يوسف عبدالله الدخيل ">
الشعب أو كما يسمى عسكريا (الجبهة الداخلية) هم حصن الوطن الأول.. وهو مصدر حمايته الرئيسي من الاعتداءات الداخلية والخارجية.
فالحماية يجب ان تبدأ من الداخل. وابن الوطن يجب أن يستشعر دوره المهم في هذا المجال، ويجب أن يكون واعيا للتهديدات والاختراقات التي قد يسعى الأعداء والحاقدون للوصول إليها..
تذكر قصص التراث العالمية حكاية رمزية بهذا السياق..
فيذكر أن جيش الغزاة قد فشل في الدخول الى المدينة المحاصرة بسوركبير وعظيم.. لم تنجح محاولات الاختراق من الخارج. فالأبواب كانت موضوعة بأماكن سريعة للغاية لا يعلمها إلا أهل البلدة.
حاصر جيش الغزاة البلدة طويلا لكنه فشل.. فقرر العودة وجر الخيبة والهزيمة.. وقبيل المغادرة تم القبض على شخصين أحدهما مكتمل الرجولة والآخر في عمر المراهقة.. وكانا عائدين إلى البلدة المحاصرة. اعتبر جيش الغزو هذا صيدا ثمينا وكنزا عظيما فهما خارجان من البلدة وإليها عائدان أي أنهما يعرفان الطريق السري للدخول والخروج.
أعلن القائد ان على الجيش حط الرحال من جديد.. وأحضر الأسيران الى القائد الذي انتهج الطرق السلمية للحصول على سر موقع بوابة الدخول.. لم تفلح محاولاته ومحاولات قادته من قبل.. ولكن وفي حضرة القائد ظهر بصيص الأمل..
همس الرجل للقائد قائلا: انا على استعداد تام لأعلمكم موقع الدخول الى البلدة. فأنا من القلائل الذين يعرفونه لأني دائم الاسفار وكثير الدخول والخروج منه وإليه.
سعد القائد بهذا.. لكن الرجل أضاف: لكن لي أسرة في البلدة وأخاف إذا انتهت عملية الغزو أن يكشف هذا الشاب سري. ويبلغ أهالي المدينة بأني أنا من بلغكم بموقع البوابة وعندها سينتقمون أهل البلدة مني ويقتلوني وقد يقتلون أسرتي..
اقتنع قائد الجيش بمقولة الرجل.. وقال: إذا ما هو الحل؟
فقال الرجل: الحل يا سيدي أن تقتل هذا الصبي وأبلغكم بموقع المدخل.. وبعد نهاية الغزو تطلقون سبيلي وأعود إلى بلدتي وأسرتي وأعيش معهم مباشرة وافق القائد.. ومن ثم نفذ أمره وقتل هذا الصبي.. أمام مرأى ومسمع الأسير الأول.. وبعد أن قتل الصبى قال الأسير للقائد: يا سيدي ان من قتلتموه هو ابني وخفت إن مارستم عليه التعذيب ان يعلمكم بموقع المدخل إلى بلدتي.. أما الآن وقد قتل فأنا لن أخون بلدي وأهلي ولن أذكر لكم موقع الدخول إليها حتى وإن قطعتموني وأحرقتموني -انتهى.
هذه القصة الشيقة تحمل عدة دلالات ومضامين وطنية وفدائية سامية ونبيلة.
والأهم أنها تجسد قوة الجبهة الداخلية والوطنية الأصيلة والأكيدة في نفوس الشعب..
ورغم التغيرات في السلوكيات والسياسات الجغرافية والاجتماعية التي مرت بها الشعوب منذ نشوء تلكم القصة حتى يومنا الحالي.
لكن الهدف السامي الذي هو جوهر القصة يبقى دون تغير مع مرور العقود والقرون من السنين..
الاختراقات والحروب بغيرت ألوانها وأشكالها وزادت قدرات الأعداء وتعددت الوسائل والواجب ان نستشعر هذا ونحاول ان لا نمكن أعداءنا من النيل منا ومن وطننا ولا من لحمتنا الوطنية ونسيجها الاجتماعي الذي ظل رغم تعدد المراحل ورغم الكوارث ويد الارهاب الغادرة متماسكا وقويا. يجب أن نسعى بتقوية الحصانة الداخلية في نفوسنا ونفوس الناشئة بالدرجة الأولى.