تطبيق الاختبار على أكثر من 25 ألف طالب وطالبة في المملكة ">
الجزيرة - غدير الطيار:
في مؤتمر صحفي عقده محافظ هيئة تقويم التعليم العام الدكتور نايف بن هشال الرومي، صرّح بأنه بعد التطبيق الناجح للاختبارات الوطنية المقننة، نطرح أمام صناع السياسات التعليمية والميدان التعليمي والأسرة والمجتمع، لكوننا شركاء في المسؤولية، أداء طلابنا في مادتي العلوم والرياضيات في الصفين الثالث والسادس الابتدائي. وقد تم تطبيق الاختبار على أكثر من 25 ألف طالب وطالبة في 42 مدينة في المملكة خلال شهر رجب من العام الدراسي 1435- 1436هـ الموافق 2015.
فبدعم غير محدود من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للتعليم بقطاعاته ومستوياته كافة، وتحقيقاً لتطلعات القيادة الكريمة في تجويد التعليم، انطلقت الهيئة بمشروعاتها الفنيّة قبل عامين، ومن هذه المشروعات الاختبارات الوطنية.
وتعد نتائج الاختبارات الوطنية المقننة لهذا العام علامة فارقة في مسيرة التعليم في المملكة لأكثر من سبب: أنها ولأول مرة في تاريخ التعليم في المملكة يتم تطبيق اختبارات وطنية مقننة في التعليم العام من جهة مستقلة عن وزارة التعليم؛ كما أن هذا العام هو عام التحوّل الوطني في المملكة ونتائج هذه الاختبارات المقننة المستقلة توفر خط الأساس لأداء طلابنا، ومؤشراً على فعالية وكفاية نظامنا التعليمي، كما أنها توفر البيانات التي ستمكننا من تتبع التغيرات وأثر التطوير الذي سيحصل على التعليم في الأعوام المقبلة التي نتطلّع إلى تحقيق مستويات أداء عالية ومشرّفة لطلابنا -بإذن الله-، وكذلك إن نتائج هذه الاختبارات الوطنية المقننة ستسهم بشكل كبير في توجيه مناهج التعليم والسياسات والممارسات التعليمية ودور الأسرة في دعم التعليم، والبيانات والمعلومات القيّمة التي توفرها الاستبانات المصاحبة لتلك الاختبارات الوطنية بشأن العوامل غير الأكاديمية ستساعد المستفيدين وأصحاب المصلحة من مؤسسات حكومية وغير حكومية ومجتمعية من توجيه جهودهم التطويرية من أجل خدمة أفضل واقتصاد وطني متين.
وأكّد الدكتور الرومي أن جميع ممارسات الاختبارات الوطنية المقننة في مختلف دول العالم تقود إلى توجيه الجهود التطويرية وتوفير الهدر المالي والبشري إذا استخدمت نتائجها وتوصياتها بالشكل الصحيح، وتُعد تلك الاختبارات مقياسا فعّالا لتتبع نمو التحصيل العلمي للطلاب وتطوره وجودته بما ينعكس إيجابا على تحسين مستوى حياة الأفراد والنمو الاقتصادي.
وأوضح معالي المحافظ أن الاختبارات الوطنية المقننة تقدم صورة عن مستويات أداء طلابنا وطالباتنا في صفوف ومراحل دراسية مختلفة في معظم المواد الدراسية، وتوفر بذلك تغذية راجعة للمدرسة والمعلم والأسرة للبناء على نقاط القوة وتعزيزها، ورسم الإستراتيجيات والبرامج العلاجية للتغلب على نقاط الضعف.
كما أن ما تقدمه الاختبارات الوطنية المقننة من نتائج ومعلومات وبيانات يختلف عن نتائج الاختبارات المدرسية التي يقوم بها المعلم؛ فالاختبارات الوطنية المقننة تبنى بطريقة تضمن قياس المعارف والمهارات لدى الطلاب بما في ذلك مهارات التفكير العليا من تحليل واستدلال، ويتم تطبيقها بصورة موحدة على الطلاب في جميع مناطق ومحافظات المملكة، وبذلك يمكننا مقارنة الأداء على مستوى المدارس والمناطق، وقد تم تحديد خمسة مستويات للأداء في الاختبارات الوطنية، أعلاها وهو المستوى الخامس يعكس إتقان الطلاب للمعارف والمهارات المرتبطة بالمنهج بما في ذلك قدرتهم على التحليل والاستدلال الذي يمكنهم من حل المسائل والمشكلات المعقدة حسب المتوقع منهم.
