منذ سنوات والأستاذ أحمد محمد محمود يبذل جهداً كبيراً في عمله الموسوعي (جمهرة الرحلات)، وصفه عدد من المتابعين بأنه جهد خارق.. وغير مسبوق في الجمع والاختيار من بين كمية كبيرة من أدب الرحلات..
هذا العمل الموسوعي والتوثيقي الكبير يمثل إضافة للمكتبة العربية، لكونه يرصد معلومات مهمة عن هذه الرحلات للمملكة في سنوات مضت.. قدمها الباحث الأستاذ أحمد محمد محمود بأسلوب جميل.. وتفرد كل جزء منها بموضوع محدد.
وكتاب (رجلات ورحالة إلى أرجاء المملكة العربية السعودية) يتضمن تغطية موسعة لتاريخ الجزيرة العربية، ويقدم شهادات رحالة عرب وأجانب.
الكتاب جاء في 522 صفحة من الحجم الكبير.. ويقول المؤلف: طبيعي أن يكون الحج إلى بيت الله الحرام وزيارة المسجد النبوي الشريف الباعث الأول لتلك الرحلات التي احتلت حيزاً كبيراً في الأدب العربي والإسلامي والعالمي، ونستكمل هنا بعض حلقات الرحلات إلى المملكة بتقديم طائفة جديدة منها والتي قام بها علماء وأدباء ودبلوماسيون ومؤرخون وآثاريون.. ومما يزيد من قيمة هذه الرحلات أن أصحابها هم مجموعة مرموقة من مختلف الجنسيات والمستويات الثقافية والمكانة العلمية والاجتماعية.
يقول غرانت سي بتلر: في المملكة العربية السعودية تشكل زيارة مخيم البدو في الصحراء زيارة يقوم بها الإنسان ليتعرف على أصول ثقافة الصحراء.. وأن الصورة النمطية عند الأمريكي للعربي جاءت من أفلام هوليود التي تصور العربي وهو يرتدي عمامة راكباً صهوة جواده وهو يشق فيافي الصحراء المحرقة ملوحاً بسيفه..
الأمريكيون مخطئون إذا افترضوا أن العربي شخص متخلف، لكن البدوي العادي قادر على إثبات جدارته إذا وجد الفرصة، وغالباً ما يفاجىء المراقب له بالسهولة التي يتقن بها دروسه ويجيد بها مهاراته، وحتى يفهمنا الآخرون علينا نحن الأمريكيين أن ننظر للبدوي بوصفه رجلاً له كبرياؤه، فهو بمجرد عيشه في الصحراء يرى نفسه بطلاً، كما يرى متسلق جبل إفرست نفسه بطلاً.
لم تكن زيارتي الأولى إلى مخيم البدو متوقعة، كنا نسير بسيارتنا خلف قافلة جمال بالقرب من حفر الباطن، وكان في القافلة 12 جملاً، وكنا على مقربة منهم فتمكنا من سماع أهازيجهم وهم فوق جمالهم، لفحت الحرارة وجوهنا أثناء توغل سيارتنا عبر التلال الرملية وخلفها وفجأة مررنا بقافلة الجمال ووجدنا أنفسنا وسط مخيم للبدو، خيامهم السوداء متباعدة تماماً مثل البيادق على رقعة الشطرنج، والخيام تحيط ببئر ماء فوهتها مطوية بالحجارة السوداء، الحر كان شديداً والهواء ساكناً، ثم خرج إلينا بدوي ليرحب بنا..
تولَّد لدي احترام عميق للشخصية البدوية عندما كنت في الطائرة لأول مرة، نوق الصحراء السعودية لم يهتز عندي ذلك الاحترام بعدها، عندما نظرت من الطائرة إلى الأرض العارية الحارقة الممتدة التي تغطي أكثر من 800 ألف ميل مربع من أراضي السعودية وجدت أن من الصعب على أي كائن حي أن يعيش هناك، هذا المنفسح الواسع الذي تضربه الرياح وتلال الرمال التي تشوبها الشمس لا يحمل منها أي حائل عدا واحات عرضية فيها قليل من النخيل وآبار الماء الغالية.