مليشيا الحوثي وقوات المخلوع تنتهك في اليمن كل الأعراف والمواثيق والعهود الدولية وترتكب أبشع الجرائم بحق المدنيين ">
الجزيرة - بشير عبدالله:
مضى أكثر من عام على قيام ميليشيا الحوثي والمخلوع صالح في اليمن بانقلابهم على الشرعية الدستورية وارتكابهم لأبشع الجرائم والانتهاكات بحق الإنسان اليمني ومقدراته والاعتداء على جيرانها في الحد الجنوبي للمملكة العربية السعودية في تحدٍ صارخ لكافة الأعراف والقيم والمواثيق والعهود الدولية، لتصبح بذلك جماعة إرهابية مارقة.
العديد من المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية اليمنية رصدت في تقارير ميدانية جرائم وانتهاكات الانقلابيين والتي تعددت وتنوعت, لتشمل الحجر والشجر والبشر ولم تترك داراً ولا قرية أو منطقة أو مدينة في اليمن إلا وباتت شاهداً على جرائمهم البشعة.
لقد خاضت اليمن مع ميليشيا الحوثي منذ عام 2006 ست حروب قضت خلالها على آمال الكثير من الناس في محافظة صعدة اليمنية وسقط على إثرها آلاف الشهداء من المدنيين وقوات الجيش اليمني فضلاً على اعتداءتهم المتكررة على الأراضي السعودية، ولأن الحكومة اليمنية حينها لم تعالج المسألة معالجة جذرية واكتفت بمعالجات آنية استفحل شر هذه الجماعة وازداد خطرها ليصل بها الحال في عام 2015م إلى أن تفرض التهجير القسري بحق قرى بأكملها وباشرت أولى جرائمها بهدم المساجد ودور العلم ومنازل مناهضيها، ليصل بعد ذلك خطرها إلى وسط قلب الدولة اليمنية, حيث تتالت اعتداءتها على مقدرات الدولة واستولت على معسكرات ونهبت سلاح الدولة وكونت لنفسها جيشاً ميليشيا في انتهاك صارخ لكل الأعراف الدولية وبدأت في الهجوم على المدن بدءًا بمحافظة عمران وصولاً إلى قلب العاصمة اليمنية صنعاء, لتستولي فيها على المؤسسات وتفرض الإقامة الجبرية على رئيس الدولة عبدربه منصور هادي والحكومة اليمنية وتنفذ بقوة السلاح الذي تضاعف لديها انقلاباً على السلطة، وهكذا تمددت في أرجاء وربوع الوطن اليمني مسيطرة على كل مقدرات البلد الفقير في الأصل تحت مبرر إنقاذ الشعب اليمني من بعض الإصلاحات الاقتصادية التي شرعت في تنفيذها الحكومة مضطرة نتيجة المتغيرات الدولية والوضع الاقتصادي الحرج الذي تمر به اليمن والمنطقة.
جرائم وانتهاكات الميليشيا الانقلابية في اليمن استمرت لأكثر من عام، حيث مارست هذه الجماعة الإرهابية العبث في النظام المالي والنقدي والمصرفي مما نتج عنه عُجز كبير في الميزان الاقتصادي، فقد بلغت الأرصدة المسحوبة من البنك المركزي في صنعاء نحو ترليون ونصف الترليون ريال يمني في نهاية 2015م, حيثُ قُيدت قرض مباشر على حساب عام الحكومة، وقد استخدمت المليشيا جزءاً أساسياً من هذه المبالغ في تغطية عملياتها الحربية ضد أبناء الشعب تحت مبرر أنها نفقات أجور ومرتبات، كما أن ميزان المدفوعات سجل عجزاً كبيراً, حيث انخفض الاحتياط الخارجي من 5.2 مليار دولار في سبتمبر 2014م إلى نحو 2.3 مليار دولار في نهاية 2015م يتضمن الوديعة السعودية البالغة مليار دولار.
جرائم تلك المليشيات تنوعت أيضا ًبين القتل واتخاذ المعتقلين دروعاً بشرية والتعذيب حتى الموت والاعتقالات التعسفية التي طالت المدنيين والسياسيين والناشطين وغيرهم منذ أن بدأت تلك المليشيات بالصراع المسلح.
ولعل ما عانته مدينة تعز من قِبل الميليشيات منذ أكثر من تسعة أشهر في ظل حصار مطبق استخدمته كسلاح فتاك ضد المناوئين لها والموالين للحكومة الشرعية إلا خير دليل على ذلك، حيث مارست الجماعة الانقلابية الحصار الجماعي والذي أخذ أشكالاً متعددة وتركز تحديداً حول منع إدخال المواد الأساسية والضرورية والحاجات اليومية لحياة السكان المدنيين التي لا يمكن الاستغناء عنها والعيش بدونها كمنع دخول المياه الصالحة للشرب والمواد الغذائية, وأسطوانات الغاز, ومعونات الإغاثة الإنسانية, ومنع إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية وأسطوانات الأكسجين. وقد تسبب الحصار في إغلاق وتوقف كافة مستشفيات مدينة تعز عدا (3) مستشفيات عملت بشكل جزئي من أصل (37) مستشفى وإغلاق (65) مستوصفاً ومركزاً طبياً وأكثر من (43) صيدلية. وتسبب حصار مدينة تعز في عدة كوارث إنسانية تمثلت في زيادة الأسعار وضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين واختفاء المواد والاحتياجات الأساسية من الأسواق وحصول عدة حالات وفاة بسبب انعدام أسطوانات غاز الأكسجين في المشافي، وانعدام الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة.