أيضًا، يتم ربط نتائج الاختبارات الوطنية بالعوامل غير الأكاديمية المؤثرة في تعلم الطلاب بحيث يمكن استخدامها في توجيه السياسات والممارسات التعليمية، وتوضيح الأدوار المطلوبة من الجهات ذات العلاقة بتعلم الطلاب.
ومن أبرز نتائج الاختبارات الوطنية ما يلي:
أولاً: التحصيل في مادة الرياضيات
57 في المائة من طلاب الصف الثالث الابتدائي حققوا مستويات أداء أعلى من معيار الحد الأدنى للأداء المتوقع منهم في الرياضيات، منهم 10 في المائة فقط حققوا أعلى مستوى من المستويات الخمسة للأداء المحددة في الاختبارات الوطنية؛ بالمقابل هناك 43 في المائة من الطلاب لم يحققوا الحد الأدنى من مستويات التحصيل المتوقع منهم.
59 في المائة من طلاب الصف السادس الابتدائي حققوا مستويات أداء أعلى من معيار الحد الأدنى للأداء المتوقع منهم في الرياضيات، منهم 11 في المائة فقط كان أداؤهم في أعلى مستوى من المستويات الخمسة للأداء المحددة في الاختبارات الوطنية؛ من ناحية أخرى 41 في المائة من الطلاب لم يحققوا الحد الأدنى من مستويات الأداء المتوقع منهم.
ثانياً: التحصيل في مادة العلوم
58 في المائة من طلاب الصف الثالث الابتدائي حققوا مستويات أداء أعلى من معيار الحد الأدنى للأداء المتوقع منهم في العلوم، منهم 5 في المائة فقط حققوا أعلى مستوى من المستويات الخمسة للأداء المحددة في الاختبارات الوطنية؛ لكن 42 في المائة من الطلاب لم يتحصلوا على المعارف والمهارات المطلوبة والمحددة لمعيار الحد الأدنى لمستويات الأداء.
59 في المائة من طلاب الصف السادس الابتدائي حققوا مستويات أداء أعلى من معيار الحد الأدنى للأداء المتوقع منهم في العلوم، منهم 3 في المائة فقط حققوا أعلى مستوى من المستويات الخمسة للأداء المحددة في الاختبارات الوطنية؛ لكن 41 في المائة من الطلاب كان تحصيلهم أقل من معيار الحد الأدنى لمستويات الأداء في الاختبارات الوطنية.
كما أظهرت نتائج الاختبارات الوطنية تفوقا ملحوظا في أداء الطالبات على الطلاب في مادتي العلوم والرياضيات؛ كما بينت وجود تفوق أداء طلاب المدارس الخاصة على طلاب المدارس الحكومية.
أمّا على مستوى مناطق المملكة، فقد كان أداء الطلاب في منطقتي الباحة والشرقية أفضل وبشكل ملحوظ من أداء أقرانهم في بقية المناطق في الصفين والمادتين.
وقد صاحب تطبيق الاختبارات الوطنية جمع بيانات ومعلومات لبعض العوامل التي بينت الدراسات الدولية أنها تؤثر في تعلم الطلاب وتحصيلهم، منها ما يتعلق بالطالب واتجاهاته نحو المدرسة والمعلم والأسرة والوطن، ومنها ما يتعلق بالمعلم وممارساته واتجاهاته، وكذلك جودة البيئة التعليمية.
ومن النتائج التي أظهرها التحليل ما يلي:
أولاً: فيما يتعلق بـ86 في المائة من طلاب الصف السادس: لديهم موقف إيجابي تجاه المدرسة، و80 في المائة من الطلاب يقدّرون التحصيل الدراسي بشكل كبير.
97 في المائة من طلاب الصف السادس يعتقدون بأهمية «أن يكون الشخص ناجحا جدا في الحياة»، وذكر 90 في المائة من الطلاب «أنهم يسعون أن يكونوا أفضل من بقية أقرانهم.
ثانياً: فيما يتعلق باتجاهات الطلاب وسلوكهم نحو أسرتهم ومجتمعهم ووطنهم والعالم:
يؤكد أكثر من 96 في المائة من الطلاب أن الأمن الوطني أمر مهم لهم، ويعتقدون أن «جميع الناس يجب أن يعيشوا بسلام».
63 في المائة من الطلاب لا يعرفون ماذا يتوقع منهم والديهم، وكذلك 51 في المائة منهم أوضحوا أن والديهم لا يوضحون لهم أهمية المدرسة، فيما ذكر 33 في المائة من الطلاب أن والديهم ليس لديهم الوقت الكافي للحديث معهم.
