فايز آل صفوان ">
قبل ما يربو على إحدى وعشرين سنة، كان الموجه التربوي يأتي إلى مدرستنا فنرى اختلافاً فسيولوجياً يعتري نفسية المعلمين؛ لا تخوفاً من قراراتهم الإدارية فحسب بل اعترافاً وإجلالاً لتمكنهم الفني المؤثر والواضح لدينا نحن الطلاب، فضلاً عن المعلمين.
وما زلت أتذكر ذلك الموجه التربوي عندما ينبري نهاية الحصة فيشرح بعض عناصر الدرس بأسلوبه المميز الأخّاذ وبقوة معرفته ووصوله للهدف بأسهل الطرق وأبسط الوسائل المتاحة.
كان التوجيه التربوي قوياً منيراً بمدخلاته وعملياته؛ مما جعل مخرجاته في نفس المستوى، ومنذُ ذلك الحين إلى وقتنا الحالي حدث الكثير من المتغيرات والتطورات على ساحة الإشراف التربوي بعضها تُنهضُه وبعضها الآخر تُسقطُه، لكن على مرِّ تلك المراحل ما زال الإشراف التربوي هو قلب التعليم النابض، وبه تنهض العملية التعليمية وتستقيم أركانها، وإنني كثيراً ما أتساءل:
أليس من المفترض على وزارتنا الموقرة أن تولي هذا الرافد التربوي والتعليمي المهم عنايةً واهتماماً، خاصة خلال هذه المرحلة المهمة والخطيرة؛ ليكون المشرف التربوي قائداً متمكناً، وباحثاً مبادراً وخبيراً بصيراً، يملأ الميدان معرفة ومهارة وعلوماً، فلماذا وبعد هذه الأهمية التنموية الوطنية المهمة التي تدير أكثر من خمسة ملايين طالب وطالبة وقرابة النصف مليون معلم ومعلمة ألا تُخصص لهم الحوافز المادية المناسبة، وتهيأ لهم البيئة الإشرافية المتميزة، بل وتعطى لهم الصلاحيات المساندة، ويزودون بأعلى أنواع التطوير المهني جودةً، وأفضلها معيارية؛ مما تجعلهم مؤهلين ومدربين يتمتعون بكفاءة عالية وانتماء ورضا وظيفي آمن، وتكسبهم القدرة على التصدي لمتغيرات العصر وتحديات المستقبل!
إن ضرورة التغيير في تهيئة مقومات الإشراف التربوي ضرورة حتمية لا بد أن يراجعها المسؤولون؛ كي نجني نواتج تعليمية متميزة، قادرة على صناعة مجتمع المعرفة.
- أمين إدارة التعليم بمحافظة النماص