ووفقاً لما رصدته منظمات المجتمع المدني اليمنية المعنية بحقوق الإنسان ووزارة حقوق الإنسان اليمنية, ومنظمات حقوقية دولية فقد بلغ إجمالي الانتهاكات في اليمن 66277 حالة منذ الأول من ديسمبر 2014 وحتى نهاية ديسمبر الماضي وشملت 17 محافظة من أصل 22 محافظة منها مقتل 8202 مدني بينهم 508 أطفال و470 امرأة, وإصابة 19882 مدنياً بينهم 2296 طفلاً و1927 امرأة, فيما احتجز تعسفاً 8458 شخصاً, كانت شريحة السياسيين هي الفئة الأكثر احتجازاً, حيث وصل عدد المحتجزين سياسياً 4649 شخصاً, فيما كانت فئة الإعلاميين المحتجزين هي الثانية في قائمة المحتجزين لدى الحوثيين وبلغت 191 إعلامياً, بالإضافة إلى 2028 ناشطاً و 1421 آخرون و159طفلاً و10 نساء.
وبلغت حالات التعذيب 1077 حالة وحالات الاختفاء القسري 2706 حالة, فيما بلغت حالات الاعتداء على الممتلكات العامة 2780 حالة طالت النسبة الأكبر منها المرافق التعليمية, حيث بلغت 834 مرفقاً تليها دور العبادة التي وصلت إلى 598 داراً ومسجداً, ثم 574 مقراً حكومياً و 435 مرفقاً خدمياً و279 مرفقاً صحياً و60 موقعاً أثرياً.
وبلغت الاعتداءات على الإعلام والحريات 257 حالة منها 98 حالة قمع احتجاجات وحجب 86 موقعاً إلكترونياً وإغلاق 38 صحيفة و13 منظمة مجتمع مدني وحظر 9 قنوات وإغلاق 8 إذاعات, فيما طالت تلك الانتهاكات الاعتداء على الممتلكات الخاصة والتي بلغت 22915 بينها 20311 منزلاً, و1500 محل تجاري 406 مقر خاص, و351 مزرعة و186 وسيلة نقل و73 مصنعاً.
ومن الانتهاكات أيضاً زراعة حقول الألغام في المناطق التي تنسحب منها الميليشيا, والتي في معظمها تكون مناطق وأحياء سكنية، وقد كان مما زرعته الميليشيا وهو ما تم استخراجه آلاف الألغام في كل من محافظات عدن ولحج وأبين والضالع وتعز ومأرب والجوف والتي قتلت مئات المدنيين وتسببت في إصابات وإعاقات دائمة لعشرات اليمنيين بينهم نساء وأطفال.
كما طالت جرائم وانتهاكات الميليشيا في اليمن الآثار والمواقع التاريخية والحضارية والمدارس والمكتبات كما في تعز وعدن اللتان هدمت وأحرقت الميليشيا فيهما عشرات المواقع والأماكن التي كانت اليمن بها تفاخر بين الأمم والتي تمثل قيمة حضارية وتراثية وتاريخية.
ومن جرائم الانقلابيين في اليمن تمزيق النسيج الاجتماعي اليمني ونشر ثقافة الكراهية والطائفية والمناطقية والفكر المتطرف وتشجيع الإجرام.
ولم يقتصر الحال عند هذا الحد فقد وصلت جرائم الميليشيا الانقلابية في اليمن إلى داخل الأراضي السعودية والتي بدأت بمناورات عسكرية على الحدود, لتتطور إلى اعتداء سافر على المناطق الحدودية وذلك بمحاولات تسلل عناصر الميليشيا إلى الأراضي السعودية للقيام بأعمال إرهابية وأيضاً قيام الميليشيا بإطلاق القذائف والصواريخ البالستية صوب المدن السعودية فتهدمت منازل وأصيبت مدارس ومراكز صحية في تعد صارخ لكل المعاهدات والمواثيق الدولية، ولعل قيام الميليشيا بعد سريان إعلان التهدئة قبل أيام إلى تطهير مناطق عديدة من الألغام التي زرعتها لخير دليل على تلك الجرائم.
إن جرائم الحوثي وصالح في الأراضي اليمنية والسعودية على حدٍ سواء ترتقي في معظمها إلى جرائم حرب وستطال العدالة الدولية يد مرتكبيها لا محالة كونها جرائم لا تسقط بالتقادم.