تغريد القضيبي ">
تقول تمبل جراندين في سيرتها الذاتية «إن التوحد يؤثر في جميع جوانب حياتي، فأنا أحتاج إلى ارتداء ملابس مريحة للتخفيف من أثر اضطرابات التكامل الحسي، وأيضا نظمت أسلوب حياتي بطريقة أتفادى فيها العبء الحسي، وأيضا أتناول مضادات الاكتئاب بانتظام، ولكنني توقفت عن استخدام جهاز العناق الذي ابتكرته في الثامنة عشرة من عمري كعلاج لتخفيف التوتر».
وتذكر تمبل أنها لو كان بإمكانها أن تستطيع أن تصبح طبيعية بطرفة عين لن تفعل ذلك، فالتوحد كما تذكر أصبح جزءا من هويتها الآن.
هذه هي تمبل جراندين أستاذة علم الحيوان في جامعة ولاية كولورادو واستشارية في سلوك الحيوانات ومشخصة بالتوحد ذي الأداء العالي.
هذه واحدة من البارزين المصابين بالتوحد حول العالم وعندما نلقى نظرة على المصابين بالتوحد لدينا وواقع مراكز التأهيل التي يلجأون لها لتلقي خدمات التأهيل والتدخل، فإليكم هذه الحقائق التي تحتاج إلى إعادة نظر ومعالجة إذا أردنا رفع سقف وتحسين مستوى الخدمة المقدمة، وأيضا التخفيف مما يعانيه أسر هؤلاء المصابين من معاناة.
1- مراكز التأهيل لدينا تختلف في تقديم الخدمة من حيث المستوى والجودة فمنها ما هو متميز ومنها ما هو دون المستوى المطلوب ومنها ما هو سيئ في خدماته.
2- تتميز المراكز التي تقدم خدمات مميزة بأن لديها فريق عمل نشيطا وعلى قدر جيد من التأهيل والكفاءة والمهنية مما ينعكس بدوره على الخدمة المقدمة للأطفال.
وأيضا إلى وجود برنامج ملموس وواضح لتقييم كل طفل عند تسجيله وأيضا وضع خطه تربوية فردية لكل طفل متكاملة الجوانب، أيضا إعطاء كل طفل في المركز حقه من حيث عدد الساعات التدريبية التي يحتاج إليها للتعليم والتأهيل كل أسبوع. وأيضا وجود اجتماعات دورية بين الأسر والفريق القائم على التأهيل لتبادل الخبرات وحل المشكلات التي تواجه الأسر والإجابة عن استفساراتهم وأيضا رفع مستوى الوعي والتثقيف لديهم.
ولا ننسى إشعار الأهل بتقارير التقييم الدورية والسجل اليومي الذي يحمله الطفل كل يوم معه والذي هو بمثابة نقطة وصل بين المنزل والمركز تشعر بما تم تعليمه وتدريب الطفل عليه هذا اليوم ودرجة تقدمه وإعطاء الأسر التدريب التكميلي الخاص بالمنزل.
3- بعض مراكز التأهيل التي تقدم خدمات دون المستوى المطلوب أو خدماتهم سيئة فنجد أنهم وعندما نلقي نظرة فاحصة أن ما يحدث يتدرج في الآتي:
أن الطفل ليس لديه خطة تربوية فردية واضحة، أيضا لم يخضع لبرنامج تقييم لقدراته من البداية عند تسجيله بالمركز، ولذلك نسمع كثيرا من شكاوى الأسر بأن الطفل أمضى أشهرا في المركز دون أن يستفيد ويتحسن، ودون وجود أهداف واضحة يتم تدريبه عليها، والأيام تمر، وأيضا للأسف يعود الطفل بسلوكيات غير جيدة للمنزل اكتسبها من خلال دمجه في فصول مع أطفال قدراتهم العقلية ومشكلاتهم السلوكية أعلى درجة من مستواه فيكتسب السلوكيات عن طريق التقليد السلبي وينقلها للمنزل.
4- في كثير من الأحيان تؤثر المشاكل الإدارية والمالية والتنظيمية التي تعاني منها إدارة بعض المراكز على الخدمة المقدمة سواء للموظفين أو الأطفال، فعلى سبيل المثال نقص عدد الأخصائيات والمعلمات مقابل العدد الكبير من الأطفال الذين تم قبولهم مما ينعكس بدوره على عدد الساعات التي يحتاج إليها كل طفل، ويتم التقليل منها رغم حاجة الطفل لها، وذلك لنقص الكادر ليتم إدخال أكبر عدد من الأطفال في جداول الكادر القليل العدد والموجود لتقديم خدمات التدخل والتأهيل.
