سعد بن عبدالقادر القويعي
أصبحت قضية التنظيمات الإرهابية قضية الساعة، بعد أن استقطبت اهتمام الشعوب، والحكومات في كل دول العالم؛ نظراً لما يترتب عليها من انعدام الأمن، والإضرار بالممتلكات، والمنشآت العامة، والخاصة، وتوتير العلاقات السياسية بين الدول؛ ولأن فقه المرحلة يقتضي إحياء الوعي في صفوف الأمة، وكشف زيف حزب الله اللبناني، الذي انخدع به خلق كثير، وذلك عن طريق متابعة، ورصد، وتحليل الدراسات، والتقارير، والتصريحات، والبحوث التي تتسرب من المراكز البحثية، والمؤسسات السياسية المبني على الدليل الصحيح، ونشره في أوساط المهتمين، وتوسيع أبوابه؛ مما يعصم الأمة من تلك المخططات الإجرامية؛ فقد قررت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، اعتبار ميليشيات حزب الله، بكافة قادتها، وفصائلها، والتنظيمات التابعة لها، والمنبثقة عنها، منظمة إرهابية؛ جراء استمرار الأعمال العدائية التي يقوم بها عناصر تلك الميلشيات لتجنيد شباب دول المجلس؛ للقيام بالأعمال الإرهابية، وتهريب الأسلحة، والمتفجرات، وإثارة الفتن، والتحريض على الفوضى، والعنف في انتهاك صارخ لسيادتها، وأمنها، واستقرارها.
من البدايات، كان ارتباط حزب الله بالمشروع الإيراني واضحاً، فإيران هي الشريان لحزب الله، و لعب «أمينها» حسن نصر الله دور صلة الوصل بين إيران، وقواتها في لبنان. فكانت إيران الأم الرؤوم، والمرعى الخصيب، والمحضن الدافئ لحزب الله، فنمت تلك العلاقة بسرعة وثيقة، وتراكمت إيجابياتها - منذ اللحظة الأولى -، وذلك لأسباب عدة، من أهمها: إيمان كل من إيران، وحزب الله بنظرية ولاية الفقيه، وأن الإمام الخميني، هو القائد الولي الذي يترجمها في عصرنا الحديث؛ مما أدى إلى الالتقاء في إطار القيادة العالمية الشرعية الواحدة، إضافة إلى العمل على تصدير الثورة الإيرانية إلى العالم الإسلامي؛ من أجل إقامة دول الهلال الشيعي، حسب ما يخططون، ويسعون له.
إن ضرورة تمحيص النظر إلى خلفية الحزب المذهبية، والطائفية، والتي نادى بها العارفون ببواطن الأمور؛ نتيجة التضليل الإعلامي العاطفي، القائم على الإكبار، والإجلال، فكان أن تحرك المتلقي تبعاً لمراد الموجه؛ لانخداعهم في عقائدهم، وأفكارهم، قد اختفت في فترة مضت مع القضايا الكبرى، والتي حدثت على أرض الواقع؛ لكنها اليوم أصبحت منطقية؛ لاعتبار حزب الله اللبناني منظمة إرهابية، كونه يمارس استفراداً بالقوة العسكرية، واستبداداً بصنع القرار السياسي في لبنان، بعيداً عن الدولة التي تحكمه, ولذا فإن الطبيعة الدقيقة للروابط العملياتية بين الأنشطة الإجرامية، والقضايا الإرهابية، تستدعي إدراج منظمة حزب الله اللبنانية، والمدعومة من إيران في قائمة الإرهاب, تبدو فرصة مناسبة؛ للتأكيد على اعتبار منظمة حزب الله اللبناني منظمة إرهابية، بمشروعها «السياسي والعسكري», سواء على الصعيد الداخلي، أو الخارجي للدولة اللبنانية، والتي انطلقت من إستراتيجيته التكتيكية، ووفق رؤيته الأيديولوجية الضيقة؛ من أجل استنساخ التجربة الخمينية، والعمل على تحويل الاصطفاف اللوجيستي، والمادي، والعسكري، بكل ثقله ضد أحداث المنطقة, ومن قبل موقفه المخزي من أحداث في سوريا، واليمن.
