د. تركي بن عبدالله سليمان القريني ">
لقد أتاحت مؤسسات التعليم العالي السعودي الفرصة للطلاب ذوي الإعاقة للالتحاق بها إيماناً منها بحقهم في تلقي تعليمهم في تلك المؤسسات للحصول على الكفايات التي تمكنهم من الالتحاق بسوق العمل بمختلف قطاعاته، ووفقاً لطبيعة قدراتهم وإمكاناتهم. إلا أن المتمعن في الجهات التي تقدم خدماتها لذوي الإعاقة في تلك المؤسسات يلحظ تعدديتها وازدواجيتها في الأدوار؛ مما أضعف تركيزها على الخدمات التعليمية التي تعد هي العنصر الجوهري في تلك الخدمات؛ بل هي من يدعم نجاح هؤلاء الطلاب واستمراريتهم في تلك المؤسسات. فعلى سبيل المثال: تجد أن بعض تلك المؤسسات تخصص برنامجاً خاصاً للصم وضعاف السمع، ومركزا لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة، وبرنامجاً للوصول الشامل لذوي الإعاقة. حيث يخصص لكل جهة من تلك الجهات مقراً خاصاً، وميزانية مالية سنوية، ويسند الإشراف عليه لعضو هيئة التدريس في تلك المؤسسة، إضافة إلى وجود طاقم إداري كبير لكل جهة من تلك الجهات؛ بل إن بعض تلك البرامج تسابقت بتعيين معيدين ومحاضرين في تلك البرامج على الرغم من عدم حاجتها لذلك نظراً لأن طبيعتها خدمية وليست تعليمية.
على أية حال ، لقد حان الوقت لتلك المؤسسات لإعادة النظر في طبيعة تلك المراكز والبرامج والعمل على إدماجها بما يحقق تكامل الخدمات ويتوافق مع الممارسات العالمية، ويضمن جودة الخدمات التي تقدم لهؤلاء الطلاب ، ويقلل من الهدر المالي. ومن تلك الممارسات العالمية التي يمكن الاستفادة منها ما تقوم به الجامعات الأمريكية بتخصيص مركز واحد فقط لذوي الإعاقة في الجامعة يشرف عليه موظف حاصل على درجة الماجستير في التربية الخاصة، ومجموعة من الموظفين لا يتجاوز عددهم ستة موظفين لديهم مؤهل البكالوريوس في التربية الخاصة، حيث يختص كل موظف بالإشراف على كل فئة من فئات الإعاقة في تلك الجامعة (صعوبات التعلم، المكفوفين، الاضطرابات السلوكية والانفعالية، الصم وضعاف السمع ،..الخ )، وتقديم خدمات الدعم التي يحتاجونها.
ويقدم هذا المركز العديد من الخدمات من أبرزها الإرشادات الخاصة بالتعديلات والتكيفيات الأكاديمية والتقييمية التي يحتاجها هؤلاء الطلاب حسب احتياج كل فئة، والخدمات التي تحتاجها أسرهم ، والخدمات التي يحتاجها أعضاء هيئة التدريس ممن يتعاملون مع هؤلاء الطلاب ، والخدمات ذات العلاقة بالوصول الشامل في مرافق الجامعة ومواقعها الإلكترونية ، والخدمات السكنية في الحرم الجامعي، وادوات التقنية كالأجهزة والبرامج التي ينبغي توفيرها لهم بما يدعم تعلمهم .
ومجمل القول: إن هناك حاجة ماسة لمراجعة تلك البرامج والمراكز ذات العلاقة بخدمات الطلاب ذوي الإعاقة في مؤسسات التعليم العالي السعودي، وبناء مركز واحد متخصص في كل جامعة يضطلع بجميع الخدمات الخاصة بذوي الإعاقة، ويضمن عدم الازدواجية في تقديم تلك الخدمات، ويقلص من التكاليف المادية والكوادر البشرية التي تحتاجها تلك المراكز والبرامج ، ويضمن متابعة جودة الخدمات التي تقدم لهؤلاء الطلاب من قبل صناع القرار في تلك المؤسسات.
- نائب رئيس الجمعية السعودية للتربية الخاصة، أستاذ التربية الخاصة المشارك بجامعة الملك سعود