كتابة وتصوير - أحمد المغلوث:
كلما أتاحت لي الظروف زيارة فرنسا للمشاركة في معرض تشكيلي أو مهمة عمل أو حتى سياحة، أخطف رجلي كما يقولون لزيارة متحف اللوفر، ومن ثم مشاهدة تحفة المتحف «الموناليزا» وأفضل الأعمال الفنية على مر التاريخ، كما يشير إلى ذلك نقّاد الفن وكتّاب تاريخه العريض، وقبل سنوات قريبة تم تخصيص جناح خاص بلوحات صاحبها ومبدعها الفنان العبقري الإيطالي «ليوناردو دافنشي» ومن بينها هذه اللوحة الخالدة، ولكنها الوحيدة أيضاً التي تمّت حمايتها خلف فاترينة من الزجاج غير القابل للكسر والمقاوم حتى للرصاص؟. فلا عجب بعد ذلك أن تستحوذ هذه اللوحة على الإقبال الكبير من قِبل زوار المتحف، بل هناك من يأتي وعلى وجه الخصوص من بلاده لزيارة جناح دافنشي ولمشاهدة الموناليزا، وبعدها تبدأ جولته لمشاهدة بقية لوحاته.. وفي السنوات الأخيرة ومع انتشار ظاهرة التصوير «السلفي» تجد أعداداً هالة من زوار المتحف يتراكضون وينتظرون في طوابير طويلة لالتقاط الصور مع الموناليزا وليقفوا وجهاً لوجه أمامها كما وقفت «الجزيرة».
وربما سألت نفسك كما سأل الملايين أنفسهم ما هو السر في هذا الاهتمام والتقدير الكبيرين لهذه اللوحة بالذات. وعلى مر التاريخ تعددت الإجابات على هذا السؤال، لكن يؤكد نقّاد الفن: أنّ الفنان ليوناردو دافنشي قدم فيها تقنية مبتكرة وهي الإسقاط المتوسط الذي يجمع بين الجانب والأمام في اللوحات الشخصية، والذي يجسّد التجسيم للمنظور. والمثير للدهشة أن هذه اللوحة قد تم استنساخها في مئات الآلاف من اللوحات على الورق وعلى القماش وحتى في العديد من المطبوعات والكتب، وتجدها في المقاعد الوثيرة وفساتين النساء وحتى في اكسسوارات القصور والبيوت والتحف. وخلال وجودي في قاعة «دافنشي» رأيت شاباً قد رسم على ساقه اليمنى اللوحة. فلم أتردد من التقاط صورة لساقه «الموناليزية التاتوية»، بعدما أستأذنت منه وأنا أردد بيني وبين نفسي الناس فيما يعشقون مذاهب.؟!