عبد العزيز بن عبد الله حنفي ">
«رعد الشمال» أكبر مناورات شهدتها منطقة الشرق الأوسط في تاريخها، نظمت في مدينة الملك خالد العسكرية في حفر الباطن بشمال المملكة العربية السعودية وشاركت فيها قوات عشرين دولة إلى جانب قوات درع الجزيرة، وتعد خطوة هامة في ظل التطورات الأمنية والسياسية التي تشهدها المنطقة العربية، ورسالة واضحة بأن المشاركين موحدون لمواجهة التحديات.
لأول مرة في التاريخ تقدم الدول الإسلامية برنامجاً عسكرياً تنسيقياً تجمعُ على الاستعداد لمحاربة الإرهاب ومنظمات الجريمة والدفاع عن الأمة وكرامتها وإسلامها ودعم وحدة الصف الإسلامي، وإعادة شمل الأمة، والمحافظة على أمن واستقرار المنطقة.
تأتي هذه المناورات تفعيلاً لأهداف التحالف الإسلامي العسكري الذي أعلنته المملكة لمواجهة الإرهاب الذي كان حدثاً استثنائياً شغل العالم وما زال، هذا التحالف الذي يُعد خطوة مباركة نحو الوحدة الإسلامية لمواجهة التحديات التي تواجه المسلمين، ويحمد للمملكة العربية السعودية هذه البادرة المهمة التي تذكرنا بأمجاد المسلمين الأوائل الذين استطاعوا أن يجتمعوا تحت راية التوحيد حتى سادوا وقادوا العالم عدلاً ورحمة.
مناورات رعد الشمال هي الكبرى والأقوى في تاريخ المنطقة من حيث عدد المشاركين والعتاد العسكري المستخدم في محاكاة لأعلى درجات التأهب القصوى للجيوش المشاركة في هذه المناورات لمواجهة الإرهاب ومواجهة الدول الداعمة له، وهذا ما تقوم به المملكة العربية السعودية، حيث إنها من أوائل الدول وأكثرها نشاطا في محاربة الإرهاب، وبذلت جهوداً كبيرة لتعمل على تكاتف الدول الإسلامية والعربية بعضهم البعض لتحقيق أهدافهم المرجوة في إنقاذ الشعوب المتضررة من التنظيمات الإرهابية وانتزاع جذورها،ويتأكد ذلك في عاصفة الحزم وإنشاء التحالف العربي وإعادة الأمل في اليمن ليعم السلام والاستقرار في المنطقة، ولإرجاع كل ذي حق حقه، ومن هنا، جاءت فكرة تأسيس التحالف الإسلامي العسكري التي تقوده المملكة العربية السعودية بمشاركة مجموعة كبيرة من الدول الإسلامية والعربية هدفها الأساسي مواجهة الإرهاب أيا كان موقعه، و تتصدى لأي تحديات تواجهها المنطقة.
تهدف إلى تعزيز وحدة الصف ودرء المخاطر التي تواجه أمتنا العربية والإسلامية والمحافظة على الأمن والاستقرار ورفع مستوى الجاهزية القتالية وقياس القدرة على إدارة العمليات العسكرية بناء على ما يتطلبه الموقف العسكري من خلال تعزيز العلاقات العسكرية بين الأشقاء والأصدقاء، وتفعيل مفهوم العمل المشترك وفقاً للعقيدة العسكرية المشتركة لمواجهة التحديات والتهديدات المحتملة كافة.
رعد الشمال، ليست مناورات عسكرية عادية تشارك فيها مجموعة من الدول، بل هي رسالة قوية تحمل في مضمونها الكثير، وهذا يعني أن جيش السعودية ومن معه من جيوش عربية وإسلامية، يمتلك القدرة الكافية التي تجعله جاهزا للتصدي لأي هجمات محتملة من الأعداء على أي بلد سواء كان عربيا أم خليجيا أو أي بلد مسلم.
إنها تحمل رسالة واضحة وقوية تؤكد على أن المملكة العربية السعودية ومن معها من دول تشارك في هذه المناورات، ما هي إلا داعية سلم وسلام وليست قوات معادية أو معتدية، تدافع عن حقها وتحمي شرعيتها وحدودها دون أن تبادر بالاعتداء على الآخرين.
مناورات رعد الشمال، تعزز التعاون العسكري بين الدول العربية والإسلامية وتطوركفاءة القوات العسكرية المشاركة في المناورات، وتدريبها، واستفادة القوات العسكرية من بعضها، وتحافظ على الأمن وحماية الشعوب ضد أي محاولات الأعداء لزعزعة أمنها واستقرارها، والحد من التدخلات الإيرانية في المنطقة، وبالأخص في سوريا والعراق واليمن ولبنان، وتشديد الحصار على دورها في الساحة السياسية العربية والعالمية، والتي تحاول من خلاله السيطرة على المنطقة لبسط نفوذها ونظامها المستبد والإرهابي.
إن تبني المملكة لمبادرة التحالف الإسلامي العسكري ورعد الشمال تنبع من دورها الريادي في العالم الإسلامي الذي لا يختلف عليه اثنان، وإحساسها بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها وهي التي شرفها المولى -جلت قدرته- بالحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمدينة المنورة، فكان لزاماً عليها أن تكون قائدة للتحالف العسكري الإسلامي. يقول تعالى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ..} (الأنفال 60).
نسأل الله تعالى أن يوفق خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز وينصره في محاربة الإرهاب والدفاع عن الأمة وكرامتها ودعم وحدتها والمحافظة على أمن واستقرار المنطقة.