عبدالله بن عبدالرحمن العايد
بغض النظر عن الأحداث التي تحدث، سواء في البلدان المجاورة أو في مواقع من الفضاء الإلكتروني أو الصحف اليومية أو المقالات اللاذعة، وبناء على ما حدث فيها من نقد الآخر بشدة أو لنقول بصراحة مهما كان السبب أو أسباب تلك الأحداث، إلا أننا يجب أن نقرأ الآفاق والمغازي المستقبلية لتلك الأحداث التي كان يقودها طيف معين من المجتمع له فكر معين مع الإقصاء التام لغير هذا التيار ولا أصنف الشعب ولا أجزاءه.
ولقد ساءني وغيري ما يحدث في الصحف والفضاء الإلكتروني من خلافات شخصية بين أبناء البلد الواحد، وقد كان سببها التباين في وجهات النظر المتفاوتة أو الأفكار العالقة، لذلك لا بد من موقف واضح لما يحدث من مهاترات وانتقاء مصالح شخصية لأننا في غنى عن كل هذا وفي هذا الوقت بالخصوص، وليعلم الجميع أن النقد البناء الهادف الهادي هو الذي يثري المتلقي وتجلي روح الحزبية عن عقول هؤلاء وهذه دعوة مفتوحة لكل الأدباء والكتّاب في المملكة لتبني هذا الطرح الهادف.
نعم يعيش معنا تيارات متعددة تتحدث عن أفكارها ولكن الواقع يفرض نفسه، فالبيانات والتغريدات لا تنم عن الوطنية والشهامة، ولكننا نحذر من الطائفية وتقسيم المجتمع إلى طوائف متعددة، فكل أصحاب فكر تسموا بمصطلح معين رضوه لأنفسهم لأن بلادنا تعيش نهضة علمية كبرى سريعة الخطى تتمثل فيما يبذل على العلم والابتعاث والجامعات، وقد بذل الكثير لتشجيع كل الحركات الثقافية ودعم الأدباء وأنديتهم، حيث إن هذا الدعم أوجد علاقة تأثيرية إيجابية.
وكم هو رائع أن نحظى في المملكة بفعاليات ثقافية متعددة وفضاء واسع، ولكن تبقى الرقابة الذاتية أمراً مهماً في منع أي مهاترات لا تدل على وعي وصدق في المضمون والطرح.
ونكرر أن وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة حدث يستحق المتابعة ولكن يبقى أن يكون هناك عين ثالثة تجاه كل ما يكتب ويناقش فيها من أفكار بائدة وتاريخ مزيف ورأي سخيف، والأهم أن يتعلم شبابنا طرق ووسائل الحوار التي تجعله باحثاً ومثقفاً واعياً، بدلاً من الانشغال بانتقاء ما يملى عليه، فلا مانع من أن يقرأ ويناقش الشاب بكل حرية، شرط أن تكون حاضرة في ذهنه العقيدة الصحيحة والعادات والقيم ليكون بحق قارئاً باسم ربه الذي خلق..
ونكرر أننا لا نريد من أحد كائناً من كان أن يثير الفوضى بالتحريض على سياسة الدولة الإعلامية والمطالبة بالانفلات بدعوى البطالة والفقر وحرية التعبير ولو سلمنا أن رفع الرقابة مطلب فهناك طرق مشروعة لذلك ولا يتم ذلك بتأجيج الناس وإثارتهم وتهييجهم أو الخروج على سياسة الدولة الأمنية التي رسمها ولاة الأمر -وفقهم الله- والمستمدة من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
نعم هناك ساحات ومعرفات جعلت من نفسها معقلا لتلك الصراعات المستقبلية وبداية لأزمة قد تكون مفتعلة من أحد الأطراف، فالكلمة تجر إلى كلام والكلام يطول وتتبعه إرهاصات من أجل ترسيخ وجود وإبراز أصوات وصور من خلال تلك الأحداث أو المقالات، وكأنهم يقولون للمجتمع من خلال تلك الأحداث نحن موجودون، وقد يكون الطرف الثاني انساق ووقع في الفخ الذي حفره لهم أنصار ذلك التيار، لذلك أتصور أن أكثر من فرح بهذه الأحداث هم أنفسهم الذين خططوا لتلك الأحداث وسيفرح أكثر أعداء الإسلام الذين يقفون ضد الوحدة الوطنية الإسلامية فهم يجدون من الأحداث بين الإخوان فرصة لتصفية حسابات قديمة أو مرسومة دون علم التيارين، وقد تكون تحاك ضدهم الدواهي وجعلهم طعماً لأعمال انتقالية لتصفية الساحة من الوجود الناضج والحراك المتدفق أو ربما يكون هذا التباين في آراء نقطة ضعف سيتغنون عليها كثيراً.