5- تخرج على السطح إشكالية استقبال طالبات وطلاب التدريب الميداني في بعض المراكز التي تسمح بهذا الأمر، وهي ليست إشكالية في حد ذاتها ما لم نضع الضوابط والأنظمة التي تنظم عملهم داخل المركز والصلاحيات الممنوحة لهم وعدم السماح بعملهم بشكل منفرد دون وجود إشراف ومتابعة عليهم.
6- كثير من شكاوى الأسر على بعض مراكز التأهيل تكون بسبب عدم السماح لهم برؤية أطفالهم وعدم مشاهدة بعض الجلسات لتطمئن الأم ولو من بعيد وفي وجود حاجز زجاجي يسمح للأم بالرؤية وبعيد عن أن ينتبه لوجودها الطفل كي لا يتشتت الانتباه لديه عن تلقي التدريب.
7- للأسف الشديد بعض مراكز التأهيل تسمح بتوظيف من لا يحملون المؤهل وأيضا توظيف من يحمل مؤهلا في غير التخصص المطلوب، بل وتسمح له بأن يمارس عملا بعيدا عن تخصصه، فبهذه الممارسة ماذا نتوقع أن تكون المخرجات ومستوى خدمات التأهيل والتدخل المقدمة في ذلك المركز!
8- ومن شكاوى الأسر وجود حالات ضرب وإهمال وتعنيف لفظي وغير لفظي يتعرض لها بعض الأطفال على اختلاف نوع الإعاقة التي يحملونها، ناهيكم عن أن بعضهم لا يستطيع الكلام والتعبير عما تعرض له.
ولذا أن تواجد كاميرات المراقبة أمر جيد في المراكز ولكن بوجود ضوابط وأيضا مع تخصيص موظف أو موظفة يكون عمله متابعة هذه الكاميرات على مدار الوقت داخل الفصول، وأيضا في وسيلة النقل مما يساهم في رفع مستوى الأمان والتقليل من هذه الحالات الفردية قبل أن تتسع دائرة حدوثها ولنتذكر أن من أمن العقوبة أساء الأدب.
ومن هنا أود لفت انتباه الأسر وعليها دور كبير أيضا في عملية التأهيل والتدريب ووسيط لنقل الشكاوى لإدارة المركز كي يتم التنسيق وإصلاح جانب الخلل والقصور بالملاحظات التالية:-
1- أن عدم تقييم قدرات طفلك ومستواه الحالي عند تسجيله بالمركز وعدم تطبيق المقاييس المقننة عليه يدل على وجود مشكلة ما.
2- عدم وضع خطة تربوية فردية متكاملة الجوانب وتسليم الأسرة نسخة منها تحوي الأهداف التي سيتم تدريب الطفل عليها خلال الفصل الدراسي يدل على وجود مشكلة ما.
3- عدم وجود متابعة وتسجيل في السجل اليومي للطفل واستمرار هذا الأمر لفترة يدل على وجود مشكلة ما.
4- جلب طفلك لسلوكيات غريبة وغير مرغوبة من المركز وجديدة على الأسرة يدل على وجود مشكلة ما.
5- عدم استلامك لتقارير شهرية تفيد بمستوى طفلك الحالي ومدى تقدمه أو المشكلات والصعوبات التي يعاني منها يدل على وجود إهمال وتقصير.
6- إن عدم وجود اجتماعات ولقاءات بين المركز والأسر لمناقشة المشكلات والحلول وأيضا إعطاء فرصة لسماع المقترحات والشكاوى وأيضا عدم وجود دورات تدريبية وتثقيفية للأسر يدل على وجود إهمال وتقصير من المركز وينبغي إخطار المركز بذلك بغرض الارتقاء بمستوى الخدمة المقدمة ورفع الجودة.
وختاما.. فإن التأهيل والتدخل هي عملية تكاملية بدءا بالأسرة ثم المستشفى وانتهاء بالمركز ولا ننسى دور المجتمع، ولذا فإن تضافر الجهود وتكاملها للارتقاء بمستوى الخدمة المقدمة واكتشاف المشكلات مبكرا ومركز الخلل ومحاولة إصلاحه وتحسينه وتطويره هو من أبرز الاستراتيجيات والحلول التنفيذية التي ستساهم في إصلاح الواقع.
- الأخصائية