التنظيم.. والقوة «الشرائية» والتوسع في الخدمات الإلكترونية أبرز المقومات ">
الثقافية - محمد المرزوقي / تصوير - عبدالملك القميزي وإبراهيم الدوخي:
ودع معرض الرياض الدولي للكتاب 2016م مساء أمس زواره، بعد عشرة أيام شهدتها العاصمة الرياض في أحد أبرز المحافل الثقافية الوطنية، إذ ما يزال معرض الرياض من دورة إلى أخرى محط أنظار المثقفين من مختلف مناطق المملكة عامة، ووجهة الأسر بمختلف فئاتها من مواطنين ومقيمين في العاصمة بصفة خاصة، في ظل الحضور الذي يمثله معرض الرياض بين مختلف المعارض العربية، نظراً لما يحظى به -أيضاً- من رعاية كريمة من لدن مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- كان من شأنها تسخير كافة وسائل ومقومات النجاح للمعرض، وتذليل كافة الصعوبات، الأمر الذي جعل من المعرض عرسا وطنيا للمؤلف.. والناشر.. والقارئ.. محلياً وعربياً.
«تجارب الشباب» أصوات تستحق الإنصات
تجارب الشباب في معرض الرياض الدولي للكتاب جاءت عبر عدة مستويات، التي تتمثل في إشراك الشباب بشكل فاعل من دورة إلى أخرى، التي تأتي بدء بإشراكهم بفاعلية في الاشتراك في دفة هذه المناسبة في مختلف لجان إدارة المعرض، وصولاً إلى تقديم مجموعة من الأصوات الشابة من خلال منصة (البرنامج الثقافي) وذلك عبر العديد من الفعاليات التي جاءت عن «تجارب الشباب» ضمن عدة موضوعات في مجال التأليف، والإبداع، والنشر، والنشر الإلكتروني، والمشاركة بنصوصهم في هذا المحفل الثقافي.
إن حضور الشباب في المهرجانات الثقافية، من الأهمية بمكان من حيث إشراك أصواتهم، والالتفات إلى مختلف نتاجهم الثقافي، وإشراك تجاربهم مع الناقد، والأديب صاحب التجربة، وصقل تجربهم من خلال تقديمهم عبر برامج المؤسسات الثقافية والأدبية، وعبر منصات كليات الجامعات، وخاصة أقسام كليات اللغة العربية، حتى لا يكون سماع صوتهم «موسمياً».
«ما بعد منصات التوقيع» تكاملية التلقي أفراداً ومؤسسات
300 إصدار شهدتها «منصات التوقيع» الست في معرض الرياض الدولي للكتاب، إضافة إلى ما شهدته منصات التوقيع في معرض جدة الدولي للكتاب، إذ الأمر يضع رقماً من المؤلفات الجديدة إلى جانب أخرى لم يتم توقيعها، الأمر الذي سيجعلها أمام مشهد ثقافي لمدة عام قبل أن تحل الدورة المقبلة للمعرض، حيث ستكون هذه الإصدارات أمام تساؤلات المقروئية، ودور النقاد تجاهها، ودور المؤسسات الثقافية، والأندية الأدبية في مدى قدرتها على التعاطي مع هذا المنتج عبر عدة قنوات من القراءة، والتحليل، والتقييم، والتقديم من خلال منابرها، أو الإقبال على تلك الأسماء بالتعزيز والطباعة لها.
كما أن التعرف على المنتج «الشبابي» عبر هذه المنصات، أشبه ما يكون بالمسؤولية التكاملية بين القارئ عامة، والناقد على بصفة خاصة، والدارسين والباحثين من أقسام كليات اللغة العربية في أقسام النحو والصرف، والأدب، والنقد والبلاغة، إلى جانب التفاتة الأندية الأدبية، والكتاب في الشأن الأدبي، والمحررين في الأقسام الثقافية، لتكون «مؤلفات الشباب» حاضرة أمام هذا التناول الذي من شأنه أن يسهم في صقل مؤلفات الشباب الثقافية عامة، والأدبي منها والإبداعي تحديداً.
«الأندية الأدبية» بين الحضور وشبه الغياب!
من دورة إلى أخرى لحضور الأندية الأدبية في معرض الرياض الدولي للكتاب، يتضح مدى «التباين» الكبير، لمشاركة ستة عشر نادياً ثقافياً أدبياً، من خلال هذا المحفل الوطني، إذ يأتي هذا التباين بين الأندية عبر عدة مستويات، يأتي منطلقها الصورة الثقافية والأدبية التي يعكسها نشاط النادي في موسم ثقافي، إذ تشكل الإصدارات ملمحاً هاماً، وقيمة رئيسة لمدى اهتمام النادي بالمنتج الثقافي والإبداعي، الذي يعد ركيزة أساسية في المجلات الأدبية والثقافية التي تعمل الأندية على الاشتغال بها.
