في آخر نفق الحزن.. ستجد لافتة كبيرة كتب عليها: «كان هنا قلب» وستجد إلى جانب اللافتة أثراً رطباً لحلم غادر للتو فإذا وجدت كل ذلك فابدأ بالتوقف عن الوجع واتجه صوب ضحكتها الأخيرة، وامش ثماني وعشرين خطوة للخلف مغمض العينين.
ستدخل في إغماءة.. لا تقلق سيعادوك النور بعد الخطوة العشرين، لكن تذكر إياك أن تلتفت!!
في الخطوة العشرين ستظهر لك لافتة أخرى كتب عليها: «لست وحدك ولكن ليس معك أحد» سيغطي المكان نور مفاجئ ثم يختنق!
لا تقلق ستعتاد غياب النور وتدفق الحنين.
حسب قوانين الصدفة ستلتقي رجلاً كان يحب الحياة.. لا تكترث.
أثناء رجوعك ستحوم حولك فراشات مضيئة تشبه ضحكاتها، تحمل تفاحة وخطيئة، كل التفاحة دون أن تستغفر، واكسر كل آنية الفرح بعدك، وتذكر دائما.. بألا تلتفت.
سيحط بعدها على رأسك طائر الصمت، وينهار حائطان من حولك، قيد مهترئ سينكسر، فإذا سمعت صوته فتلك هي آية رحيلك، اتل تعويذة الغياب، وصل ركعتي الحزن وامض دون أن تلتفت..
فأنت الآن تغادر حياتك الثانية وتعود إلى موتك الأول!! ربما تغضب منك (أفرودايت) لكنها لن تعاقبك، ومن العالم السفلي ستلوح (عشتار) معاتبة، لا تلق بالاً واستكمل نبوءة الحزن،
ولكي تتأكد بأنك عبرت حدود موتك ستشتم رائحة حزن معتق، وستجد على رفك القديم أقماراً مكدسة لا تضيء، وشمساً مرهقة تؤدي وظيفتها المعتادة، ستجد أيضاً نعش الأمنيات تحمله ملائكة الحزن..!!
أنت الآن في آخر الصمت..
لن يحترمك الموت إن توقفت الآن عن الحياة!!
افتح عينيك واقرأ نظرتها الأخيرة، وإن أغرتك بالرقص على إيقاع عطرها لا تفعل!
فلن يحترمك الموت هذه المرة أيضاً، وبصمت الموتى احمل أمانيك الميتة أيها البائس، احملها برفق دون أن يراك أحد، ولا تفتش عن وجعك، وامش ثماني وعشرين خطوة للخلف، واكسر كل آنية الفرح، وابدأ من جديد وتذكر دائماً بألا تلتفت..!!
- قصة قصيرة/ أحمد عثمان رحماني