سوق السندات والصكوك بالمملكة تعادل 0.6 % فقط من قيمة سوق الأسهم ">
إعداد - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ«الجزيرة»:
تستخدم الحكومات والشركات الصكوك والسندات كقنوات تمويلية لتوفير السيولة اللازمة لتمويل مشروعاتها بتكلفة منخفضة نسبيًّا، كما تقدم هذه الأدوات حماية لمحافظ المستثمرين بتوفير أدوات استثمارية ذات مخاطر أقل وعائد دوري آمن.
وتوجد فروق جوهرية بين الصكوك والسندات والأسهم، كما يوضحها الجدول (1)؛ فالسهم هو ملكية في شركة، والسند دين، أما الصك فهو مشاركة في إيراد.
لذلك فإن الصكوك تأخذ شكلاً من الأشكال المقبولة في البيئة السعودية التي تتصف بكونها محافظة بطبيعتها. وبصفة عامة تسير الصكوك في طريق يتوافق مع مبادئ الشريعة من حيث المشاركة وعدم وجود ربح ثابت.
ورغم نجاح سوق السندات في غالبية دول العالم إلا أنها لم تصادف النجاح نفسه في السوق السعودي. كيف ولماذا أخفقت السندات والصكوك؛ إذ نسبة النجاح لم تصل إلى 1 % من سوق الأسهم؟
السوق العالمية للسندات
رغم أن قيمة رسملة جميع الأسهم المتداولة في البورصات العالمية تصل إلى ما يناهز 60 تريليون دولار، فإن حجم سوق السندات العالمية يتراوح بين 120 و150 تريليون دولار، وربما أكثر.
وتهتم الدول المتقدمة بسوق السندات بشكل يفوق اهتمامها بسوق الأسهم؛ إذ تساهم السوق الأمريكية بنسبة تقترب من الربع في حجم السوق العالمية للسندات. وتتضخم سوق السندات نتيجة أن إصداراتها لا تخرج عن الشركات التجارية فقط، وإنما عن الحكومات أيضًا، بل إنها تعتبر ملاذًا رئيسيًّا للحكومات في فترات معينة عندما تنحصر السيولة النقدية أو تنحصر معدلات الإيرادات الحكومية عن تغطية نفقات الدولة.
وقد وصل حجم سوق السندات القائمة للشركات وحدها في الولايات المتحدة الأمريكية إلى نحو 5.92 تريليون دولار حسب إحصاءات عام 2015م. وفي المقابل تصل سوق السندات إجمالاً إلى ما يزيد على 25 تريليون دولار.
وتشير الإحصاءات إلى أن حجم السوق العالمية للسندات يعادل ضعفين إلى ثلاثة أضعاف حجم سوق الأسهم العالمية. وإذا كانت الحال كذلك على المستوى العالمي فلماذا هي بهذا الضعف في المملكة؟
سوق السندات والصكوك بالمملكة
لأيام وأسابيع متعددة ومتصلة قد لا تشهد سوق السندات والصكوك أية تداولات أو صفقات تُذكر؛ فخلال الثلاثين يومًا الأخيرة لم يتم تنفيذ أية صفقات في هذه السوق، وخلال الشهرين تقريبًا تم تنفيذ صفقة وحيدة بقيمة 5.9 مليون ريال. وهي قيمة زهيدة، لا ترقى ولا تتناسب مع حجم الاقتصاد السعودي.. وخلال عام 2015م بالكامل يوجد ثلاثة صكوك، لم يتم تنفيذ أية صفقات عليها طيلة العام. وهذا شيء لافت للنظر.. بل بلغت قيمة تداولات السوق خلال كامل العام نحو 453 مليون ريال فقط.. مقارنة بنحو 1.7 تريليون ريال لسوق الأسهم.
سوق الأسهم مقارنة بسوق السندات بالمملكة
تصل القيمة السوقية لجميع الأسهم المدرجة بالسوق السعودية إلى نحو 1579 مليار ريال.. وفي المقابل لا تتجاوز قيمة السندات والصكوك المصدرة بالسوق السعودية نحو 9.4 مليار ريال، أي أن السندات لا تمثل سوى نسبة 0.6 % من إجمالي قيمة رسملة سوق الأسهم المدرجة بالسوق، وهي قيمة متدنية؛ تحتاج إلى تفسير.
البعض يتحدث عن قيمة عمولة مرتفعة بحد أدنى 500 ريال، وهي قيمة غير مبررة، خاصة أن الإقبال على سوق السندات والصكوك بطبيعته لا يزال متدنيًا. البعض الآخر يتحدث عن موانع أو تحفظات شرعية، ولكن هذه التحفظات إذا صدقت على سوق السندات فإنها غير مقبولة بسوق الصكوك؛ إذ كانت التخمينات تشير إلى طفرة في تداولاتها والإقبال على إصداراتها. أما البعض الآخر فيتحدث عن عدم فتح السوق حتى الآن للمستثمرين الأجانب كافة. وفي اعتقاد وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ»الجزيرة» فإن تنظيم هذه السوق لا يزال فقيرًا، ولم تلقَ الاهتمام حتى الآن رغم أن إمكانياتها كبيرة وهائلة، ولم تُستغل؛ وتحتاج إلى منظومة جديدة، تهتم بالتسويق وخلق الثقافة، وإبراز مدى أهميتها للأفراد والمستثمرين وأيضًا للحكومة، حتى أن البعض يدعي أن السبب الرئيسي في إخفاق سوق السندات والصكوك هو الاهتمام المبالغ فيه وغير العادل بسوق الأسهم. فسوق الصكوك هي الأكثر استقرارًا، والأكثر زخمًا إن حظيت بالاهتمام والتنظيم المطلوب.