العنايةُ بالشَّباب، تعني بداهةً صناعة المُستقبل بطاقةِ أبناء الوطن العقليَّة والنفسيَّة، واستثمار طموحاتهم. وتلك الطَّاقة في عملية البناء بكفاءة عالية ومحفزات تُلهمهم وتُثري تجاربهم وتمنحُهم الخبرات الضروريَّة للارتقاء بقُدراتِهم وأدواتِهم، وذلك ما جعلنا نعمل بجدٍّ من أجل أن تحقِّق جائزة الشابِّ العصاميِّ أهدافها في ترقية العمل الحُرِّ، ونشر ثقافة الإنتاج وعُلوِّها على ثقافة الوظائف، دون أن يتراجع ذلك بقيمتها وأهميَّتها؛ ولكن كلَّما كان التركيز كبيراً على الإنتاج، فذلك يعني فتح أبواب الأمل والثِّقة في الذَّات لدى كل شابٍّ، حتى أنه يمكنه أن يُنتج ويعمل في وظيفة بصورة مُتزامنة بأعلى مستويات المسؤوليَّة، والعمل الجاد من أجل نفسه ومجتمعه ووطنه.
وإني لأؤكد دوماً، أن الشَّبابَ هم عمادُ البلاد، ومن المُهمِّ منحُهم مزيداً من الفُرص وفتح مسارات العمل لهم، حتى يعملوا بكُلِّ قُوَّتِهِم من أجل خير أنفسهم، فذلك ينعكس خيراً أيضاً على المجتمع والوطن؛ فبناء الأوطان عمليَّة مُتكاملة في كُلِّ مجالات التنمية وقطاعاتها، ولذلك تعدَّدت مساراتُ جائزة الشابِّ العصاميِّ، لتخدم تنافسيَّة الشَّباب في ميادينَ مُختلفة وبحسب قدراتهم وإمكانيَّاتهم، وتنتهي كُلها في العمل الإنتاجيِّ المبتكر والمُبدع الذي يُضيف إلى حصيلتهم المعرفيَّة ويجعلهم أكثر خدمةً للتَّنمية، فضلاً عن فكرة التَّنافس الشَّريف فيما بينهم، للحُصول على أفضل الاستثمارات التي يُشرفون على عمليَّاتها بأنفسهم، فيحرصون على نجاحها وتميُّزها.
إن الجائزة تسعى إلى نشر ثقافة العمل الحُرِّ، وتطوير وسائل الشَّباب للحصول على مصادر دخل مُتنوِّعة، من خلال مهاراتِهم الفطريَّة واِتِّجاهاتهم ومُيولهم التجارية والاستثمارية؛ فنحن بحاجة إلى شبابنا ليُباشروا أنشطتهم وأعمالهم في بلدهم، بدلاً عن العمالة الأجنبيَّة، التي لا يُمكنها أن تُعطي بذات الرُّوح التي يُمكن أن يُعطي بها أبناءُ الوطن، الذين يجب أن يتطوَّروا ويواكبوا تطوَّرات التَّنمية والبناء، ودون وجودهم الميدانيِّ الفاعلِ والمُؤثِّرِ في الاستثمار والعمليَّات الإنتاجية، فإنهم لا يُمكنهم أن يُسهموا بإيجابية في مشروعات التَّنمية الشاملة والمُستدامة.
إننا في الواقع، نملك شباباً عصاميَّاً، لا تنقصه إلا الهمَّة العالية، والعمل المُخلص، لاستكشاف طاقاتهم وتفجيرها، والمبادرة إلى كُلِّ نشاط يعود عليهم بالنَّفع والخير. وأكرِّرُ وصيَّتي لكُلِّ شابٍّ طموحٍ ومسؤولٍ بالبكور، إذ إن كثيراً من الشَّباب يسهرون ليلاً وينامون نهاراً؛ فذلك أمرٌ لا يستقيم مع مُتطلَّباتِ العمل والكسب، الذي يتطلَّب هِمَّةً وعزيمةً وقوةَ إرادةٍ لصناعة التَّغيير الإيجابي في حياتهم، بدلاً عن السَّلبيَّة والغياب عن مواقع العمل والإنتاج؛ فأنا يُسعدني أن أرى شبابَ بلادنا في كُلِّ موقعِ عملٍ وكسبٍ شريفٍ يباركُه الله تعالى ويزيد فيه، وكما يقال: «لو تعلقت همّة أحدكم بالثريا لنالها»، وفي ذلك حافزٌ وإلهامٌ كبيرٌ لأن يُبادر شبابُنا ويقتحمُوا مجالات العمل، ويكونوا إيجابيِّين وفاعلين ومُؤثِّرين.
وحين أرى في فعاليَّات تلك الجائزة شباباً توَّجوا جهدهم وكدَّهم بالحصول على المراكز الأولى والمُتقدِّمة فيها، فإنني في الحقيقة أرى حصاد جهود استمرَّت لسنوات مضت، تنتهي إلى الفوز بالجائزة في جميع مجالاتها. ولا شكَّ أن أجمل الأوقات هي تلك التي تمرُّ على الإنسان حين يقطف ثمار البذرة التي زرعها؛ فالعصاميَّة صفةٌ مقرونةٌ بالهِمَّة العالية، ولها مذاقٌ خاصٌّ، أتمنَّى أن يتذوَّقه كل شابٍّ يحرصُ على التَّميُّز والابتكار والإبداع والعملِ الحُرِّ، ففيه فوائدُ مُتعدِّدةٌ تضع الشَّباب في المسار الصحيح للغايات العظيمة في النُّموِّ الذَّاتيِّ والاجتماعيِّ والوطنيِّ، لأنه ما من عمل مُثمر يعمله شبابُ بلادنا، إلا ويصبُّ في خاتمة المطاف لصالح وطننا الغالي، الذي نبنيه جميعاً بعقولٍ وقلوبٍ مفتوحةٍ وسواعدَ قويَّةٍ ترفعُ راياتِ مجدِهِ عاليةً بإذن الله.