كما أن حضور الأندية الأدبية، من خلال معرضي الرياض وجدة، سواء من خلال جناح، أو من خلال حضور إصدارته عبر دور النشر التي تطبع بالتعاون معها، يعد صورة «قيمية» للحضور الموسمي، إذ يكاد يكون «عدد» إصدارات النادي، بوصفها إصدارات «محكمة» تمثل الوجه الآخر من عملة النشاط الثقافي للنادي، إلى جانب ما يضيفه ويضفيه حضور النادي في جناح مستقل على تقديم الصورة الذهنية لزوار المعرض من حضور هذا النادي في مقابل تغيب آخر، أو تواجد نادي آخر في شكل حضور أشبه ما يكون بـ«الغياب» من خلال الاكتفاء بتقديم الإصدارات الجديدة عبر دور النشر المشاركة في المعرض، الأمر الذي ينعكس على صورة النادي تجاه المؤلف، والناشر، والقارئ، والمثقف الذي تظل صورة النادي وصوته غائبا عنه حتى في معارض الكتاب.
«بين الرياض.. وجدة» جناحان دوليان للكتاب
أكد عدد من الناشرين لـ«الثقافية» استمرار معرض الرياض في محافظته على الريادة التي أصبحت تميزه بين مختلف المعارض العربية، حيث ما يزال الأكثر حضوراً وقوة شرائية بين معارض الكتب العربية، إذ إن الرقم الذي عكسه حجم حضور الزوار المقبلين على زيارة المعرض، قابله -أيضاً- ضمن رقم الإقبال شريحة ليست بقليلة ضمن رقم الزوار من الذين ما يزالون يقبلون على اقتناء الكتاب بشكل لم يتراجع مما يجعل رقم الاقتناء ينعكس على مجمل الرقم الإجمالي بشكل جيد يعزز حضور قوة معرض الرياض الشرائية.
ومع هذا الحضور لمعرض الرياض الدولي للكتاب، فقد أكد عدد من الناشرين العرب، أن معرض جدة الدولي للكتاب، الذي عاد بعد توقف لقرابة الخمسة عشر عام، عاد في دورة أولى 2015م بنسخته الدولية، محققا نجاحا سيعزز حضوره في مواصلة نجاحه للأربع الدورات المقبلة، الأمر الذي سيجعله الوجهة الأخرى للناشرين العرب، محققا بذلك «تكاملية» حضور وإقبال للنشر والقارئ للكتاب المملكة في معرضين دوليين.
«التوسع في الإحصاء» معيارية أعلى لدورات مقبلة
حرصت وزارة الثقافة والإعلام، ممثلة في وكالة الوزارة للشئون الثقافية، أن تستثمر جوانب تقنية في تنفيذ هذه الدورة من المعرض، للتعرف على حجم الزوار، والتعرف على الفئات العمرية من الزوار، ومعرفة الأكثر مبيعاً، ومن ثم التعرف على «فاعلية» حضور دور النشر المشاركة، الذي يعكس مدى حجم الإقبال على منشوراتها، مما يفرز رؤية «امتياز» معيارية تنمو من دورة إلى أخرى، ليصبح حضور الدور المشاركة نوعيا، أكثر منه رقما -كما- الأمر الذي سيجعل من حضور دور النشر في الدورات المقبلة في معرضي الرياض وجدة حضوراً نوعياً، وموسميين ثقافيين للكتاب العربي، ليكون حضوره بمثابة استحقاق للمشاركة في معارض الكتب.
«معارض الكتاب» قاعدة معلوماتية للمثقفين
تأتي معارض الكتب على قائمة أهم وأبرز الوسائل التي يتم من خلالها وجود قوائم للمؤلفين والناشرين والمثقفين المشاركين، والآخرين المدعوين إلى معارض الكتاب من دورة إلى أخرى، الأمر الذي يجعل من معارض الكتاب، بمثابة مناسبات على وزارة الثقافة والإعلام استثمارها إلى جانب المناسبات الثقافية الأخرى، والأسابيع الثقافية داخل وخارج المملكة، وعبر مؤسساتها الأدبية والثقافية، وذلك عبر (16) نادياً أدبياً ثقافياً، وعبر فروع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون في مختلف المناطق للوصول إلى قاعدة بيانات معلوماتية للمثقفين والمثقفات في مختلف المناطق.
«ضيف الشرف» حضور لما يتجاوز المسمى
درجت المعارض الدولية على أن يكون اختيار دولة ما ضيفا للشرف «عرفاً» تنظيمياً، لا يكاد يكون في عامة المعارض العربية أكثر من مجرد أعراف تتداولها معارض الكتب، لتكون أشبه ما يكون بعبارة شرفية يتم استبدالها بمسمى دولة من دورة إلى أخرى، عطفا على واقعية حضور ضيف الشرف في المعارض العربية تحديداً.