لذا يجب ألا نصمت حيال هذا التصرف الذي حدث، ويجب الوقوف بحزم ضد هذه التصرفات، فالبلد ما زال فيه أمن ونظام وتغيير المنكر إذا وجد مسؤولية ليست مشاعة للكل ويجب المحاسبة لكل من يتسبب بهذه الفوضى، فنحن -ولله الحمد- لم نصل إلى هذه الدرجة من عدم القدرة على الانضباط ولست أطالب بقمع الحريات لكن الحرية المطلقة مرفوضة التي تتناول وتفعل كل شيء حتى المسلمات فلا أريد حرية الغرب التي تسمح للناس بالمشي عرايا من باب الحرية الشخصية، وأشهد الله أننا مجتمع مسلم محافظ إلى درجة كبيرة، وقراءة الأحداث المشابهة في بعض الدول القريبة منَا قراءة متأنية مستقبلية مع التنبيه على خصوصية هذا المجتمع وطبيعته التي جبل عليها وترعرع بها، فالثقافة الإسلامية مليئة بالاجتهادات ولكل مجتهد نصيب، وتعدد الآراء لا يفسد للود قضية.
ونعلم أن التحدي الذي يواجهه العالم الإسلامي والعربي يستوجب القيام بمشروع عربي إسلامي سعودي في كل منطقة يوجد بها جامعة أو كلية وذلك بإنشاء مركز للدراسات الإستراتيجية والأبحاث لكي يتصدى هذا المركز لكل فكر هادم والاهتمام بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها من الأمور التي نحن في حاجة إلى دراستها دراسة مستفيضة ومخاطبة الجهات المختصة في المجال المهم.. حيث إن التحديات التي أمامنا تتطلب مثل هذه المراكز والبرامج التي تنمي فينا الروح القيادية التي لا ترتبط بأية أنظمة أو حزب أو طائفة، وإنما نريد قيادات فكرية تقوم على الثوابت الإسلامية والأخلاق العربية الأصيلة. ولا بد من الإسراع بإقامة هذا المشروع العملاق الذي يسهم مع الحكومة في إيجاد الحلول العادلة والسريعة المنتجة في نفس الوقت.. ويكون هذا المشروع تحت مظلة هدد من الوزارات ويكون للعلماء والدكاترة الفضلاء الذين لهم باع كبير في العلم والحياة وخريجي الجامعات كل على حسب تخصصه يد طولى في الإسهام في هذا المشروع الكبير الذي سنقطف ثماره وينعه في أول خمس سنوات، وذلك لوجود الأموال والكفاءات، ولا بد أن يكون لهذا المشروع الخصوصية في اتخاذ القرارات المجمع عليها بالمنطقة دون الرجوع إلى المسؤولين، وذلك بالتعاون مع رجال الأعمال واتخاذ القرار المناسب لأننا كلنا أبناء الوطن ونسعى لتحقيق أهدافه المرجوة.
بقى في الختام أن نقول إن هناك الكثير ممن يمكن أن يسمى نفسه ابناً للوطن لكن هناك عدداً من الأبناء عاقين، نسأل الله لهم الرجوع إلى طريق الحق..
هذا ما تيسر ذكره مما علق بالذهن ذلك حفظاً للواقع وبياناً للحقيقة وكشفاً للشبهة.