د.نوف بنت محمد بن حمد الزير ">
تُعدّ الجامعات من أهم المرتكزات الحضارية لشعوب العالم؛ ذلك أنها بيئة علمية تحظى باهتمام قمة الهرم المجتمعي، لأن ما يصدر عنها يجب أن يسهم في بناء المجتمع بإيجابية وشعور عميق بالمسؤولية وخطوات عملية للتقدم نحو الأفضل - أو هكذا ينبغي أن يكون -!
وتحوي جامعاتنا الرائدة هنا في مملكتنا الغالية في غالب وصفها طاقات أثبتت كفاءة فائقة و تأهيلاً متميزاً على مستويات عالمية مشهودة.
كما تستهدف الفئة الأعلى نسبة في المجتمع من حيث العدد الإحصائي للسكان في المملكة ومن حيث القوة البشرية والمرحلة العمرية المنتجة. ما يجعل المسؤولية كبيرة وجديرة بتحقيق أهداف المجتمعات الراقية التي تطمح لها الحضارات الراسخة.
إن التعليم عامة والجامعات على وجه خاص تحظى بميزانيات عالية جداً تؤكد الثقل الذي تحظى به في خطة التنمية، والآمال المنوطة بها، وتؤكد أيضاً الأثر الذي يمكن أن يتحقق رأي العين إذا وُجهت الأهداف الرئيسة في الهرم التنفيذي لكافة المشاركين في العملية التعليمية والتنموية والحضارية الوجهة السليمة وفق معطيات التنمية المستدامة في وطن يستحق أن يكون في قمة العالم الأول.
إن ما بدأ يصافح الأعين من تكثيف العناية بالجيل عقيدة وشريعة تربية وتعليماً، تفكيراً وسلوكاً، ريادة وأعمالاً، إبداعاً وابتكاراً، تقنية وتطويراً... شئ يثلج القلب وتطمئن له النفس؛ ولكننا لازلنا نطمح إلى مزيد من الجهد وكثير من العطاء ذلك أننا أمام بيئة خصبة قابلة للاستثمار، وأمام تحديات كبرى جديرة بأن ينتصر عليها أولوا الهمم العالية والنفوس الطامحة والعطاء الصادق.
إن الأستاذ الجامعي يقضي وقتاً طويلاً في الحرم الجامعي ويقضي الطلاب والطالبات فيها معظم ساعات يومهم العامرة بالنشاط والحيوية، مما يجعل استثمار ذلك في تأصيل فكرهم وتوجيه نشاطهم وتقويم سلوكهم أمر في قمة الاهتمام وأن يُفعّل ذلك في الأهداف العامة للمقررات والأنشطة والدورات التدريبية التي تشهد الساحة عناية خاصة بها.
وكذلك في تحفيز أعضاء هيئة التدريس بحثهم على استثمار نعمة الله عليهم بأن جعلهم من أهل العلم والتحصيل العالي ثم حمّلهم أمانة الجيل الذي بين أيديهم ينهل من معينهم ويكتسب من خبراتهم، ذلك أن الشعور بالمسؤولية المجتمعية والاجتهاد في أدائها من أجمل ما يحتسبه المرء عند ربه ويُعطِّر به تاريخه، ويرى أثره وبركته على سائر شؤونه وأحواله.
ويمكن اعتبار ذلك معياراً رئيساً هاماً مُعتَبراً مُفعّلاً في: المفاضلات، الإجازات، الخبرات والترشيحات التي تحتاج معايير واضحة ومعلنة لتحقيق الرضى الوظيفي والتسابق المحمود في الانتاج والمخرجات وفق أعلى مستويات الجودة.
إن البيئة الجامعية من أكبر البيئات التعليمية التدريبية والتوجيهية التي يمكن من خلالها الإسهام في تحقيق التحول الوطني الإيجابي الذي ترعاه المصالح العليا التي قررها ولاة الأمر.
كما يمكن رعاية التقدم القيمي والسلوكي وصيانة الفكر والمحافظة عليه وتقويم ما قد يعتريه في بيئة علمية أكاديمية ناصحة واضحة تعمل في وضح النهار أمام مرأى ومسمع من الجميع، بعيداً عن العشوائية والارتجالية وردود الفعل الوقتية.
والعناية بوضع الأساليب الوقائية استباقاً ومعالجة ما قد يحدث من الظواهر السلوكية والمشاكل المجتمعية كالتدخين والطلاق وانحراف الفكر والعنف وبعض المظاهر السلبية قبل استفحالها وتناميها.
إن الجامعات تحوي طاقات أثمن من النفط التي يمكن بتوظيفها واستثمارها الإسهام في بناء الاقتصاد المعرفي والتنمية المستدامة وتحقيق معدلات عالية من الابتكارات والإنجاز فلا يخدم الوطن مثل أبنائه ولن يخلص في غرس قيمه ومبادئه وتحقيق أهدافه والإسهام في أن يصل بقوة عقيدته وسلامة منهجه وأصالة حضارته وتألق قيمه وتميّز علمه إلى قمة المجد وغاية الطموح إلا هم.
سدد الله الخطى وبارك في الجهود و أينع ثمارها ورزق الجميع الإخلاص والقبول.