إن المتابع لحضور «ضيف الشرف» في الدورات السابقة لمعرض الرياض الدولي للكتاب يكاد يلمس فوارق كبيرة من ضيف إلى آخر، إذ يكون للحضور الشرفي حضور حافل من خلال البرنامج الثقافي تحديداً، ومن خلال عدد المدعوين وتنوع مجالات ضيوف الشرف، ومدى تواجدهم من خلال الجناح المعد لهم، إلى جانب اللغة كقاسم مشترك بين زوار المعرض والضيف، أو وجود عدد من المترجمين خلال ساعات المعرض في مقر ضيف الشرف.
إلا أن هذا الحضور الشرفي ظل في عدة دورات، وخاصة في هذه الدورة المنصرمة للمعرض، بمثابة الاسم الشرفي، بعيداً عن وجود الحضور الذي كانت تنظره النخبة الثقافية، من خلال البرنامج الثقافي، أو من خلال الحضور «الحقيقي» من حلال جناح ضيف الشرف، الذي لم يكن يتجاوز حضور «الفرجة» لعابري الجناح، أو إلقاء تحية أو ابتسامة مرور على بعض المتواجدين من حين إلى آخر من الضيوف، الأمر الذي يعيد التساؤلات حول مدى القناعة في هذا الحضور «الشكلي» ومدى الجدية في استثماره بشكل فاعل عبر آلية تجعل من التنظير المعروف عن ضيف الشرف وحضارته وخارطته الثقافية عالمياً، فعلاً ثقافياً «معاشاً» طيلة أيام المعرض، عبر برنامج خاص بضيف الشرف، يتم إعداده بشكل متقن، يجسد حقيقة الضيافة في محفل ثقافي دولي.
«الجهات الأمنية» النجاح في إدارة الحشود
يمثل معرض الرياض الدولي للكتاب، أحد أبرز المهرجانات الثقافية الوطنية، إلى جانب المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية» إضافة إلى مهرجان «سوق عكاظ» ومعرض جدة الدولي للكتاب، وغيرها من المهرجانات الوطنية المختلفة، التي تشهد إقبالاً كثيفا من الزوار في أوقات (محددة) وأماكن (محدودة) -أيضاً- الأمر الذي جعل من تكاملية الأداء المتميز لمختلف القطاعات الأمنية، في إدارة دفة هذه المناسبات الثقافية، يشكل الجذر الرئيس في نجاح هذه الفعاليات تنظيما، ومتابعة، وتقديما للخدمة -أيضاً بدء بالنجاح في إدارة الحركة المرورية، وانتهاء بالنجاح الشامل للم حافل الثقافية الوطنية التي تشهد إقبالاً جماهيرياً كبيراً، ما جعل من تكاملية الأدوار بين الجهات الأمنية في إدارة «الحشد» نجاحا محل إعجاب وإشادة الزوار، من مواطنين.. ومقيمين.. وضيوف على هذه المحافل الثقافية الوطنية.
«آخر ساعة» تخفيضات السعر الأخير
دائماً ما تصاحب كل دورة من دورات المعرض «الشكوى» من ارتفاع الأسعار، التي ربما لا تكون هي الموجة الأغلب، وإن كان وجودها ينحصر في شريحة من الناشرين الذين يعرفون مدى إقبال القارئ السعودي، على أسماء معينة من المؤلفين، أو عناوين لاحظوا الإقبال عليها في دورات سابقة، رغم أن إدارة المعرض في كل دورة تضع العديد من وسائل التواصل الفورية، والمباشرة مع إدارة المعرض حول جوانب مختلفة يأتي ضمنها عدم التزام الناشرين بالأسعار.
وفي هذه الدورة سعت وكالة الوزارة للشئون الثقافية إلى الشروع في ضبط الأسعار عبر التطبيقات الحاسوبية، التي من خلالها يستطيع الزائر التعرف على أسعار الكتب، ومن خلال الأجهزة اللوحية التي تم توزيعها على الناشرين، التي أخذت بعض هذه التطبيقات الجانب الاختياري في هذه الدورة، إلا أنها ستكون ملزمة لكافة دور النشر المشاركة في الدورة المقبلة، الأمر الذي سيجعل الزائر أمام ثقة بأن التلاعب في الأسعار من قبل شريحة من الناشرين أمراً لا يمكن حدوثه.
ومع عدم تعميم هذه التطبيقات على جميع دور النشر، كخدمة إلزامية يتم من خلالها البيع والشراء وطبع الفواتير، ومع عدم اهتمام شريحة من الزوار على معرفة أسعار الكتاب الذي يريد اقتناءه من خلال التطبيقات الحاسوبية، فقد شهدت الفترة المسائية ليوم أمس، إقبالاً على الشراء، رغبة منهم في الحصول على تخفيضات آخر ساعة.