها المشرقي من خلال (الجيم) السوري.
والاستدعاء الشيعي سياسياً أو عسكرياً، وهو ما حدث بعد اتفاق إيران والغرب وانكفائها عن الصراع مع إسرائيل.. هذه الإشكالية انعكاس لمحادثات فيينا الأولى والثانية - وهي ضبابية في موقف روسيا الدبلوماسي، وحبها في الظهور كحامٍ للتعددية الطائفية في البلاد العربية بدءاً من سورية.
كما دخلت إيران في المساحة الإيديولوجية منذ 1990 دون أن ينافسها أحد، مما خلّف فراغات في كل الشرائح والمكونات أغضبت الظهير العربي.
لذا سعت سعي روسيا إلى كسب مصداقية المجتمع الدولي بعد زيادة نفوذ الأقليات في ظل حالة الفوضى وسعيها لتعزيز نفوذها على غرار الأكراد، الذين نجحوا في كسب ثقة الدول الغربية كطرف رئيسيّ في الحرب ضد الإرهاب، الذي تُحاربه طوال عامين وفي أشهر عرّت روسيا الغرب وأوباما.
ففي سوريا، نموذج الطائفة العلوية المشابه للشيعية اللبنانية، كما يعمل الأسد والفرس في الطائفة الدرزية على تثبيت الأحادية والتمسك بالتموضع الدرزي مع العلويين، أما مسيحيو سوريا فيُدخلهم النظام في حلقة التمثيل المشرقي المعطوّب، وبالتالي فإنهم يفتقدون الصلات الممكنة مع المعارضة، ما أخذ المعارضة إلى اللون الواحد، لا العكس.
لأن تجربة بعض القوى الإقليمية الداعمة للثورة وتركيا ليست مشجعة بحكم النتائج التي ظهرت في ليبيا ومصر، بحيث يصبح مبرراً لروسيا التحدث عن ضمان الأقليات وحماية النظام التعددي في سورية!
إذاً المكاسب الاقتصادية التي قد تحصل عليها روسيا من الأقليات، مكاسب كُبرى أكثر منها اقتصادية، لكن هناك عقبات عدة كالتوتر الإقليمي الحادث مع تركيا. لذا لم يعتمد الدب الروسي على علاقاته القوية مع بعض الأقليات، لا سيما في ظل حالة السيولة التي تتسم بها التفاعلات التي تشهدها المنطقة في الوقت الحالي.