إن الأمل كبيرٌ على شبابِنا من الجنسين في حمل راية البناء والتَّنمية، وهذه الجائزة فرصة مثاليَّة لتطوير أدواتهم الإنتاجيَّة، والارتقاء بخُططهم وفكرهم الاقتصاديِّ والاستثماريِّ، وغايتها أن يصلوا إلى طموحاتهم من خلال الإبداع والابتكار والتَّنافس الشَّريف في كُلِّ ما يُمكن إنتاجه وتطويره، لأن ذلك يكتسب أبعاداً مُهمَّةً وواسعةً تفتحُ الأُفق أمامَهم لينطلقوا ويكتشفوا مزيداً من الفُرص التي تنتظرُهم؛ فارتفاع العاملِ الإيجابيِّ في فكرهم ونشاطهم من الأهميَّة بما يجعلهم أكثر تأثيراً في المحيط الذي يعيشون فيه، فيُؤثِّرون فيه إيجاباً، ويعملون على تغييره نحو الأفضل الذي نطمح إليه جميعاً، خاصة أن بلادنا ثريَّة بمواردها الطبيعيَّة والبشريَّة الواعدة، التي نحتاجُ لأن تتكامل من أجل الخير والرَّفاه والنَّماء.
رسالتُنا لكُلِّ شاب وفتاة من المنطقة خاصَّة، والمملكة عامَّة، أن الجائزة وسيلة لتطوير مهاراتهم الاستثماريَّة والوصول إلى طموحاتهم وغاياتهم؛ فهي تُساعدهم في بناء ذواتهم، وتضعهم في الطريق إلى عملية إنتاجيَّة واسعة من خلال ثقافة العمل الحُرِّ وفكره، دون البقاء على خيار واحد، وهو انتظار الوظيفة؛ فذلك يجعلهم أكثر نظراً إلى الأُفق، وتناول مزيدٍ من الخيارات. ومُهمَّة الجائزة أن تنتقل بثقافة العمل والإنتاج إلى تلك الخيارات، وتمنح الشَّباب الكثير من الفُرص عبر فروعها المُختلفة التي تُغطِّي إلى حد كبير كُلَّ المجالات المُهمَّة والحيويَّة التي يمكن أن ينطلق منها الشَّباب في فضاء العمل الحُرِّ والكسب الشَّريف والإيجابيِّ، دون انتظار الوظيفة؛ فالحياة تمضي، ومن عدم الإنصاف أن لا يستغلَّ الشَّابُّ كُلَّ وقته فيما هو مفيدٌ، ويعود بالخير عليه، ويُؤهِّلُه لمزيد من الاستحقاقات الكبيرة التي تنتظره بدلاً عن أن ينتظر، وقد لا يحصل على ما يطمح إليه.
أتوجَّه لكُلِّ الشَّباب، وأتمنَّى أن أراهم في مواقع الإنتاج المُختلفة، بما يَسُرُّ النَّفس ويقرَّ العين، وهم يعملون بحسب طاقاتهم وحصيلتهم المعرفيَّة، ويعملون بجدٍّ واجتهاد من أجل تطوير قدراتهم ومهاراتهم واكتساب المزيد من المعرفة العلميَّة والعمليَّة، التي تُعينهم على العمل والكسب، ولا بدَّ أن تتوفَّر لديهم الإرادة للتغيير الإيجابي في حياتهم؛ فذلك يختصر على مجتمعهم طريقاً طويلاً في التَّنمية؛ فتنمية الموارد البشرية تبدأ من الذَّات بأن يرتفع الفرد إلى مستوى المسؤوليَّة، ويعمل بكُلِّ وسعه من أجل أن يتطوَّر ويُسهم في تطوير مُجتمعه وبلاده، ودون عزيمة صادقة فإن ذلك يتأخَّر، أو لن يتحقَّق، وتُصبح مشاريع وبرامج التنمية البشرية متعثِّرة وغير ذات قيمة حقيقيَّة على الصعيد الإنتاجيِّ؛ لذلك نأمل أن نرى مزيداً من الشَّباب يتدافعون على المشاركة في الجائزة، وإن لم يفوزوا بجوائزها، فإنهم من المُؤكَّد سيكتشفون طرقاً جديدةً للعمل الحُرِّ ويتشبَّعون بإرادة ورُؤية أكثر اِتِّساعاً للخيارات وتطوير المهارات التي تجعلهم حريصين على مواصلة المسيرة في العملِ الحُرِّ وتعظيم الإنتاج بعقولهم وسواعدهم وفكرهم وجهدهم وطاقتهم، التي يُفجِّرُونها فيما يباشرونه من أعمالٍ ومبادراتٍ مُبتكرةٍ ومُبدعة. ولا يعني عدم الفوز بالجائزة نهاية المطاف، وإنما بداية لانطلاقة جديدة في عَالَمٍ عمليٍّ واسعٍ يحتاج الدُّخول إليه إلى ما اكتسبه كُلُّ شابٍّ دَخَلَ تجربةَ العملِ الحُرِّ، ولن يتراجع عنه حتى يصل مُبتغاه ويبلغ طموحاتِه ويُحقِّق أهدافَه.
بقلم : الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز - أمير منطقة القصيم