74 في المائة من المعلمين ذكروا أن الطلاب لا يحصلون على ساعات نوم كافية، كذلك أوضح 20 في المائة من المعلمين أن الطلاب لديهم نقص في التغذية المناسبة.
غياب الطلاب يؤثر في تحصيلهم بدرجة كبيرة، فكلما زادت أيام غياب الطالب، كلما أدى ذلك إلى انخفاض مستوى تحصيله بدرجة ملحوظة.
ثالثاً: فيما يتعلق بآراء المعلمين نحو مهنة التعليم والمصادر المتاحة لهم:
أوضح 92 في المائة من المعلمين أنهم مقتنعون بمهنتهم كمعلمين، ذكر 91 في المائة منهم أنهم راضون بالعمل كمعلمين في مدارسهم الحالية؛ ولكن 66 في المائة منهم يرون أن حماسهم ورغبتهم للتدريس تقل بعد التحاقهم بالمهنة، كما أن 52 في المائة من المعلمين ذكروا أن نصابهم التدريسي عالٍ.
فيما أوضح 75 في المائة من المعلمين بأنه لا يتوفر لهم مواد ووسائل تدريسية داعمة للتعلم، وأن الكتاب المدرسي هو المصدر الرئيس للتعلم والتدريس، وبينما ذكر 70 في المائة من المعلمين أنه ليس لديهم أماكن متاحة في المدارس تمكنهم من العمل والتخطيط للتدريس.
وكذلك ذكر 59 في المائة من المعلمين أن مدارسهم بحاجة إلى صيانة وإعادة تأهيل بدرجة كبيرة.
وفيما يخص العمل التعاوني بين المعلمين في المدرسة، ذكر ما بين 40 في المائة من المعلمين أنهم لا يتعاونون مع بعضهم فيما يخص عملهم التدريسي، وأنهم لا يجدون دعماً تقنياً داخل المدرسة يمكنهم من استخدام التقنية في التدريس.
أماّ فيما يتعلق بالربط بين الدروس حياة الطلاب اليومية، فقد أوضح 24 في المائة من المعلمين أنهم لا يربطون ما يعلمونه للطلاب في الصف بحياتهم اليومية.
ويرى المعلمون أن 77 في المائة من الطلاب أحياناً ليس لديهم المعارف والمهارات المتطلبة منهم في الصفوف السابقة.
وأشار الدكتور الرومي في ختام المؤتمر إلى أنه لا بد من دراسة النتائج بعمق ولكن نجمل لكم أمثلة لبعض الجوانب التطبيقية التي ينبغي استثمارها لتطوير التعليم ورفع جودته، ومنها: حسب ما تشير إليه البيانات والمعلومات التي جمعت من المعلمين أثناء تطبيق الاختبارات الوطنية، يتبين أن المعلمين يرغبون بمهنة التدريس ولكنه ينقصهم الدعم بالمواد التدريسية المساعدة والتطوير المهني المناسب، ولذا ينبغي التركيز على توفير الدعم المناسب للمعلم بمصادر تعلم متعددة، وتطويرهم مهنيا وفقا للمعايير المهنية المعتمدة حتى تكون الجهود، موجهة فيما يرتقي بأداء المعلم، وتهيئة البيئة التدريسية المناسبة له.
من النقاط الإيجابية في مجتمعنا السعودي قوة الترابط الأسري، إلاّ أن نتائج تحليل البيانات والمعلومات تشير إلى أن أولياء الأمور (الوالدين) لا يتحدثون مع أبنائهم بشأن أمورهم الدراسية، لذا نوصي بأن يتم العمل على برامج وطنية للأسرة وحثها على مناقشة أبنائها فيما يتعلق بالمدرسة ومستقبلهم الدراسي والعملي.
كما أوضحت النتائج الأثر السلبي لغياب الطلاب على تحصيلهم الدراسي، لذا نوصي أولياء الأمور بالحرص على ذهاب أبنائهم للمدرسة في جميع الأيام الدراسية لما له من أثر إيجابي كبير على تحصيلهم العلمي وتطوير مهاراتهم.
بما أن طلابنا لديهم اتجاهات إيجابية نحو أُسرهم ومجتمعهم ووطنهم، ويشعرون بمسؤوليتهم تجاه أمن وطنهم، فينبغي على المدرسة والمعلمين والأسرة تعزيز مشاعرهم الإيجابية نحو الوطن والانتماء له؛ وينبغي كذلك متابعة اتجاهات الطلاب وتنميتها بصورة إيجابية وفق برامج معتمدة ومنشورة.