في حالة حزب الله، فقد تعدى دوره إلى منظمة إرهابية، تحارب بالوكالة عن إيران «الأم» في الخطوط الأمامية, سواء كان ذلك في داخل لبنان، أو خارجه, والأخطر من ذلك، أن المنظمة سعت إلى نقل أنشطتها الإرهابية إلى الخارج؛ ولأن التاريخ السياسي، يؤكد حضوراً واضحاً لحزب الله في خندق الإرهاب - بكل مستوياته-, فإن تورطه في الحرب ضد الشعب السوري، واليمني، إضافة إلى مشاغباته العبثية ضد الشعوب العربية، تتحرك في السياق نفسه، أي: سياق تجريم هذه المنظمة التي يتزعم عصابتها، وإدراجها في قائمة المنظمات الإرهابية؛ ولتؤكد - مرة أخرى - على أن حزب الله اللبناني لا يقل خطراً عن المنظمات الإرهابية في المنطقة، والتي باتت تهدد الأمن، والاستقرار، خصوصاً وأن الحزب قد واجه في السنوات الأخيرة على أرض الواقع، صعوبة الموازنة بين الرسالة الأيديولوجية، التي يؤمن بها الحزب، وبين مصالح لبنان، واحتياجاته الوطنية.
كان على حزب الله تقدير الظروف التي تمر بها المنطقة، من خلال العمل على سد ذرائع الاعتداء على لبنان، وتعزيز الإبقاء على شبكة الأمان السياسية الداعمة للبنان في وجه الأطماع الإيرانية. فمصلحة الحزب تكمن في تجاوز انعكاسات كل ما يجري على الصعيد الإقليمي؛ حتى لا تؤثر بشكل، أو بآخر على الداخل اللبناني، إلا أن الواقع - مع الأسف - يشهد بأن حزب الله، يمثل ذراعاً حقيقياً لطهران في لبنان، وفي محيطه، بعد أن ساهمت إيران في تأسيسه، ودعمه بكل وسائل القوة.
من جانب آخر، فإن الطائفية المقيتة جعلت من لبنان - مع الأسف -، يعيش في مراتب متقدمة من دول التخلف الفكري، والصراع الديني. وما يحدث اليوم في لبنان، دليل على أن حالة اتساع نطاق عمليات العنف الطائفية، وامتدادها، هو الخطر الحقيقي في أعمال العنف الممتدة من لبنان إلى الدول المجاورة، سببه الخطاب الطائفي المتطرف؛ مما سيضفي مزيداً من الجدل على خلفية ما يحدث، ومخاطر الانزلاق إلى مشاكل متفاقمة، أبرزها: خطر الطائفية, والذي سيخلف على الأرجح، نوعاً من مشاعر سلبية لدى المعنيين. فالتحريض من خارج متاريس الصراع، يجعلنا نفكر مليّا في مساوئ فقدان دور كبير يشكل خطراً، ليس - فقط - على الاستقرار، وإنما على وجود هذا البلد، والعودة به إلى مربع الصراع الأهلي، وضرب أسس التعايش، والتوافق بين الأطياف اللبنانية.
الذي سنقوله لحزب الله اللبناني، بعد أن تبخرت أكاذيبه, وسقطت أقنعته، وانكشفت أجندته الخفية، هو أن الناس اليوم سئمت من المتاجرة بمشروع المقاومة، بعد أن ارتزق الحزب به؛ حتى وإن اختلفت أساليب الارتزاق، فتحولت تلك المقاومة إلى جبهة الانبطاح، حين حاولت مخادعة الشعوب عقوداً من الزمن، وكشفت نفسها أمام أحداث المنطقة بشعاراتها الفارغة، باعتبار أن مصالح إيران، وحزب الله في سوريا، اجتمعتا على تغيير خارطة المنطقة، حين كان ولاء الحزب، ولا يزال للدولة الصفوية في إيران؛ من أجل إحياء المشروع السياسي القديم؛ والسيطرة على بلاد الشام بلباس ديني بغيض، وقيامه بأعمال مشبوهة داخل دول الخليج العربي؛ تنفيذاً لأوامر الولي الفقيه، كل ذلك بتفهم أمريكي، وغطاء إسرائيلي مكشوف.